Thursday, December 06, 2007

!! .. رواتب الولاء

فى جامعاتنا المصرية الثلاثة عشر، تدور أحاديث بين أكثر من خمسة وثلاثين ألف عضو هيئة التدريس، حول أعراف ولوائح مالية تدفع فى جيوب القيادات العليا بالجامعات ومعها بعض كبار الموظفين الإداريين برواتب ولاء وطاعة يحصلون عليها فى صورة مكافآت عن أعمال ومهام لا يقومون بها.

أوضح مثال على رواتب الولاء فى الجامعات هو مكافآت الامتحانات، ففى جامعاتنا مئات الألوف من الطلاب يتعرضون طوال العام الدراسى لامتحانات واختبارات متنوعة، فمن العدل أن تصرف الجامعة مكافآت لمن يشاركون مشاركة فعلية فى لجان الامتحانات والاختبارات، ومن الفساد الإدارى أن تصرف مكافآت لأفراد بحكم وظائفهم فى الإدارة العليا يقومون بالأشراف العام على امتحانات تجرى فى نفس الوقت فى أكثر من لجنة وأكثر من كلية، فمعنى ذلك أن واحدا من الموظفين يأخذ آلاف الجنيهات من الأموال العامة مقابل قيامه منفردا بأعمال معجزة يحتاج إنجازها إلى حوالى أربعمائة وخمسين يوم عمل فى كل سنة، وتفسير هذا أن القيادات العليا فى الجامعات تبيح لنفسها مخصصات ومكافآت تتناسب طرديا مع طبيعة الفساد الإدارى، فقيادة كبيرة فى جامعة ما يحصل على أضعاف ما يحصل علية نظيره فى جامعة أخرى حسب عوامل التوجه الأخلاقى وعدد الطلاب والتخصصات العلمية، انه أمر غير مبرر حضاريا أن توضع لوائح وقوانين فى الجامعات يحار معها أعضاء هيئة التدريس فى حساب الفروق بين مرتباتهم ودخولهم وبين مثيلاتها عند نظرائهم فى الجامعات المختلفة، بل تحدث الفروق غير المنطقية فى نفس الجامعة ونفس الكلية.

أمر المرتبات والمخصصات والدخول للعاملين فى الجامعات يحتاج إلى شفافية فى تشريع القوانين، شفافية تفصل بين الأعباء والمخصصات والمرتبات لكل وظيفة على حدة، ويصاحب الشفافية توضيح إعلامى لكل من يهمه الأمر، يحدد به مدى صلاحية الدخول والمرتبات لأن تكون وعاء ضريبيا واجتماعيا يقيس مشاركة الجميع فى بناء المجتمع ماديا وأخلاقيا.

تطبيق الشفافية على جدول الوظائف والمرتبات فى الدولة، يقلل اعتماد المجتمع على الوظائف الهلامية متواضعة الأجر التى يقبلها شاغلوها أملا فيما تدره عليهم من دخول غير منظورة، مثل وظائف عمال محطات البنزين والمقاصف والملاهى وأساتذة الجامعات، يقبلون وظائفهم بمرتبات قانونية لا تزيد عن عشرات الجنيهات، وعند التطبيق الفعلى لأركان الوظيفة تصل دخول بعضهم إلى الآلاف من الجنيهات حسب المكان والزمان وعدد طالبى الخدمة.

فى الدول الفقيرة، تسود ظروف عمل شخصية متخلفة، تحكمها أخلاقيات فقر ويسود منطق عصمة القيادات، وتنتشر معايير سرية لتقييم الأعمال، وتوزع الوظائف الكبيرة على أهل ثقة ينشرون أدوات التعمية على دخولهم ومرتباتهم، وتتسع الشقة بين قيمة العمل وقيمة الأجر المدفوع، ويصعب تصنيف مصادر الدخل ومحاسبة الناس على طرق مشاركتهم فى بناء المجتمع، ويكون العمل التطوعى غير متكافئ من حيث العائد ويمثل سلوكا دعائيا يعتمد على قيم أخلاقية ترى فى مطالبة الغير بشفافية الدخول والمرتبات نوعا من الحسد وتقطيع الأرزاق.


فى الدول الغنية, تسود ظروف عمل موضوعية علمية، ترعى كفاءة الإنسان وقدراته، يوضع الأجر مقابل عمل منتج ومقدور عليه، وقيمة عائد العمل تحصرها أدوات قياس موضوعية، تحدد الكفاءة المطلوبة لإنجاز ذلك العمل، ويكون العمل التطوعى سلوكا مدفوع الأجر، يجنى صاحبه تخفيضات فى الضرائب، وتثبيت قيم أخلاقية جديدة ترى أن شفافية الدخول والمرتبات تبث روح التنافس الشريف بين أفراد المجتمع.

لسنا ضد أن يحصل موظف كبير ذو أعباء كبيرة على راتب كبير محدد وواضح، إننا ضد أن يحصل ذلك الموظف على دخول ومخصصات تتغير دون معيار موضوعى معلن، لأن الفارق الاقتصادى والاجتماعى بين المرتبات الرسمية والدخول الحقيقية هو دعوة لأن يطلب الموظفون وظائفهم بالوساطة والمحسوبية ونشر الفساد .

Sunday, November 18, 2007

عيد للنصب والابتزاز الكبير

شيئ منطقى أن يصنع الناس لأنفسهم أعيادا ومواسم ، فالناس مثقلون بأعباء حياة هم فيها صيد للكوارث والمحن وما تصنعه أيديهم، معظم الأعياد والمواسم درج الناس على إلصاقها بالتوجهات الأسطورية والدينية، عيد جلوس الملك حين يكون الملك نائبا عن الرب فى توزيع العطايا وإحلال العدل بين الرعايا والعبيد، وعيد تحرير الوطن حين يكون الناس مغتربين فى الأرض تائهين عن الجذور، وعيد الشكر حين تمتد يد الرب بتلبية حاجات بسيطة للإنسان العاجز، وحين يتقدم الإنسان ويعلوا فوق غرائزة البسيطة ويحتفل بمجردات وأفكار يكون الاحتفال بالأفكار الكبيرة والبشر المصلحين وتمجيد العقل، هكذا تولد بين ثنايا الأحداث طائفة من أعياد ذات أبعاد إنسانية بعيدة عن الأسطورة والدين، وعيد العلم من هذه الطائفة.

عيد العلم احتفال يجريه البعض تمجيدا للعقل وتعظيما لشأنه، هو إحتفال رمزى يدور على ثلاثة محاور، محور تمجيد العقل باعتباره أداة انسانية تصنع التطور، ومحور تمجيد العمل المنظم باعتباره الأساس الوحيد لجلب القيمة الإقتصادية والإجتماعية للإنسان، ومحور رفض الطقوس والتابوهات الأسطورية فى قولبة الإحتفالات.

فى هذا اليوم تحركت إدارة احدى الكليات الجامعية فى مصر، نحو ما تقول أنه احتفال بعيد العلم، انه احتفال ساذج تقوم به على مفاهيم مغايرة لمفهوم العلم بالمرة، مفاهيم تقوم على الإغتصاب والمتاجرة بالمظاهر لتحقيق مكاسب فردية متواضعة.

ادارة الكلية، ونتيجة أحداث كثيرة اتخذت فيها قرارات خاطئة، أصبحت دون مصداقية لدى الكثير من أعضاء هيئة التدريس، بعض أعضاء هيئة التدريس تروضهم سياسة العصا والجزرة فيبقون صاغرين، وادارة الكلية نتيجة تلك الأحداث المخزية علما وخلقا فقدت الكثير من مصداقيتها عند الإدارة العليا فى الجامعة، أقل هذه الأحداث كان توجه الكلية فى فترة من الزمن للتجارة بالدراسات العليا ومحاوله منح شهادات دبلوم وماجستير ودكتوراه فخرية لأناس أجلاف خربوا بمالهم الفاسد وفكرهم البدوى السقيم نفوس بعض الضعفاء من أهل مصر.

اذن ماذا تفعل ادارة الكلية لتحسين صورتها أمام من تتصور أنهم اصحاب اليد النافذة فى جلب المصالح الشخصية، تفتق عقل الادارة عن افتتاح عيد للعلم على أن تضج الاعلانات باعتبار عميد الكلية صاحب الفضل الأول فى الاحتفال بعيد العلم على مستوى الكلية، انه إعلان كاذب مثل تحقيق الأسبقية الأولى فى الدخول الى درب بين القبور، انه اغتصاب ممجوج تقوم به ادارة متواضعة ثقافة وفكرا، وعليه قامت ادارة الكلية بتوجيه الدعوة لادارة الجامعة للمشاركة فى الاحتفال، انه تملق مرذول ونفاق موبوء بالفساد والوصولية، ومن أجل الاحتفال قامت الإدارة بإغلاق أحد مدرجاتها الكبيرة لإقامة زينة ومهرجان صاخب وضوضاء مسرحية، ضاربة عرض الحائط بمحاضرات الطلاب فى هذا المدرج ودون استئذان الأساتذة، انها سوقية فكرية وجليطة ادارية واستهانة بالطلاب وبالأساتذة.

الى متى يبقى أمرنا فى هذا الهوان، عقولنا مضروبة بالجهل فلا تدرك حقائق الفساد فى بلادنا، من يسرق شهادات العلم ويدعى بما ليس لدية من حصافة وفهم يصبح هو المسئول عن احتفالاتنا بالعلم، ام ان الأمور صارت فى بلادنا مشوشة لدرجة ان تصبح أعيادنا مجالا للنفاق والنصب ورتق العيوب والابتزاز الكبير.

Saturday, November 10, 2007

!! مشروعنا النووى . . مطالب

الحديث عن مشاريع استخدام الطاقة النووية فى مصر باعتبارها مشاريع قومية له مداخل كثيرة، يهمنى منهما اثنان، مدخل عاطفى يتماس مع وجدانى كمصرى ومدخل فكرى يتعرض لمفهومى فى الانتماء والمواطنة.

عن المدخل العاطفى، فانا مصرى طفت بجسدى معظم ارض مصر فرأيتها بوجدانى صاحبة جغرافية متنوعة عبر مليون كيلومتر مربع، صاحبة أكثر من خمسة آلاف عام من التاريخ المكتوب، صاحبة أرض معابد آمون رع ومذابح الكنيسة المرقصية ومنابر أزهر المسلمين، صاحبة السبعين مليون من المصريين وأكثر من سبعين ألفا من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه فى معظم فروع العلم، صاحبة الأهرامات والقناطر الخيرية والسد العالى، هكذا يصنع الواقع أرضا لعاطفتى كى أرى مصر كبيرة تستأهل أن تدخل عصر المشاريع النووية الكبيرة.

وعن المدخل الفكرى، أرى أن الانتماء شعور وجدانى ايجابى لدى الأفراد يرفع الرغبة لديهم فى الارتباط بمجتمع معين لتحقيق مصالحهم وطموحاتهم، الانتماء يتملك الإنسان بالمحبة للماضى والرضا بالحاضر والشوق إلى المستقبل، الانتماء معايشة الفرد لظروف موضوعية تحيط به أحداثا عبر الزمن، أحداث عبرت الماضى ورسخت لديه المفاهيم والرؤى وتعبر به الحاضر تصنع له اكتفاء حاجاته الحضارية وتعاين معه المستقبل ليستكمل فيه طموحاته المؤجلة، هكذا الانتماء هو إطار حضاري يضم الوجود الثقافى والاجتماعى والاقتصادى للفرد داخل المجتمع.

أما المواطنة فأرى أنها جزء من الانتماء يمثل الوجود السياسى للفرد داخل المجتمع، المواطنة تحكم فاعليتها آليات التعبير والمشاركة فى صنع القرار بين الفرد والمجتمع، هناك مجتمعات متخلفة سياسيا تحكم حركة أفرادها مواطنة متعددة الدرجات، مواطنون من الدرجة الأولى يشتركون فى صنع القرارات وقد لا يكونوا فى حالة انتماء للمجتمع، يعيشون فوق المجتمع فى مجموعات صغيرة منعزلة ذات روابط متينة ويسخرون قدرات المجتمع لمصالحهم الخاصة، وهناك مواطنون من الدرجة العاشرة ينتمون للمجتمع يعيشون فى مجموعات كبيرة غير مترابطة ولا يملكون القدرة على صنع أبسط القرارات لصالحهم، يتعرضون لأنواع عديدة من سلب الإرادة والمتاجرة بطموحاتهم، يعيشون مهمشين على ارض جغرافية ويتساءلون ماذا تعنى كلمة وطن، المواطنة متعددة الدرجات تظهر فى حالات الاستبداد والاستعمار ومع أصحاب الجنسيات الأجنبية صاحبة السطوة، أما المواطنة الصالحة لصنع وإثراء التقدم الإنسانى فهى مواطنة لا تعرف درجات الفصل التعسفى بين المواطنين فكلهم يتساوون فى اتخاذ القرار وتحمل المسئولية، ولأن الأصل فى الانتماء لمجتمع ما هو وجود الإنسان المنتج يصبح وجود المواطنة الصالحة معتمدا على وجود معايير موضوعية تساوى بين المواطنين من حيث هم أفراد لهم مصالح خاصة وتمايز بين المواطنين من حيث هم جماعات حرفية ذات مصالح عامه، المواطنة الصالحة ترى المواطنين يتمايزون بالقدرة على العطاء قبل تمايزهم بالقدرة على الأخذ، هكذا يكون الحرفيون هم الأداة الأكثر كفاءة لتلبية حاجات المجتمع من تلك الحرفة، يتمايزون بحرفتهم ويصبحون الأقدر على اتخاذ القرارات لصالح حرفتهم، هكذا التساوى بين المواطنين مع التمايز بين قدراتهم هى شرط ضرورى ولازم لتحقيق الانتماء الايجابى الصانع لتحضر للمجتمع.

بعد طرح الجانين العاطفى والفكرى، وحيث أن المشروع النووى يحتاج إلى إمكانيات علمية وفنية وثقافية وموارد اقتصادية كبيرة تؤثر على كافة قطاعات المجتمع، ولأننا مجتمعنا يعانى ضعفا بينا فى تلك الموارد والإمكانيات، يصبح توجهنا النووى مشروعا قوميا يمس مصالح المجتمع فى قضيتى الانتماء والمواطنة، يمسهما من حيث عدالة توزيع الأعباء والمزايا على الجميع ومن حيث ديمقراطية اتخاذ القرار بمعرفة الجميع.

المشروع النووى يجب أن يكون توجها استراتيجيا عاما للدولة يمثل أحد روافد الأمن القومى لمجتمعنا فى مصر، توجه نمارس آلياته فى الإنشاء والمراقبة والتأمين على مجالات كثيرة ينضبط فيها أداؤنا العلمى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى، توجه نعلو به فوق مستوى المواقف الدعائية التكتيكية لحزب أو لجماعة، توجه يلزم جميع القوى السياسية فى مصر بالبحث عن حلول حضارية تحقق انتماء المصريين بالحب لمصر، توجه يدفعنا لممارسة حقنا الحضارى فى مواطنة إيجابية نصنع بها قراراتنا المصيرية.

Wednesday, November 07, 2007

!! شهادة .. البنت نوسه

لأسباب خاصة ترتبط بحب النميمة والرغبة فى التعرف على بعض الخلفية الثقافية والاجتماعية لطلاب جامعاتنا، واجهتنى شهادة طالبة جامعية تنتشر وقائعها بين الآلاف فى أرجاء مصر، إنها شهادة البنت نوسه.
- لو سمحت يا دكتور، ممكن أتكلم مع حضرتك.

- أهلا بك فى مكتبى، اتفضلى اجلسى، أهلا يا بنتى .

- أهلا بك يا دكتور، أنا نوسه ، أنا سعيدة أنى بكلم حضرتك.

- أهلا بك يا نوسه، وأنا أسعد بالتعرف على نوسه الجميلة؟

- أنا نوسه ، طالبة فى الكلية عند حضرتك، بابا أشتغل سنوات كثيرة فى دول الخليج وهو لسه قاعد هناك، وماما ربة بيت قاعدة معانا هنا فى مصر، أنا أتولدت هناك، وإحنا ثلاث بنات ولنا أخ واحد، حاليا إحنا ساكنين فى أحسن منطقة فى مدينة المنصورة، ساكنين فى شقه فخمة فى عمارة كبيرة تطل على النيل.

- ايه رأيك فى بلاد الغربة يا نوسة.

- عشنا هناك عيشه حلوة يا دكتور، الناس هناك ماشيين على شرع ربنا.

- رجعتوا من السفر إمتى يا نوسه.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، لما قربنا من شهادة الثانوية العامة، بابا رجعنا من الغربة علشان نتعلم فى الجامعة فى مصر، قلنا نرجع بلدنا اللى إحنا بنحبها وكفاية غربة، صحيح كثير من المصريين غلابة ومتخلفين وجعانين وعطشانين، وكثير من الشباب فى مصر مش متربيين، لكن مصر بلدنا وإحنا بنحبها.

- على فكره يا نوسه إنتى ملابسك شيك قوى، الظاهر عليك انك مخطوبة.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا مخطوبة لواحد من معارف بابا، خطيبى والده بيشتغل فى الإمارات، لكن أمه وأخواته البنات عايشين هنا فى مصر، خطيبى سافر للسعودية وإنشاء الله أسافر معاه بعد الجواز.

- يعنى ممكن تسافرى قبل انتهاء الدراسة من الجامعة.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا رأيى انه مفيش سفر قبل البكالوريوس، علشان البكالوريوس شهادة جامعية ممكن أشتغل بيها فى السعودية ويكون دخلنا أحسن، وعلى كل حال أمر السفر راجع لرأى والدى ولخطيبى.

- قولى لى يا نوسه، إنتى ناويه تدرسى إيه من مواد التخصص فى الكلية.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا ادرس أى حاجه يا دكتور، كلها دراسة محصله بعضها، أنا عاوزه شهادة بكالوريوس من الجامعة والسلام، المهم أنى لا أدرس علم التأمين.

- إيه السبب يا نوسه.

- يا دكتورالتأمين حرام، بابا بيقول إن التأمين حرام، كيف نحسب على الناس أرزاقهم؟، يا دكتور عمليات التأمين فيها حساب لأرزاق الناس.

- إنتى إيه رأيك فى الكلام ده؟.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا موافقة على رأى بابا أن عمليات التأمين ودراسة التأمين حرام، إحنا إزاى نحسب عمر الإنسان ونحسب له المصائب اللى بتحط عليه، دى مقادير كلها قسمة ونصيب من عند ربنا، ولا يجب أن نتدخل فى قدرة ربنا.

- يا بنتى التأمين علم، والعلم مطلوب علشان الناس يفهموا الدنيا.

- يا دكتور، التأمين يتعارض مع الدين.

- لو سمحتى يا نوسه، ممكن أقول حاجة.

- اتفضل يا دكتور، أنا نفسى أسمع رأى حضرتك.

- يا نوسة انت لا جميلة ولا حاجة، أنت جهاز عديم الشخصية يعدونه لإنتاج أطفال متخلفين، أبوك عبد فلوس مسعور، وأمك لا تعرف معنى الأسرة، وأهلك نوع من البشر يفكرون بعقول متحجرة ويعيشون مشردين من غير وطن.

Wednesday, October 31, 2007

!! نحن لها . . يا سيادة الرئيس

خطاب مفتوح للسيد رئيس الجمهورية
السيد الرئيس/ محمد حسنى مبارك
رئيس جمهورية مصر العربية
تحية طيبة وبعد:
أنا ياسر العدل، مواطن مصرى الأب والأم والأجداد واللسان، من المؤكد أن وقائع كثيرة مرت على أهلى طوال قرون جعلتهم يحبون الحياة على أرض مصر ويورثونى حبهم لمصر، والمؤكد أيضا أن وقائع ثلاث مرت بى جعلتنى أزداد إيمانا بمصر أرضا للرجال والمحبة والفخار.

واقعة صباح يوم الخميس الثالث من أيام إلتحاقى بالمدرسة الثانوية بمدينة المنصورة فى عام 1959م حين جاوزت الثانية عشرة من عمرى، أكثر من خمسة وأربعين عاما مرت على هذه الواقعة، رأيتنى أمارس القراءة والكتابة والسفر الأسبوعى فى ربوع مصر بين قريتنا والمدينة، عندها شعرت بالمواطنة وقررت أن اثبت لنفسى ولأهلى ولأصحابى أن مصر بلدى وأن رئيس البلد رجل مصرى يمكننى أن أخاطبه وأقص عليه بعض أحلامى، عندها كتبت خطابا وأرسلته إلى رئيس الجمهورية، قلت فيه أبى جمال عبد الناصر حسين إننى طالب فى مدرسة المنصورة الثانوية أتعلم العلم من اجل مصر وإنى سأذاكر وانجح وادخل الكلية العسكرية كى أدافع عن ارض مصر، هما أسبوعان انقضيا وجاء الرد خطابا من رياسة الجمهورية استلمته من المدرسة، ابنى ياسر أن مصر تنتظر رجالها ليعيدوا مجدها التليد، ومع الأمنيات الطيبة تضمن الخطاب صورة شخصية لعبد الناصر عليها توقيعه، فى نفس العام أصبح التعليم الثانوى بالمجان لكل المصريين، هكذا كان حالى فى تلك الأيام، ينتابتى شعور طاغ بأن مصر هى بلدى ووطنى وأهلها ناسى وعشيرتى وأن رئيس مصر أب للجميع.

واقعة مساء يوم السبت السادس من أكتوبر 1973م حين جاوزت السادسة والعشرين من عمرى، أكثر من أربعة وثلاثين عاما مرت على هذه الواقعة، عانيت تباريح رحلة شبابية قمت بها فى مدينة صغيرة تسمى ( تمل) بشمال غانا فى غرب أفريقيا، كانت مشاكلى مشاكل رحال صغير يعانى مشاكل التواصل مع الناس والمبيت والإقامة، وفى هذا المساء تناثرت فى المدينة أنباء عبور المصريين لقناة السويس، المصريون يسترجعون أرضهم بقوة السلاح ويرفعون بالكرامة رأس أفريقيا، هكذا كان رأى الناس فى غانا يفخرون بنكروما وعبد الناصر ويرددون شجاعة السادات، وهكذا تناثرت بين الناس رغبات طيبة فى استضافتى وإكرامى باعتبارى شابا أفريقيا يعرف القراءة والكتابة باللغة الشريفة العربية، ومصريا شريفا قادما من بلد الأزهر، يومها لقيت كرما شديدا من أمير المدينة فبعثت خطابا لرئيس الجمهورية فى مصر، السيد الرئيس محمد أنور السادات شكرا لكم وللرجال معكم رفعتم رأسنا وإنا لمنتصرون، ولم انتظر الرد فالجميع كانوا فى شغل فاكهين بانتصارنا، هكذا كانت حالى فى تلك الأيام، ينتابنى شعور طاغ بأن مصر هى وطنى وكرامة أهلها هى كرامتى وأن رئيس مصر قائد للجميع.

واقعة صباح يوم الاثنين التاسع والعشرين من أكتوبر 2007 م، حين جاوزت الستين من عمرى، أكثر من خمسين ساعة مرت على هذه الواقعة، كنت أعانى غصة استسلام بلادنا للتعايش مع واقع متخلف، أحلامنا الكبيرة يجهضها سوء حال التعليم، ثقافتنا تنحدر إلى ثقافة أجلاف يتنازعون العشب والكلأ بين وديان من الرمال، مواردنا ينهبها انتهازيين يسعون وراء الكسب دون انتماء لوطن أو مواطن، حريتنا حبيسة قوانين عتيقة يقوم على تنفيذها قيادات ضعيفة، فى ذلك الصباح سمعت فجأة عن قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالتوجه الاستراتيجى نحو مشاريع الطاقة النووية، هكذا رأيت أحلامنا المجهضة لا يعيدها للحياة غير حلم قومى كبير، وتملكنى شعور طاغ بالفخار بأن مصر هى وطنى، فيها إمكانيات بشرية وإرادة سياسية ورجال يجعلونها صاحبة قرار فى المنطقة، وأن رئيس مصر يعمل للجميع.

السيد رئيس جمهورية مصر العربية، تلك الوقائع تشعرنى بالفخار أننى مصرى أحيا فى مصر، وبرغم اختلافنا نحن المصريين على توجهات الدولة المصرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا أننى أؤيدكم بكل ما أستطيع فى قراركم بالتوجه الاستراتيجى للدولة نحو مشاريع الطاقة النووية، فهذا القرار يمثل طموحا لنا نحن المصريين فى وجود هدف قومى نلتف حوله، هدف يعيد لنا الانضباط العلمى وحيوية المواطنة وفاعلية الانتماء.

السيد رئيس جمهورية مصر العربية، شكرا لكم على ما تقدموه من خير لأهل مصر، وشكرا على ما قدمتموه من خير لى بصفة خاصة، فأنا قبل خطابكم بشأن الطاقة النووية كنت شيخا عجوزا أشكو مجموعة آلام تصاحب جسد يتهافت على الصحة والمقويات غير المجدية، الآن بعد قراركم أشعر بصحوة الشيوخ حين يعلنون أن أصل تفوق المواطن هو الرغبة فى تمايز الوطن، وأشعر بحيوية الشباب حين يدركون أن حب الوطن هو السبيل لإنجاز هذا التفوق، وما بين الشيخوخة والصبا أفكر فى الدراسة والتعلم والزواج من جديد كى أنجب مع المنجبين لمصر مزيدا من علمائها النابهين، نوفر لهم بيئة علمية خصبة، فلا يسافرون شرقا للعمل عبيدا تسحل أجسادهم على غرود الرمال ولا تسيح عقولهم غربا فتتوه ملامح انتمائهم لمصر ذلك الوطن العزيز.
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام،،،

المواطن المصرى : ياسر العدل

Wednesday, October 24, 2007

!! سيناء . . أرض التيه

جمعتنى صداقة مع موظف حكومة مثلى محدود الدخل، وحين دخلت الأعياد أصبح لائقا أن نستريح بضعة أيام من نكد الزوجات والأولاد، حشرنا سيارتنا القديمة بتجهيزات رحلة فقيرة، بصل وسكر وشاى وخيار وفسيخ مع أربعين رغيفا من خبزنا البلدى وجركن ماء كبير، واتجهنا إلى وسط سيناء قاصدين زيارة بعض الأصدقاء فى أرض التيه.

وقفنا على الشاطئ الغربى لقناة السويس، نطرح البصر على الرمال الصفراء فى الشرق ونسترجع تاريخنا مع الأرض والناس والجبال باتساع كل الأفق، فى الزمن القديم عبر أرض سيناء فاتحون ورسل وغزاة وتجار مخدرات، وفى الزمن الحديث نرسم على أرضها خطوات نتقدم بها نحو المستقبل.عند مدخل نفق الشهيد أحمد حمدى تحت قناة السويس، كان علينا أن ندفع رسوما لتعبر سيارتنا النفق وندخل سيناء، وحين مددت يدى بالرسوم أعطيها للموظف المختص هاجت فى ذاكرتى حواجز تصنعها حكومات متتالية للفصل بين سيناء وبين بقية مناطق مصر، ففى عهود مضت لم يكن لمصرى أن يدخل سيناء دون موافقات تصدرها جهات أمنية، واليوم أصبح الأمر أكثر تعنتا نفسيا حين يفرض الحكومة رسوما للعبور فى النفق، صحيح أن تلك الرسوم تمثل إيرادا ربما يستخدم فى الصيانة، لكنها إيرادات دولة يمكن تعويضها من مصادر أخرى دون أن نلح على ذاكرتنا الجماعية بتلك الفواصل بين بقاع الوطن الواحد.

دخلنا سيناء قاصدين الاتجاه شرقا على طريق إسفلتى فى وسط الصحراء، يبلغ طوله ثلاثمائة وخمسين كيلومتر يبدأ من نفق أحمد حمدى ويمر بمدينة نخل وسط صحراء التيه وينتهى عند نويبع على خليج العقبة، انه طريق سفر حجاج ومصريين عاملين فى دول الخليج، ويمتد الأفق مساحات شاسعة على صحراء يسكنها حوالى خمسة آلاف نسمة من أهل سيناء بينهم موظفون قادمون من بقية أنحاء مصر.وكان زادنا من البصل والخبز والفسيخ كافيا لأن نعيش حياة أهل المنطقة، فبعيدا عن المكاتب الحكومية واستراحات الطريق، يعيش البدو من أهل وسط سيناء حياة جافة غلبا، تنقصهم كثير من الخدمات فى مجالات الصحة والتعليم والنشاط الاقتصادى، يحيط بهم فقر التجهيزات المادية والبشرية، وتلفهم وقائع الأمية والفقر والأمراض.

الأكثر غلبا من البدو هم الموظفون الحكوميون، حياتهم مأساة حقيقية، يعانون نقصا فى الماء والمواصلات والسكن ووسائل الترفيه، حياتهم جافة لا تشفع فيها الزيادة النسبية فى مرتباتهم التى قد تصل إلى ثلاثة أمثال مرتبات زملائهم فى وادى النيل، ولا تسلم بيوتهم وأسرهم من نظام عمل يقوم نظريا على بقاء الموظف بعيدا عن أهله يعيش فى المنطقة لمدة ثمانية عشر يوما متصلة، مقابل اثنتى عشر يوما إجازة كل شهر، موظفون يقضى معظمهم سنوات طوال فى صحراء التيه دون قدرة على تغيير المكان أو العلاقات الاجتماعية.

إن بقاء وسط سيناء على وضعها الحالى يترك فرصا لانتشار كثير من الانحرافات بين السكان وموظفى الحكومة العاملين معهم، ويصنع بيئة جاهزة لتفريخ متطرفين عقائديا يصيبهم هوس دينى، منحرفين فى نشاطهم الاقتصادى، مرضى نفسيين معزولين فى سجن واسع الأرجاء.سيناء ارض الفيروز والفحم والبترول والتيه، تحتاج إلى إمكانيات مادية وجهود علمية ليسكنها بشر أصحاء نفسيا وبدنيا واجتماعيا يصنعون تقدما حضاريا على أرض مصر.

وفى طريق العودة كان علينا أن نتجرع مشقة دفع رسم أخر لعبور قناة السويس فوق كوبرى مبارك، صحيح أن الكوبرى عمل حضارى وإنجاز علمى كبير أنشئ على ارتفاع أكثر من مائة متر فوق سطح الماء لكن رسوم العبور جعلتنى أشعر بعزلة سيناء من جديد وأخشى أن تظل أرض الفيروز مجرد بؤر سياحية يستجم فيها كثير من محدثى النعمة وقليل من الصالحين.

Monday, October 15, 2007

أولادنا فى الجامعة

فى أول أيام العام الدراسى الجامعى الحالى، كانت أول محاضرة ألقيها هذا العام على طلابى فى السنة الأولى بكلية التجارة، جلس أمامى أكثر من ألف طالب وطالبة متوسط أعمارهم سبعة عشرة عاما، قادمون من مرحلة الدراسة الثانوية ليحشروا فى مدرج لا يسع نصف عددهم، إنهم أولادنا الجدد فى الجامعة فى سن المراهقة والفتوة والصبا، يتشاكسون ويتواثبون بين المقاعد، ويصنعون ضوضاء محشوة بصفير وهمهمات وضحكات، معظمهم يرتدى هدوما جديدة، فانلات وايشاربات وفساتين وبنطلونات.

أحد الطلاب لديه ذقن صغيرة تموج فيها ثلاث عشرة شعرة سوداء، هذا الرجل الصغير يشعر بزهو امتلاكه لعلامات الرجال فيستسلم لزميله ويداعبان شعيرات الذقن الخضراء أمام طالبة انشغلت عنهما بمداعبة خصلات شعر جبينها تحت إيشاربها الأخضر، طالبة أخرى تدير حديثا باسما مع زميل يجلس أمامها بينما تصر جارتها على الكتابة فى أوراق صديقة ثالثة مجاورة، احدى الطالبات ترتدى إيشاربا رائق الألوان خفيف الحمل يتمايل مع حركات جسدها الخجول فينحسر الإيشارب عن شعر جميل مصبوغ على حرف، ولد ينام على كتف زميله ويقذفهما ثالث بعجائن من ورق ولبان ممضوغ ويبتسمون، طالبة تلعب فى هاتفها النقال وتلقى برأسها يمنه ويسرة كى تنزاح خصلات من شعرها بعيدا عن نظارة شمس تخفى بها عينها، طالب ينتقل بين المقاعد مستعرضا شعره المنكوش وفانلته ذات الطيور الملونة وبنطلونه الممزق الركبتين، بعض الجثث اختبأت خلف هدوم سوداء لم أر منها غير فتحات ضيقة لعيون يفترض أنها لطالبات تشاركنا الزحام ، وجثث أخرى استلقت رؤوسها على المقاعد لطلاب ناموا فى أماكنهم وأصدر بعضها شخيرا، هكذا انحشر مدرج العلم بطلاب صغار يرتدون كرنفالا من الملابس والأقنعة واللحى والشوارب الزغبية والحواجب المشذبة والجفون المدهونة والشعر الطويل والحجب المثقوبة بفتحات الأعين، ويبقى الكثير يعانى إجهاد السفر من القرى البعيدة إلى الجامعة ويخفى آثار العراك مع الوالدين من اجل الحصول على مصروف يكفى مواجهة تلك الحياة الجديدة، هكذا يجلس الجميع على المقاعد وفوق المقاعد وعلى أرض المدرج فى جو مسرحى مثير.

أولادنا الجدد فى الجامعة، معظمهم غير مؤهل للتعامل مع مشاكل الدراسة الجامعية، غالبيتهم لم يحضر درسا فى فصل دراسى منتظم طوال سبع سنوات من الخامسة الابتدائية حتى دخول الجامعة، الأماكن التى تعودا عليها هى حجرات الدروس الخصوصية الضيقة وأسوار المدارس ينطون فوقها ويتواعدون خلفها، يرون أساتذتهم فى العلم أدوات لحفظ المقررات مقابل اجر معلوم ومرصود، لم يدرسوا شيئا حقيقيا يبقى فى وجدانهم فكرة الانتماء لوطن، أجبرهم نظام التعليم أن يدرسوا الدين والجغرافيا والتاريخ بشكل اختيارى لا تؤثر نتائجهم على درجات نجاحهم الدراسية فأصبحوا بلا وطن أو شخصية.

أولادنا الجدد فى الجامعة معظمهم لا يشعر بالرباط الأسرى، آباءهم مشغولون بالسعى وراء العيش فى بلد فقير مهدرة فيه كثير من قيم العمل الشريف أو مسافرون للعمل عبيدا فى دول عربية متخلفة ثقافة وتحضرا، وكثير من أمهاتهم يعانين توابع الفرقة والهجران، يجمعون ثقافتهم من برامج إعلامية هابطة وخطاب دينى متخلف وقيادات سياسية مهترئة، ويحصلون على درجات نجاح مرتفعة جدا، بعضهم جاوزت نسبه نجاحه المائة فى المائة، وتنقصهم مهارات القراءة والكتابة والتفكير المنطقى.

أولادنا الجدد فى الجامعة يعيشون عصرهم بغير قيادات واعية وأساتذة أفاضل يأخذون بقلوبهم الغضة إلى طريق حب الحياة والمعرفة الإنسانية.

أولادنا الجدد فى الجامعة نحشرهم جثثا فى مدرجات فقيرة، وبرغم الزحام والانحشار إلا أن رائحة أولادنا مازالت طيبة، عرق قليل وعطور وروائح صابون وجيلى وسط جو خريفى بارد فى أول أيام الأسبوع وفى أول يوم دراسى بالجامعة، وفى مثل هذه المناسبات ينال أولادنا نصيبا من الاستحمام والنظافة الواجبة، ويبقون طيبين ناصعى الوجوه إلى حين.

كان على وسط الزحام وتخلف نظام الصوت وضعف أدوات التدريس أن أصيح فى تناغم لمدة عشرة دقائق، أنت يا ولد، أنت يا بنت، أنتم يا شباب، الله يخرب بيوتكم، سكوت المحاضرة بدأت، فسمعت صوت أحدهم ينادينى أتوكل على الله يا حاج طريقك اخضر زراعى، وبالفعل بدأت المحاضرة.

Saturday, October 13, 2007

!! إسترعاء .. واستـبراء

فى شهر فبراير من العام الحالى 2007م، حدثت مشكلة بينى وبين إدارة جامعة المنصورة متمثلة فى رئيسها السابق الدكتور مجدى أبو ريان، كانت العواقب مثيرة دالة على سلوكيات نظام إدارى فاسد يعتمد على اختيار قيادات فاسدة من أهل الثقة.

الحكاية أننى غيور على جامعة المنصورة واشعر بالانتماء القوى إليها كمؤسسة تؤدى دورا تربويا لأهلى وناسى، هذه الغيرة تجعلنى أرفض أن يكون من بين المسئولين عن إدارة الجامعة حمير يديرونها بالغباء والرفس لأيه أفكار صالحة، من أجل ذلك أكتب مقالات وأحتك بالطلاب والزملاء قاصدا فى كل الأحوال أن أزيح قدر استطاعتى ما يعوق تقدمنا.

المشكلة أنه على اثر مقال نشرته فى مجلة المصور المصرية انتقد فيه بعضا من سلوكيات الادارة الجامعية، اتهمنى رئيس الجامعة السابق زورا وعلنا بأربع تهم فى البرنامج التلفزيونى المعروف " العاشرة مساء " ، تهم لو ثبتت واحده منها لانهارت قصور وصوامع من فداحتها، الأولى هى أننى أتعرض بالسب والقذف لقيادات فى الجامعة والثانية هى أننى أتلفظ بألفاظ نابية فى مدرجات العلم والثالثة هى أننى أتحرش بالطالبات والرابعة هى أننى أتعدى بالقذف والسب على زميلة لى، هكذا القى رئيس جامعة بتهم على راس عضو هيئة تدريس بالجامعة، ألقاها بدم بارد وغباء شديد وتخلف إدارى مقيت.

بناء على هذه الاتهامات، التى جيش لها وساعد على تفنيدها عميد الكلية الذى أرى فيه قيادة إدارية غير حكيمة تم تحويلى إلى التحقيق، وحسب قانون تنظيم الجامعات فان عضو هيئة التدريس فى حالة إدانته معرض إلى واحد من خمسة عقوبات هى ( لفت نظر أو تنبيه أو لوم بدون خصم آو لوم مع الخصم أو إيقاف عن العمل ) أو البراءة مما نسب إليه من تهم وبما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات.

بعد أكثر من شهرين من إجراء التحقيقات بمعرفة وكيل كلية الحقوق بالجامعة، وقبل أسبوع واحد من تاريخ إقصاء رئيس الجامعة من منصبه غير مأسوف عليه، وفى 24 يوليو 2007م وافق رئيس الجامعة على ما انتهى إليه الرأى القانونى والذى قضى باسترعاء نظر السيد دكتور ياسر العدل عبد اللطيف لعدم توخى الحيطة والحذر وعدم تحرى الدقة عند محادثته مع الزملاء ومع الطلاب .

نتيجة التحقيق ببساطة هى استرعاء نظر لشخص آخر لا أحمل أنا اسمه المذكور نصه أعلاه، ذلك بأن اسمى القانونى الذى اعمل به فى الكلية وذهبت به إلى التحقيق هو ياسر محمد العدل عبد اللطيف وليس هو ياسر العدل عبد اللطيف، وإذا كانت الإدارة تقصدنى أنا بالعقوبة فهى باختصار عقوبة لم يأت بها نص من نصوص العقوبات فى قانون الجامعة، هكذا ببساطة شديدة لم يجد المحقق ما يديننى به وتصبح الاتهامات باطلة، وهكذا تدل نتيجة التحقيق على حجم الفساد والنفاق والتخلف الذى عايشته مع رئيس عمل ساذج ومحقق قانونى ينسج عقوبات لم يأت بها نص قانونى حسب القاعدة القانونية - لا جريمة بغير نص ولا عقوبة بغير نص - أيا كانت الجريمة أو المخالفة سواء تتبع القانون الإدارى أو القانون الجنائى، هكذا يسعى عبيد الكراسى لسد الخانات فى الأوراق، وهكذا يفسد رئيس العمل من فساد طويته وفساد العاملين معه، يجمعون ضعيف الأدلة ويصيغون ضعيف القرارات.

لأننا فى حومة من فساد ومكر بعض القائمين على تنفيذ القوانين، وصلنى خطاب عقوبة الاسترعاء بعد شهرين من تاريخ توقيعة حتى لا تتاح لى فرصة التظلم من عقوبة غير منصوص عليها فى اللوائح وقائمة فقط فى عقول خربة متخاذلة، وحين اتصلت بالمحقق لأعرف منه حيثيات الحكم أخبرنى انه بذل جهدا لكى يصيغ قرار العقوبة بهذه الطريقة اللزجة المائعة، فهى عقوبة حسب قوله ليست بعقوبة توضع فى ملف خدمتى وتشين موقفى، وقال لى انه فكر فى حفظ التحقيق لكنه خشى أن يكون الحفظ بمثابة براءة تجعلنى ارفع دعوى ضد الجامعة للمطالبة بحقوق معنوية لى لما أصابنى من ضرر.

هذه الواقعة المتمثلة فى اتهامات باطلة وتحقيقات صورية وعقوبات غير ذات موضوع، ترجع بعض أسبابها إلى أن الكثير من أهل الجامعة لا يشعرون أنهم أساتذة جامعة ولا يشاركون فى الهم العام، لذلك يسهل على كل من كانت به خصاصة من خسة وحقارة أن يفعل بهم ما يرى انه أجدى لقيادتهم عبيدا صاغرين، لكننى مثل بعض الشرفاء فى الجامعة اشعر تماما بكبريائى كأستاذ جامعة أشارك فى الهم العام، احمل رأيا وأدافع عنه، مخلص فى مواقفى، ليس مهما أن يكون رأيى صحيحا عند الآخرين المهم أن يكون رأيى صادقا عندى.

إزاء واقعة السب والقذف ونتائج التحقيق طالبنى بعض المنافقين والجبناء داخل الجامعة أن ارفع قضايا ضد الجامعة وضد رئيس الجامعة السابق، هؤلاء السذج اللئام لا يدركون أننى لست ممن يرفعون دعاوى قضائية ضد أشخاص أخذت أضعاف حقى منهم بأكثر من طريقة، أثرت الرأى العام ضد رئيس الجامعة بإدارتى الناجحة لمقابلات صحفية وتلفزيونية فزاد موقفه سوءا على سوء، وأثرت الرأى العام ضد عميد الكلية فأفشلت له كثيرا من خططه المريبة للارتزاق من منصبه.

أنا أمارس كبرياء أستاذ جامعة مثقف سمع عن مواقف أحمد لطفى السيد فى الذود عن استقلال الجامعة وقرأ لطه حسين عن ضرورة الثقافة للمصريين، وليس من الكبرياء أن ارفع دعوى سب وقذف على رئيس جامعة ظهر للناس منذ البداية ساذجا صغيرا، وليس من الكرامة أن أتحرش بعميد يلفظ الأنفاس الأخيرة فى منصبه.

إن ما حدث معى يدل ببساطة على كيف يكون الحاكم طاغية تحكم تصرفاته غرائز التسلط وبوهيمية الأداء، وكيف يصبح المستشارون منافقون تحكم تصرفاتهم غرائز الضعف ومهانة الانقياد، وكيف يكون الاسترعاء لفظا غير قانونى لعقوبة يراها رئيس العمل حفظا لماء وجهه من جريمة الغباء الأدارى، وكيف يمثل الإسترعاء تخريجا فقهيا لرجل قانون ضعيف أراد الإستبراء من نجاسة تبعيته لحاكم غير طاهر.

Thursday, October 04, 2007

..!! أرزاق .. يا لصوص

فى نوبة من التواصل الإنسانى مع أولاد الحارة، لاعب عم محمود طفلا رضيعا، وحين بال الرضيع على يدى عم محمود عالجت الأم ارتباكه وقالت (على البركة يا أبو حنفى رزقك واسع )، عندها انتشى عم محمود وقرر علانية أن يلاعب الطفل مرات تالية، وفى سوق الخميس اشترت أم سيد ديكا صغيرا وأخذت تتحسس صحته، وحين نتشت ريشة من جناحه هبش الديك وجهها، وعالج البائع ارتباكها وقال (على البركة يا ست، رزقك كثير)، عندها قررت أم سيد أن تتخلص من الديك وأن تبيعه لأول مشتر، وفى ديوان حكومى قبع حامد أفندى وراء مكتبه متكاسلا عن العمل، وحين أسقط له بعض الزبائن نقودا فى درج مكتبه وهمسوا فى أذنه (على البركة يا بيه، رزق الأولاد)، عندها قرر حامد أفندى أن يقضى المصلحة لزبونين فقط رأى فيهما عملا اقل وعائدا أكثر، وفى الشارع شهد خلق كثير على عقد قران زينب بنت العشرين على رجل عجوز ثرى تكرهه، وحين تذكرت قول حبيبها الفقير (على البركة يا زينب، رزقى ضيق)، عندها رق الدمع شوقا فى عينها وقررت خلع الزوج فى اقرب فرصة.

كثير من الناس يتعمدون الخلط بين ما يحوزونه من رزق واسع وبين ما تجنيه أيديهم من دخل محدود، هؤلاء الناس يغيب عنهم أن الرزق هو ما نحصل عليه من حاجيات اقتصادية واجتماعية وصحية دون أن نقدم عملا أو نبذل جهدا فى سبيل تحصيلها، كالهواء والميراث والغباء ومديح بعض المنافقين، ولا يعرفون أن الدخل هو ما نجنيه من ثمرات يضنينا الجهد فى زراعتها وتعيينا الوسائل فى حصادها، كالأجر والراتب والذكاء وإنكار تفوق الرؤساء.

لا أحد يعرف بالضبط من أين يأتى الرزق الواسع المجانى، أما الدخل الناتج من سعينا على الأرض فيمكن حسابه بالقانون المعلن بين أفراد المجتمع، الدخل يرصد بالسحتوت فى كشوف المرتبات، وبأجولة الحبوب فى الصوامع، وبعلب المنتجات فى المصانع، ومع سهولة أدوات العد وإمكانيات الحصر، يثير حفيظة الراصدين أن بعض الناس فى المجتمعات المتخلفة ينفقون مالا أكثر من دخولهم المعلنة، يحسبون أنهم من دون الناس تصيبهم بركة رزق ولا تنالهم عين حاسد0

وقائع كثيرة يخلط فيها الناس بين الأرزاق المجانية والدخول المنتجة، هذا موظف بسيط فى الحكومة يتقاضى راتبا متواضعا لا يكفى مسح دموع شكواه من ضنك الأيام وتأخر الترقيات، وحين تدخل بيته يلقاك بترحاب ويغرقك فى اللحم المشوى والشراب المثلج، ويدعوك لمشاهدة هزائمنا فى الكرة على الطبق الفضائى، وهذا مدرس يحصل بشق الأنفس على شهادة جامعية، وحين يفتح بالوعة لتسليك الدروس الخصوصية يمتلك شاليها للمصيف فى الساحل الشمالى، وذلك أستاذ جامعى يدلس فى أبحاث الترقية ويزور فى امتحانات الطلاب، يعلن فى كل إعارة أو سفارة أن ولاءه لمن يدفع أكثر، يصبح ثريا ومسئولا كبيرا ومرشحا لمسئوليات اكبر، ومطرب متواضع فنا وقيمة، يشترى بملايين الجنيهات مصانع ومؤسسات لتربية الدواجن والعجول، ورجل قحف لا علم لديه أو معرفة فجأة تدخل أرضه الزراعية نطاق زمام المدينة، هى شهور قليلة بعدها يجلس القحف على المقهى مرتديا جلباب الصوف، يحشو سجائره بالمخدرات، ويبيع متر الأرض بآلاف الجنيهات، وامرأة تفرك كعبها فى العمل بضع سنوات فى الملاهى، تهدهد عن بعض العابثين متاعبهم، تصبح هذه المرأة مليونيرة وصاحبة فضل وصدقات وفنانة كبيرة.

مثل هؤلاء الناس، ممن يحصلون على دخول صغيرة معلنة فى مرتباتهم وإقراراتهم الضريبية، ويخترقون القوانين بالفساد والرشوة وضربات الحظ غير المبررة، وينفقون من المال أكثر من دخولهم المعلنة، وينتهكون بسلوكهم الاجتماعى كثيرا من لوائح العدل والشفافية ولا يبقون من القيم إلا جوامد تدمى رؤوس الشرفاء، هؤلاء الناس أفراد طفيليون يعيشون وسط مجتمعات متخلفة مريضة لا يمارس أهلها شفافية القيم وعقلانية تفسير الظواهر، أفراد يسهل عليهم إقناع السذج والضعفاء من البشر، بأن مسالة الفرق بين دخلهم الشحيح وبين إنفاقهم المسرف إنما هى مسالة أرزاق لا تنقصها البركة.

نحن فى حاجة لأن يتبنى مجتمعنا قيما فكرية تكفل حرية المواطنين فى أن يتخذوا لأنفسهم أنشطة اقتصادية مشروعة يجلبون منها دخولهم ومصادر إنفاقهم، وبحاجة فى نفس الوقت إلى بحوث علماء الاقتصاد والاجتماع والقانون والدين لدراسة أنواع الدخول، قاصدين ترسيخ استخدام قيم إنسانية جديدة تسعى لصلاح المجتمع، قيم لا يهين معها فضل علم أو تكسر عندها قواعد حساب، نحن فى حاجة لأن نطبق آليات موضوعية تتسم بالشفافية فى محاسبة المواطنين على دخولهم المعلنة والخفية، ليصبح سهلا التفرقة بين الرزق والدخل، ويسهل أن نرجع بالرزق على صاحب الرزق المجانى ونعود بالدخل على صاحب العمل المنتج، نحن بحاجة لأدوات حساب علمية يتبين معها لكل مواطن تلك الفروق الموضوعية بين الشرفاء وبين اللصوص.

Thursday, September 27, 2007

!!.. إفطار جماعى

لأنى موظف حكومة مصرى، أعمل مغتربا فى مدينة بعيدا عن صحبة الأهل والوزراء والمحافظين ومسئولى الأمن الغذائى، أصبحت أحوالى الاقتصادية أكثر فقرا وأجاز بعض الفقهاء استحقاق الموظفين أمثالى لكثير من الرشاوى والزيت والدقيق وأموال الزكاة.

مع غربتى فى أيام شهر رمضان الكريم، طرحت على زميل فى العمل مغتربا مثلى أن نتناول الإفطار على أقرب مائدة رحمة، واشتعل رأسنا بطموحات أن يكون طعام إفطارنا فخيما على مائدة عامرة، وشحذنا عقولنا نرسم الخطة الحكيمة.

زميلى مثلى يملك بعض كبرياء ترى انه لا كرامة لموظفين حكوميين فى ارتياد موائد رحمة فى مدينة يعملون فيها، لذلك قررنا الهجرة إلى مدينة مليئة بالأثرياء وأوزارهم، تبعد عن عيون الإعلام والحاسدين، ونصيب فيها طعاما على موائد غفران عامرة.

فى اليوم الخامس عشر من شهر رمضان، استقر الأثرياء فى أوطانهم، وهدأت الإعلانات عن موائد التصالح الوطنى، وخفت حركة الولائم بين الأقارب، وصرت مع زميلى أكثر إحساسا بالغربة وأكثر تأثرا بعوارض الصوم، وبدأنا تنفيذ الخطة الحكيمة.

قبل الغروب انطلقنا بسيارتنا كيلومترات قليلة شمال مدينتنا حيث وظيفتنا الحكومية، قاصدين الوصول إلى مدينة يشتهر أهلها بالتجارة وصناعة الفسيخ والأثاث ويسكنها مئات من الأثرياء ، قلوبهم تحب جمع المال مثلما تحب أيدينا إنفاقه، نمنى النفس بموائد عامرة تتنوع ذنوب أصحابها فتتنوع أصناف طعامها، ونهبر أنواعا من اللحوم والأسماك والحلوى.

جبنا شوارع المدينة والجوع يراقصنا، الشارع الأول ملئ بسيارات النقل الكبيرة ولم يكن به مائدة رحمة، الشارع الثانى ملئ بورش الحدادة الضخمة ولم يكن به مائدة رحمة، الشارع الثالث ملئ بمحلات تبيع أفخر أنواع الفسيخ والبطارخ ولم يكن به مائدة رحمة، بقية الشوارع مليئة بتجار الذهب والممنوع والعملة ومكاتب السفريات ومعارض السيارات ولم يكن بها مائدة رحمة واحدة، زاد جوعنا وزاد التوتر، فحصنا الأزقة ولم نعثر على طعام يقدمه أصحابه تكفيرا أو زكاة أو رحمة، اقتربنا من وقت الإفطار دون الحصول على طعام مجانى، فطفحت علينا رغبة فى تأديب المدينة، وقررنا أن لا نشترى طعاما من أهلها.

أصابنا الجوع فأصابتنا جرأة السؤال واحتراف الشحاذة، أطلت رؤوسنا خارج السيارة نستوقف واحدا من أهل المدينة بانت عليه ملامح الشبع، سألناه عن موائد الرحمة، استنكرت عيناه جهلنا بمطالع الأثرياء، وسألنا هو بعين فاجرة عن شيء نعطيه لواحد من أهل المدينة، ابتسمنا بكاء وشماتة وحقدا وبخلا، وهرولنا نغادر المدينة غير مودعين أو ملاطفين أحدا من أهلها، يملأنا الغيظ من كرم أثريائها ويملكنا الأسى من بخل أنفسنا.

تهادت سيارتنا على طريق الإسفلت نطرد المدينة وأثريائها خلفنا، وحين لحقنا موعد الإفطار على مشارف قرية صغيرة، استوقفنا أناس من أهل القرية يسدون الطريق على العابرين، ويصرون على تقديم أكياس مجانية تضم وجبات إفطار مصحوبة بالماء والتمر، إنهم أهل قرى فقيرة يقدمون إحسانهم مخلصين، ويمضى رمضان فى قلوبهم كريما.

بعد أول منحنى على الطريق، وتحت أول كوبرى اقتسمنا ما جمعناه من زكاة أهل القرية، بلح وجوافة وعرقسوس وأرغفة مليئة باللحم والأرز وقطع من الكنافة وملأنا البطون بالجميع، وحين ابتلت العروق انصرفنا نسفه أحلامنا الكسولة بالشبع من بطون الأثرياء.
عدنا إلى مدينة وظيفتنا الحكومية، نفكر كيف سيكون حالنا مع طعام السّحور، نمارس الصبر ونفضح سياسات الحكومة فى إفقار الجميع، نضع الخطة الحكيمة لتحقيق ثرائنا السريع فى الأعوام القادمة، أن نخلط بعضا من البخل والدعاية مع مناورات التخلص من الحكومة والفقراء والأخلاق والضرائب والتجارة فى الممنوع، ونقتسم العائد مع ذوى السلطان، ولا مانع من الدعاء بالخير لأصحاب النوايا الطيبة.

Tuesday, September 18, 2007

!! رمضان كريم ... أحيانا

نحن المصريين نعيش وقائع التعامل مع شهر رمضان من خلال ثقافة انتقائية متناقضة تسمح بخلط وقائع الفساد مع مظاهر التدين، ترى من الوجهة النظرية أن شهر رمضان كريم دائما، وفى الوجهة العلمية تجعل من شهر رمضان كريما أحيانا.


فى المؤسسات الإنتاجية، تقام على شرف كبار الموظفين حفلات إفطار وموائد ذكر تتكلف الكثير من المال والنفاق وفتح البطون، حفلات جوعى لا يلقى فيها الكبار شرف حضور جمهرة العمال وصغار الموظفين، موائد نفاق يجهل أصحابها أن الجائع الفقير لا يشبع من طعام يقدّم له فى خدمة الفنادق الفاخرة، وأن شبع الفقير لا يعافيه من ألم الحسرة على ما يراه من إسراف.
فى أماكن العمل الحكومية، يثرى كثير من الموظفين لأسباب غير أخلاقية، من فساد ورشوة، ويتاجرون بمظاهر تدينهم، يلقون على رؤوس الفقراء أدعية وتعاويذ وصدقات وأكياس أرز وسمن ودقيق وبلح، وفى كل الأحوال يرتدون أقنعة تخفى فسادهم وراء تفسيرات مغرضة لنصوص دينية.


فى الجامعات ودور العلم، يشترك الكثير فى موائد زيف من تدين موسمى، أساتذة يسرقون الطلاب فى كتبهم الجامعية ويدلسون فى نتائج الامتحانات، يطيلون ترديد الأذكار على حبات مسابح فخمة، طلبة يتوقفون عن التدخين وصبغ الشعر، وطالبات يمتنعن عن استخدام مساحيق التجميل ويرتدين حجاب الرأس، وحين يتخلص الجميع من شهر رمضان ينطلقون فى لهوهم شاغلين بقية العام، يتمسكون بطقوس دينية محصورة على مظهر متغير دون أن تمس لديهم جوهرا مستقرا.

فى أجهزة الأعلام، تنتشر موائد إذاعية يستسلم لها كثير من المشاهدين، تسقى القلوب تخلفا ثقافيا مريعا، تصنع البلاهة فى العقول، تدعو للمقامرة واستهلاك الوقت، تسخر من رغبات البشر وتستهين بمشاعرهم، تدرب نفوس المشاهدين على استجداء التواصل وتسفيه لغة الحوار، وتقلص انتماء الجمهور إلى دوائر العقل والثقافة والتدين.

فى الشّوارع والميادين، وعلى شرف الفقراء وباسم الدين، ينصَبُ الأغنياء موائد طعام وشراب تسحق كرامة كل فقير وتهدر منطق كل دين، يخرق الأثرياء قوانين استخدام الطرق ويشغلون الشوارع، وينصبوا موائدهم تفاخرا أمام بيوتهم، وفى النهاية يرتاد هذه الموائد قليل من الفقراء المعوزين وكثير من الضيوف العابثين.

فى كثير من الأماكن تُنصبُ موائد طعام بدوافع دينية، تهدر فيها الأموال وتقصف عنق أى اقتصاد، ففى العام قبل الماضى أعلنت إحدى الجمعيات الرمضانية أنها تنفق على موائد الإفطار حوالى المليون جنيه مصرى يوميا، وينسى مديرو تلك الجمعية أن ثمن عربة واحدة لبيع الفول أو الكشرى لا يزيد عن خمسة آلاف من الجنيهات، مثل هذه العربة يمكن أن تكفل حياة كريمة لأسرة متوسطة، أى أن ما تنفقه تلك الجمعية على موائد الإفطار اليومية، يكفى اقتصاديا واجتماعيا لفتح مائتى بيتا جديدا يوميا، إن أنشطة تلك الجمعية وكثير من أمثالها يخرج عن إطار المفاهيم الحديثة للإصلاح والتكافل الاجتماعى، إنها شركات توظيف أموال تمارس الوصاية الدينية على أموال السذج وصدقات المتطهرين، تتاجر بفقر الناس وتسفه طموحاتهم الدينية، تدير بعض أموال المجتمع بأداء يصنع مزيدا من الكوارث الاقتصادية.

هكذا تنتشر فى بلادنا مواسم دينية مغلوطة الفهم، تظهر ملامح تخلف ثقافى وحضارى، هكذا تنتشر موائد لئام يسعون للغفران مما كسبت أيديهم، يتطهرون بانتقاء تفسيرات خاطئة لنصوص دينية، يدربون الضعفاء على الشّحاذة وإهانة الكرامة، يروجون فى عقولنا لتفسيرات بدوية متخلفة تدافع عن بناء ثقافى متناقض.

نحن بحاجة إلى مجتهدين ثقاة يعرضون صحيح المفاهيم الدينية على محك التقدم الأخلاقى والاقتصادى والاجتماعى للبشر، نحن بحاجة لأن نخرج من جب تخلفنا المهين، ونملأ وعينا وقلوبنا بثقافة جديدة تجعل منا أمة متحضرة جديرة بالحياة بين الأمم.

Monday, September 03, 2007

مولد كشكش بيه

فى شهر سبتمبر المصرى، ينفك نحس الفقر بعيدا عن رقاب بعض المزارعين والتجار والموظفين، يتسرب إلى الجيوب إيراد جوافة وعنب وبلح ومقدم قطن وأرز، وتقبض علاوات وسلف وجمعيات وعربون بضائع، ويحصل مرابون على بعض قروضهم، وتخدش كثرة النقود جيوب عمد ومشايخ وخفراء ورجالات إدارة، وتنشط الغوازى وحانات المتعة والمهرجانات فى إقامة الموالد قاصدين التغرير بكل ساذج كى يصبح (كشكش بيه) عمدة كفر البلاص فى عشرينيات القرن الماضى، عمدة هلس قدمه مسرح نجيب الريحانى فى شخصية عبيط يرتاد كل ملهى لينفق على ملذاته فلوس كل قطن.

فى بلادنا لا يتعب أى كشكش فى البحث عن ملهى يدارى فيه ضعف غرائزه ويرمى فيه الفلوس، فموالد أصحاب الكرامات كثيرة فى سبتمبر الجميل، موالد التسوق والسياحة ودخول المدارس والغناء والزيجات الجديدة، هكذا فى هذه الأيام المفترجة يحل المولد التاسع عشر لسيدى كشكش بيه المسمى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى.

صحيح أن فكرة التجريب سامية والدعوة لها ملحة ذلك بأن أمر التطور الاجتماعى يحتاج إلى أفراد يخرجون على المتواتر فى المجتمع، يقومون بالتجريب بقصد اختبار فروض عقلية جديدة تطرح قيما جديدة فى الحياة، إلا أن التجريب العلمى يعنى أن الإنسان يستخدم مزيجا حضاريا متاحا من ثوابت اقتصادية واجتماعية وسياسية تتمثل فى مواد أولية وتكنولوجيا وذاكرة معلوماتية وتخيل إبداعى، ويخضع هذا المزيج لإعادة التناول بقصد اختبار تلك الفروض الجديدة.

التجريب العلمى المضبوط يترك أثارا إيجابية تزيد من قدرة البشر على جعل مفردات واقعهم قابلة للقياس والتقييم، ويزيد قدرتهم على تحديد القيم الصالحة لتحسين واقعهم، وفى كل الحالات فان نتائج التجريب تتأثر بمدى حرية المجربين والمبدعين، وكلما زاد تخلف المجتمع حضاريا زادت قوة القيود المعوقة لحرية التجريب والإبداع.

مهرجان المسرح التجريبي الذي يعقد هذه الأيام في القاهرة، مثال حي لتوضيح الآثار السلبية للتجريب، فالدعاية للمهرجان لا تأخذ حجمها اللازم للمهتمين بالمسرح من جمهور ونقاد وفنيين، ويرى الكثيرون أن التقصير في الدعاية للمهرجان أمر متعمد، فليس من مصلحة مجتمع يستمرئ حياة الخمول الفكرى دون تجديد أن يدعو أناسا للتجريب في ثوابته الفكرية والإدارية هكذا يشترك فى العروض عدد كبير من الفرق الأجنبية متواضعة فى إمكانياتها الفنية وفقيرة فى عطاءاتها الفكرية كما أن الكثير من المشاركين الأجانب الذين يدعون للمهرجان يتم جمعهم من الشوارع الخلفية فى بلادهم، هكذا أصبح الاشتراك فى المهرجان لعبة سياحة وسفر لمشاركين تتم استضافتهم ببذخ في الفنادق، ويدعون لإقامة ندواتهم الفكرية في صالات وجزر نائية عن جمهور الثقافة، وتكون النتيجة اقتصار حضور الجلسات الفكرية على نفر قليل جدا من المهتمين بالمسرح تتحرك حولهم نتف محدودة من دراويش يسيحون في زفة احتفالية ساذجة داخل قاعات قليلة لعروض المهرجان.

إن تقييم وقائع إقامة مهرجان القاهرة السنوى للمسرح التجريبى تعطينا نتائج سلبية، فليس فى مقدور العالم أن ينتج تجريبا سنويا فى النشاط المسرحى، ذلك بأن المسرح هيكل واقعى لبناء فكرى، والأفكار الكبيرة لا تتجدد كل يوم، وهكذا تكون حصيلة المهرجان الواقعية أن عدد جمهور المشاهدين فى كل عروض مهرجان سيدى كشك بيه التجريبى، لا يزيد عن خمسمائة شخص، لا يكادون يتغيرون بصفاتهم أو أجسادهم فى كل عام، ونجد أنفسنا أمام ملايين تنفق دون جدوى اقتصادية، كان الأجدى بها أن توجه لإنشاء مزيد المسارح وتدعيم الفرق المسرحية المحلية.ولا يبقى من المهرجان غير فكرة يسعى الكثيرون لتثبيتها فى عقولنا، أننا شعب يعيش على السياحة ويسعى لخدمة سواح المهرجانات، شعب لا يتوقف عن الإنفاق العبيط على مولد سيدى كشكش بيه التجريبى باعتباره سبوبة ارتزاق ينهب منها كثير من محدودى الإمكانيات0

Saturday, August 25, 2007

نحن والنفايات القديمة

فى سبيل توفير تكنولوجيا المعلومات، تسمح الحكومة باستيراد حاسبات آلية قديمة من الدول المتقدمة، حاسبات هى نفايات يبيعها التجار بأسعار منخفضة للمواطنين.

نحن نقدر حسن النوايا المسئولين عن الاتصالات والمعلومات حين يسعون للتقدم التكنولوجى فى التعامل مع آليات المعرفة، لكن تشغيل العقول يجعلنا نرى أخطارا كبيرة تحدق بنا نتيجة التجارة بأجهزة الحاسبات الآلية القديمة، أقلها أخطار استخدام شاشات العرض والأجزاء عالية الإشعاع على الصحة العامة، وأخطار اقتصادية واجتماعية أخرى تظهر لنا عند التفرقة بين نوعين سائدين من التجارة فى الأدوات المستعملة، هما تجارة الروبابيكيا وتجارة كل حاجة قديمة للبيع.

تجارة الروبابيكيا هى نشاط يقوم به تجار ميسورى الحال يجوبون شوارع الأحياء الراقية فى المدن، يعلنون عن أنفسهم بأصوات رخيمة تطلقها حناجرهم الهادئة فى ميكروفونات صغيرة مدللة، ينطقون كلمات أجنبية (بيكيا، روبابيكيا)، يشترون حاجيات يتم الاستغناء عنها من قبل أصحابها الأغنياء نتيجة ضعف كفاءتها أو رغبة فى تغيير طرزها، ويبيع التجار بضاعتهم لفقراء يتشبثون نفسيا بملاحقة مظاهر الغنى لدى الأغنياء، أو يبيعونها لآخرين من أغنياء لديهم رغبات فى اقتناء أعمال فنية أو أثرية، هكذا تجّار الروبابيكيا يشتركون فى صياغات اقتصادية تعالج مشاكل نفسية عند بعض أفراد المجتمع.

تجارة كل حاجه قديمة للبيع هى نشاط يقوم بها صنف من تجار فقراء ينتشرون مع دوابهم فى عشوائيات المدن وحوارى القرى، يعلنون عن تجارتهم بالطبل والزمر والحناجر، تختلط أصواتهم فى ميكروفونات خشنة قاسية يصيحون بالعربية (كل حاجة قديمة للبيع)، يشترون حاجيات أنهكها التداول بين أصحابها من الفقراء، أوعية نحاس وألمنيوم وزجاج مكسور وخرق قماش وورق وبلاستيك، يجمعون نفايات من الدروب والحوارى مقابل نقود قليلة للكبار وقطع حلوى وطبول ورق ولعب صفيح للأطفال، يقايضون النفايات القديمة بأدوات جديدة مصنوعة من نفايات الألمنيوم والبلاستيك والزجاج، هكذا تجار كل حاجة قديمة للبيع يشتركون فى صناعة تدوير النفايات، ويصوغون حلولا لمشاكل إنتاجية تضر بالكثير من فقراء المجتمع.

خبراء تكنولوجيا المعلومات فى بلادنا يعرفون أن التطور فى تقنيات الحاسب الآلى لا يخضع لقوانين تغيير الطرز أو استهلاك المكونات، هذا التطور يخضع لقانون يعرف باسم قانون (مور) الذى يقضى بأن إمكانيات الحواسب الآلية تتضاعف مرة كل عدة أشهر، وبالتالى فالتجارة فى أجهزة الحواسب الآلية القديمة لا يمكن اعتبارها تجارة ( روبابيكيا ) تتعامل مع صناعة تدوير السلوك النفسى لبعض الناس بل هى تجارة ( كل حاجه قديمة للبيع) تتعامل مع صناعة إعدام القديم وإعادة تدوير النفايات.

هكذا حين يقرر المسئولون فى بلادنا أن نشترى أجهزة حاسبات قديمة، فإنهم لا يتعاملون حضاريا مع واقع صناعة الحاسبات الآلية، ويتجاهلون أننا مقبلون على صناعة مبتورة لتدوير النفايات الالكترونية، وينسون الآثار السلبية اقتصاديا وحضاريا التى نجمت عن تجارب سابقة فى التعامل مع القديم، فمنذ سنوات قام مجلس الوزراء بإعطاء أجهزة حاسبات قديمة لمراكز المعلومات فى جهات الحكومية، وعند استخدامها الفعلى تم إعادة تخزينها أو تشغيلها دون كفاءة، هكذا أهدرت الأجهزة القديمة أموال الدولة، حتى ولو كانت أموال منح وهدايا، وضيعت مجهود عمال وموظفين تم تدريبهم علي استخدامها.

للأسف حكومتنا نتبع سياسة فى التعامل مع القديم والأقل كفاءة تؤدى لمزيد من جلب النفايات الالكترونية، وزارة المواصلات تبيع للمواطنين بموجب عقود إذعان هواتف متخلفة تكنولوجيا وبسعر مرتفع، ونتيجة لهذه السياسة انتشرت فى بلادنا تجارة الهواتف القديمة من نفايات الدول الأخرى.

نحن نطالب الحكومة بتشجيع إقامة صناعة لمكونات الحواسب الآلية، وتشجيع إقامة معاهد التعليم والتدريب فى مجال استخدام تكنولوجيا المعلومات، هذه المطالب الحضارية يقف دون تحقيقها منتفعون وتجار يقصدون أن تبقى بلادنا مدافن رخيصة للنفايات.

Tuesday, August 14, 2007

صيف بلا ذنوب

حين ينتهى أولادنا من امتحاناتهم، وتهاجمنا حرارة الصيف، ويقعدنا فى البيت ضعف مرتباتنا، وترهقنا الرطوبة ويقتل عرقنا هواء ساخن يلف شقتنا المتواضعة، يصبح من المعتاد أن أجلس فى الصالة مع زوجتى نهش الذباب الكسول ونتبادل حكايات قوم محظوظين يصيفون على شواطئ البحر.

المحظوظون فى الصيف، يهربون من الشمس إلى ماء البحر وظلال الشماسى، يهفهف النسيم على أجسادهم، يثرثرون بالأغانى والنكات ويلعبون الكرة والمساكة، يأكلون السمك المشوى والبطيخ وفطائر الزبيب، ويقزقزون اللب الأبيض وأم الخلول، ويلحسون الجيلاتى ويشربون عصير القصب والخروب، وفى نهاية أيام المصيف يعودون للأصحاب بحكايات شواطئ وجنيّات بحر وبعض أقراص من حلوى المشبك.

منذ أسابيع قليلة، نجح أولادى فى امتحاناتهم، واستلمت راتبى الجديد غير منقوص، ونجحت فى تأجيل سداد بعض الديون، واستعادت زوجتى تفاصيل حلمنا القديم بالتصييف، عندها قررت أن أحب الحياة من جديد وأصاحب زوجتى ونذهب وحدنا إلى مصيف بلطيم على شاطئ البحر المتوسط .

منذ أسبوع وصلت مدينة بلطيم ونجحت فى مفاوضات الحصول على أربعة أيام إقامة فى شقة من غرفة واحدة أعلى سطح عمارة مقابل عشرين جنيها يوميا، ومن الشقة المفتوحة على السماء طالعنا مناظر الناس والبحر والتصييف0
غالبية المصطافين أناس مصريون يثير حبهم للحياة كثيرا من الشجن، الأسطى عنتر بعد شهور من العمل المضنى، أغلق ورشته ثلاث أيام وحضر للمصيف، والحاج سيد أصابه الملل من رغى أصدقائه لحكاياتهم القديمة فقرر أن يصنع حكاياته الجديدة بالتصييف مع أولاده، والأستاذ أشرف جمع غلته من ساقية الدروس الخصوصية وراح يفك نفسه يومين على شاطئ البحر، والست هدى موظفة دخلت ثلاث جمعيات مالية ولمت القرشين لزوم التصييف، إنهم أناس بسطاء، يعرفون الحب ويجيدون الابتسام ويعيشون عيشه أهلهم.

قليل من المصطافين يمثلون ظاهرة تحتاج الدراسة، يروجون لثقافة فاسدة المنطق قليلة الذوق، فى البداية كانوا فقراء فكرا وثقافة يسألون الناس إحسانهم وعقود العمل فى الخارج، سافروا إلى بلاد الغربة والحرور يعملون عبيدا، عاشوا يمسحون عقولهم لتتكاثر نقودهم، وفى النهاية حصلوا بعد جوع على مال وقرروا أن يصبحوا أحرارا على طريقتهم، رجالهم تطول لحاهم وتقصر جلابيبهم، يتمتمون بأحاديث فرقة واعتزال، يقسمون أطفالهم إلى بنين مدللين وبنات محجبات، تختبئ نساؤهم خلف خيام لا تبين منهن غير العيون، ويستمعون لأغانى وأحاديث كئيبة، ويستحمون فى ماء البحر بلباس يشرعون مقاييسه لأنفسهم.

فى مصايفنا جماعات تدربنا كل يوم على كراهية الحياة، يحاصرون المصطافين بحملات دعائية يديرها قوم مهووسون يناصرهم إداريون ساذجون، يشوهون الجدران والأعمدة والعقول والقلوب، ينشرون لوحات إعلانية تضم أدعية وشعارات ساذجة التوجه، بعضها يرى أن مشاكل السفر لا يرفعها غير دعاء مخصوص، وبعضها يرى أن الصيف ملئ بالذنوب ولا يرفعها غير شعار صيف بلا ذنوب، وبعضها يرى أن عيون الناس مليئة بالانحراف ولا يرفعه غير شعار اغضض بصرك.

الأصل أن الجماعة من الناس لها حرية الاعتقاد وحرية الفعل، لكنها ليست حرة فى أن تشد أنف الآخرين وتصدر لبقية الناس ذلك القدر الهائل من الوصاية على أسباب الحياة، وذلك القدر الشنيع من الجمود على سلوك أهل بادية يتمسكون بالقشور، وذلك القدر المظلم من توقيف العقل فلا يدركون أن الآخرين محيطون بهم علما وتقدما.

فى مصيف بلطيم، رأيت المصطافين يعانون من مشاكل مياه الشرب، وتلوث الشواطئ، وانتشار القمامة فى الشوارع، وقلة المطاعم وارتفاع ثمن أم الخلول والسمك المشوى واللب الأبيض، فقررت العودة إلى مدينتى بعد يومين فقط دون أن ارتكب ذنب التصييف أو أحمل أية أقراص من حلوى المشبك، مؤمنا بأن الهواء الساخن تحركه مروحة كهربائية فى شقتنا المتواضعة، أفضل كثيرا على قلوبنا من التعامل مع هذا الجو الخانق.

Tuesday, August 07, 2007

الأوزون.. ومافيا الأدوية

لم تتح لى فرصة الذهاب إلى القارة القطبية الجنوبية، كى أرى السماء من ثقب الأوزون القابع هناك بمساحة آلاف الكيلومترات المربعة، ذلك بأننى لست مغامرا إلى هذه الدرجة، فالجلوس تحت سقف سماء بدون أوزون يعرض الجلد للأشعة فوق البنفسجية، يتشوه الجلد وتزداد التجاعيد، على كل حال فالأوزون ليس بعيدا عن أهلنا فى مصر، انه يتولد من تأثير موجات البحر المالح على هواء الشواطئ وتنتشر رائحته النفاذة تصيب بعض الناس بتهيج يصيب الشعب الهوائية.

فى صالون أدبى معروف، يرتاده كثير من المهتمين بأمور الفكر والأدب والثقافة، جمعتنا جلسات لمناقشة بعض مشاكل الطب والعلاج فى بلادنا، حاورنا الأستاذ الدكتور نبيل موصوف، أستاذ علاج الألم بمعهد الأورام التابع لجامعة القاهرة، ولأن الرجل صاحب أبحاث طبية كثيرة عن علاج الألم واستخدامات الأوزون فى الطب، طارت حولى كثير من المصطلحات الطبية، ولأنى لا اعرف فى توصيف الأمراض غير الصداع والهفتان والوجه الأصفر وألم الجنب والدوخة، كما لا أعرف من أدوية العلاج غير العسل الأسود، وجوز الطيب وحبة البركة ومرق الدجاج بالليمون، وشوربة العدس مع البصل، وزم الصدر بأوراق الجرائد القديمة، والأسبرين وزجاجات المياه الغازية، واعترافا منى بضعف خبراتى طلبت من الدكتور موصوف أن يلخص لنا أحوال مرض معروف يرى له علاجا بالأوزون، وأن يكون التلخيص من الآخر.

حاضرنا الدكتور موصوف عن أحوالنا الطبية، فوصلتنى بعض المعلومات عن استخدام الأوزون فى علاج أمراض التهاب الكبد والقلب والمبيض وعلاج التجاعيد والربو، بعض هذه الأمراض منتشر فى بلادنا فالتهاب الكبد الفيروسى مرض وبائى منتشر فى مصر بنسبة كبيرة قد تصل إلى ثمانية عشرة فى المئة من السكان، وهذا المرض هو ميراثنا من البلهارسيا التى عاشرتنا منذ القدم، ووجدت ديدانها فى بعض مومياوات أجدادنا الفراعنة.

يقول الدكتور موصوف، أن مرض التهاب الكبد الفيروسى يمكن علاجه باستخدام حقن يصل ثمن الواحدة إلى ثلاثمائة جنية، وتصل أجمالى تكاليف العلاج بهذه الحقن إلى ستين ألف جنيه لكل مريض خلال فترة سنه، وبنسبة نجاح تصل إلى ثلاثة وعشرين فى المئة من الخاضعين للعلاج، مع بقاء آثار جانبية يعانى منها المريض، أما استخدام الأوزون لعلاج لنفس المرض، فان تكاليف العلاج تصل إلى ستة آلاف جنيه فقط لكل مريض خلال فترة سنه، وبنسبة نجاح تزيد عن ثمانين فى المئة من الخاضعين للعلاج، دون أن يترك الأوزون أية أثار جانبية على المريض، معنى الكلام أن للمرضى بالتهاب الكبد فرصة علاج بالأوزون أكثر أمنا، وبتكلفة تقل نسبتها عن واحد إلى عشر مرة من تكاليف العلاج التقليدى بالحقن.

فى نهاية القرن الماضى وبالتحديد فى عام تسعة وتسعين منه، وافقت لجان علمية متخصصة على استخدام الأوزون كوسيلة مساعدة فى العلاج، ووافقت على استيراد الأجهزة الطبية المطلوبة، إلا أن عوائق كثيرة فى بلادنا تحول دون الاستفادة الجادة من طرق العلاج المقترحة.

قد تكون عوائق استخدام الأوزون كعلاج راجعة لتأخر نتائج الدراسات العلمية الضرورية لتقرير الصلاحية الفنية، وقد تكون العوائق راجعة إلى سطوة مافيا شركات أدوية تسعى لترويج نوع معين من العلاج قاصدة مص دماء المرضى فى الدول الفقيرة وإبقائهم حقلا للتجارب، وقد تكون المسألة راجعة لسطوة راس المال فى المستشفيات الخاصة فلا يقبل استخدام طرق جديدة تخفض أرباحه الكثيرة، وقد يكون الأمر راجعا لبيروقراطية حكومية تقصف رقاب كل تقدم.

مهما كانت العوائق فأحوالنا الصحية وظروفنا الاقتصادية تتطلب جرأة علمية وثورة إدارية لوضع طرق العلاج المستحدثة فى دائرة الضوء العام، نعرف المزايا والعيوب فلا يتاجر احد بفقرنا أو جهلنا أو مرضنا.

Tuesday, July 31, 2007

!! طلب عمل اضافى

فكرت وبصّرت كثيرا فى أن أجد عملا إضافيا قاصدا التخلص من أحوال اقتصادية سيئة تحيط بى ويعانى منها غالبية أساتذة الجامعة، تصورت أن تخصصى فى علم الإحصاء والرياضيات وحاجة الجميع لمنهج التفكير الرياضى يكفلان لى مجالات متسعة للعمل الإضافى فى معاهد وأكاديميات القطاع الخاص، هكذا فكرت فى المشكلة، التخصص نادر والحاجة إليه شديدة، وبدأت اتبع الطريق العقلى للبحث عن عمل إضافى، أعرض نفسى بوضوح وأحاسب الآخرين بوضوح، ولأن العقل لا مجال له فى كثير من أمور حياتنا باءت محاولاتى بالفشل.
ذات مرة طلب منى زميل أن أقوم معه بالتدريس بأحد الأكاديميات الخاصة، بعد حسبة بسيطة وجدتنى سأحصل على ما يقارب مائتى جنيه شهريا مقابل أعباء التدريس لمدة يوم واحد أسبوعيا، هكذا يكون الأجر الرسمى مقابل عدد ساعات التدريس الفعلية، وهكذا كان وضوح خسارة الحسبة عندى يدعو للرفض فالعائد اقل من التلكفة، وحين رفضت عرض العمل حادثت زميلا أخر خبير فى عمليات الإعارة والتقاط حبات الرزق من فوق الجسور والحوائط، فطوح بيده فى وجهى وقال يا راجل لا ترفس النعمة، الناس تقتل بعضها على لقمة حلوة، ثم ربت على كتفى ونصحنى بضرورة الموافقة على التدريس وبنفس المبلغ المحسوب، وأخبرنى بأن العملية التعليمية فى الكليات والمعاهد فى التعليم الخاص تخضع لقوانين أخرى غير معلنة، شعارها شيّلنى وأشيّلك، إنها قوانين على شاكلة قانون عمل الجرسون فى كازينو أو مقهى بلدى، الجرسون يتم تعينه مقابل أجر زهيد ومتواضع جدا، مئة جنية شهريا مثلا، والجرسون الشاطر يقبل هذا الأجر الزهيد وربما يدفع من جيبه الخاص رشوة لصاحب المحل ليبقيه فى العمل، المهم أن يضع الجرسون قدمه فى المحل ليعيش بعد ذلك على البقشيش وما يتركه الزبائن من فيوضات تتزايد كلما تساهل معهم فى اختراق الأعراف والقيم العامة.
الواقع الحى يقول أن العمل التدريسى فى المعاهد والأكاديميات الخاصة أمر ميسور لمن كانت به خصاصة، على المحتاج أن ينضم إلى قائمة من أساتذة ذات مصالح مشتركة, لهم سماسرة فى القرى والبيوت ودور العبادة ومكاتب الوزارات، أحدهم يقوم بتدريس مقررات نصف تدريس، وآخر يؤلف كتبا ربع تأليف، وثالث يبيع الكتب المقررة بأكثر من ثمن البيع، وعلى الباقين أن يسهلوا عملية الامتحانات والغش والتصحيح وإظهار النتائج الباهرة، ويقتسمون الغنيمة.
كل هذه اللصوصية فى تعليم أولادنا يديرها أصحاب مؤسسات تعليم مشكوك فى قدراتهم العلمية والأخلاقية، أحدهم دبلوم زراعة يملك ويدير معهدا علميا، وأخر حصل بجهد جهيد على دبلوم صنايع واشترى بسهولة شهادة دكتوراه مضروبة من دولة شرقية وأصبح يملك أكاديمية وجامعة، وثالث أقام مبنى فخم جدا على مساحة ضيقة جدا دون معامل ودون ملاعب، مبنى لا يصلح لغير بيع السيراميك والأدوات الصحية، ومع ذلك أصبح المبنى أكاديمية، هكذا دون قدرة علمية أو وازع أخلاقى ينتشر النصابون فى بلادنا، يتاجرون بالعلم ويصنعون فسادا ويهدمون كثيرا من القيم.
ذات مره سألت أحد المديرين عن فرصة للتدريس فى معهده، قابلنى المدير بترحاب وحين تأكد أننى خارج دائرة مصالحه الخلفية تهرب من إجابة طلبى، أتحفنى بقهوة وشاى ودعوة على الغداء مع توصيل لائق لشخصى قاصدا أن يتخلص منى باعتبارى مصدرا للقلق، عند باب الخروج أخبرنى انه ليس سيئا إلى الحد الذى أتصوره، أقسم بالطلاق مداعبا انه رجل طيب يقوم بخدمة جليلة للمجتمع وللحكومة، يحبس أجساد طلاب ضعاف علميا واجتماعيا فى معهده، ويستهلك أموال لا يحسن قدرها أولياء أمور منافقون، ويشغل الجميع بما يسمونه الدراسة الأكاديمية، الولد الطالب ذاهب للمعهد والبنت الطالبة عائدة من الأكاديمية، فينشغل الطلاب ويستريح الآباء، هكذا يعبر الطلاب سنوات المراهقة وفورة الشباب فى معهده، يعاقرون نجاحا ورسوبا وجلوسا على الكافيتريات والمقاهى المجاورة، وفى النهاية يحصلون على شهادات مضروبة تدليسا، يواجهون الحياة بشباب واهن وعقول ضعيفة، تتلقاهم طوابير البطالة والزواج والعيش على الهامش هنا فى دولة القعاد أو العيش عبيدا هناك فى دول الغربة، هكذا يتم ترويض أعداد هائلة من الشباب فلا يسببون ألما ثقافيا لأولياء أمورهم ولا يسببون صداعا سياسيا للحكومة، هكذا أقنعنى مدير معهد خاص انه يقوم على إدارة مؤسسة مهمتها تربية عجول لا صناعة عقول، واقتنعت أن للنصب ضرورة فى بقاء المجتمعات فاسدة.
بعد هذه الفضفضة والمصارحة بحال التعليم الخاص فى بلادنا أتسائل، لو أنى أحد المسئولين عن معهد علمى خاص من غالبية المعاهد التى ترعاها وزارة التعليم العالى فى مصر، توليت منصبى فى غفلة عن عيون العقلاء، هل اختار من هم على شاكلتى للتدريس فى هذا المعهد؟ الإجابة بالقطع لا، فمثلى لا يصلح للعمل تحت هذا النظام !! ذلك أننى أعرف أن الربح فى التعليم الخاص وفير ويزيد أكثر مع كل تجاوز وإفراط فى الرشاوى والدعاية والاحتيال، فعلا أنا لا أصلح للعمل تحت هذا النظام، أننى لا أعرف فقط بل وأجاهر بالمعرفة أن هذا الربح القاتل سببه أولياء أمور متخلفون ثقافيا يدفعون بطلاب علم ضعاف اجتماعيا إلى مؤسسات ترعاها دولة رخوة سياسيا، وأعلن بشكل إحصائى أن هذه العملية يديرها فى الغالب الأعم أساتذة شطار ولصوص.

Saturday, July 21, 2007

العالمه .. والعالم باشا

النصابون فى بلادنا خلق كثير، بعضهم يبنون حجرات متراصة تحمل أسماء مؤسسات وأكاديميات علمية، يتولون قيادة العملية التعليمية بشهادات علمية فاسدة، ولسبب فى نفس يعقوب ينالون بركة المسئولين فى وزارة التعليم العالى.


فى هوجة من انهيار القيم، حصل بعض المدلسين من أصحاب المعاهد الخاصة على درجة الدكتوراه من دول أجنبية، حصلوا عليها فى شهور قليلة، وزاد بعضهم فجورا واشترى شهادات دكتوراه فخرية، وأطلقوا على أنفسهم لقب أستاذ دكتور، يدلسون على طموحات طلاب يسعون للعلم، ويضحكون على ذقون أولياء الأمور يبحثون عن صلاح أمور أبنائهم، ويذرون الرماد فى عيون مسئولين يخططون للتعليم.

التاريخ الشخصى لهؤلاء المدلسين يثبت أن قدراتهم الذهنية والشخصية جعلتهم يتعثرون سنوات فى دراستهم المتوسطة والجامعية، وحين تعاظمت رغباتهم فى السلطة وتضخمت إمكانياتهم المالية المشكوك فى بعض مصادرها، اشتروا شهادات علمية مضروبة من دكاكين فى دول أجنبية، وبأموالهم الكثيرة يغرقون الصحف بالإعلانات عن ألقابهم العلمية وإمكانياتهم الاجتماعية، ويشرعون فى بناء أكاديميات وجامعات خاصة، يداعبون شهوات بعض المسئولين فى الهيئات ذات الصلة، قاصدين أن يمروا بتدليسهم فى القنوات الشرعية للتعليم فى مصر.

إن كل لقب علمى يلزم صاحبه بحمل صفات موضوعية محددة ومعلنة، وعلى الدولة أن تفصل بين الغث والثمين حتى لا يغرر بالطلاب أو أولياء الأمور ويضار المجتمع، أجهزة الرقابة فى الدولة تعرف الشهادات الحقيقية من المضروبة, وتعرف دكاكين بير السلم فى دول تعطى شهادات لمن يدفع، وتعرف طرقا علمية تسيطر بها على مصداقية إعلانات الصحف.

إن تقدمنا العلمى قرين بالكشف عن صدق الشهادات العلمية والقدرات الأخلاقية لقياداتنا العلمية، لنتجنب ويلات ما نحن مقبلون عليه من تزكية الأوضاع الفاسدة فى التعليم الخاص.

كفانا تدليسا على أنفسنا، نطلق لقب العالمة باشا على كل راقصة، ولقب العالم باشا الأستاذ الدكتور عميد المعهد ومدير الأكاديمية على كل من يملك قرشين يدير بها مزرعة لتربية العجول ويتخصص فى بيع شهادات علمية مضروبة.

Wednesday, July 18, 2007

عطر من ورد جميل

وصلتنى رسالة من زميل مسيحى، كنا نعمل معا فى إنشاء السد العالى بأسوان فى عام 1966م ، كنا زملاء عمل منذ أربعين عاما ، شبابا نمسك لهيب الشمس فى ظهيرة أسوان قاصدين أن نبرد قلوبنا بمزيد من الماء يحتجزه السد العالى خيرا لنا ، نحن المصريين .
=====
عزيزى الدكتور ياسر العدل
تحية طيبة - وبعد
أعجبت كثيرا بكتاباتكم التى طالعتها فى جريدة الأخبار والوفد وبعض الجرائد الأخرى - وكنت أتساءل دائما : هل الكاتب هو نفسه ياسر العدل - زميل العمل فى هيئة السد العالى بأسوان فى ستينيات القرن الماضى ؟ أم أنه مجرد تشابه أسماء ؟؟ إلا أن تلميحاتكم عن أسوان والسد العالى فى كتاباتكم جعلتنى أتأكد أنكم نفس الشخصية المتميزة التى كان لى شرف التعارف معها فى أسوان.

ولا أدرى هل مازلت تتذكرنى أم لا؟ لقد تزاملنا سويا فى دورة تثقيفية سياسية لمنظمة الشباب وكان محورها هو دراسة كتاب الميثاق الذى وضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وما زلت أتذكر أحد أيام هذه الدورة حيث كان مطلوبا منا اختيار أحد الأخبار المنشورة فى الصحف والتعليق عليه أمام الحاضرين كنوع من التدريب على مواجهة الجماهير، ويومها طلبت منى أن لا أضحك عندما يجيء دورك وتجلس على المنصة لتقول تعليقك السياسى، وأتذكر أنك اخترت موضوعا لا يمت للسياسة بصلة وكان منشورا فى باب صدق أو لا تصدق بجريدة الأهرام عن أول حزام صنعه الإنسان من فروع الشجر، وفى نبرات جادة اختلقت موضوعا عن القوى الإمبريالية وكيف جعلتنا نرتدى الأحزمة من الجلد بدلا من فروع الشجر كى تقضى على الثروة الحيوانية القومية، وكيف أن الاستعمار هو الذى فرض علينا تغيير أنماط حياتنا لتتوافق مع أطماعه، ويومها أخفيت وجهى خلف الحاضرين لأننى لم أستطع أن أمنع نفسى من الضحك خاصة بعد أن قام المشرف على الدورة بتقييمكم والثناء عليك لاختيارك هذا الموضوع وصادق على اتهاماتكم للاستعمار والقوى الإمبريالية العظمى.
ما زلت أتذكر كيف كنا نقضى أمسيات هذه الدورة وأنت تعزف على آلة موسيقية بسيطة أغنيات عبد الحليم وموسيقى زوربا اليونانى، ولقد تكررت بعدها لقاءنا فى أسوان إلى أن أخبرتنى أنك قدمت استقالتك وسوف تقوم برحلة أوتوستوب فى أفريقيا ويومها تعجبت لجرأتك وأفكارك المتحررة، ومن يومها انقطعت الاتصالات بيننا، إنها ذكريات قديمة لا تنسى.
عزيزى الدكتور ياسر، اننى أقيم حاليا بمدينة الإسكندرية منذ أن تركت أسوان بعد انتهاء العمل فى السد العالى وأتمنى أن أراكم قريبا فى الإسكندرية وسوف تكون فرصة طيبة لاستعادة الذكريات، هذا إذا كنت ما زلت تتذكرنى.
ختاما لكم منى أجمل التحيات وأطيب الأمنيات بموفور الصحة والسعادة لسيادتكم ولجميع أفراد الأسرة الكريمة وبالتوفيق دائما.
أخوك عبد المسيح مليكه
=====
هكذا وصلنى عبر الانترنت خطاب من زمن بعيد يذكرنى بأحداث عشتها على أرض مصر حبا للأصدقاء وعشقا للحياة، هكذا يتجسد الانتماء لبلادنا فى بعض صور من هذا التواصل الإنسانى، وعلى الفور قمت بالرد عليه.
=====
آخى عبد المسيح مليكه
ياسر العدل يحييكم من منزله العامر فى الجيزة، أحييكم ومعى زوجة حبيبة طيبة وثلاثة أولاد طموحين رائعين، أحييكم وما زلت أملك قدرات نفسيه على مغازلة النساء والكلاب وبعض أنواع الرؤساء.
أخى عبد المسيح ، أنا فعلا ياسر العدل ذلك الموظف القديم فى السد العالى بأسوان، ودارت بنا الأيام لأتجاوز من العمر الستين عاما، أنا أيها الصديق إنسان كثير المعارف قليل الأصدقاء، أحب الحياة وأرجو من الله أن يعطينى ثلاثين عاما أخرى كى أستطيع أن أقدم خيرا للآخرين، كلمة طيبة أو مسحة أسى عن جبين مهموم أو يدا تمتد بالمساعدة لإنسان ضعيف.
أخى عبد المسيح، منزلى شقة متواضعة على ناصية رمليه فى طرف مدينة الجيزة، على بداية طريق الفيوم الصحراوى، هى مسافة اقل من اثنين كيلومتر تفصل بيننا وبين الهرم الأكبر، وحوالى خمسه عشر كيلومتر بيننا وبين مقابر الجيزة ، ولا رابط لدى بين الهرم والمقابر، فقط أنا أحب الحياة الجميلة وأسعى للموت الجميل أيضا.
أخى عبد المسيح، فى شقتنا المتواضعة أحلم كل يوم اننى سأتجاوز عيوبى وأصبح إنسانا جميلا، أحب الله بقلب طيب ويحبنى الناس من اجل هذا القلب.
بالمناسبة لدى سيارة وأدوات رحلات بسيطة أجوب بها كثيرا من الأماكن، بحثا عن مواطن الجمال والحب فى بلادنا، قاصدا تدريب نفسى على مزيد من الانتماء لهذا الوطن الجميل، وبحثا عن تمثال أو أقنوم لكل قيادة فاسدة، قاصدا أن أقتله أو على الأقل أن أقطع قدرته على إنجاب المزيد من الفساد.
أخى عبد المسيح، أرجو أن نتواصل على خير.

Tuesday, June 26, 2007

!! ... رسالة مفتوحة قليلا

السيد وزير التعليم العالى، كل سنة وأنت طيب ، نحن فى مواسم تغيير القيادات الجامعية، وأنا مواطن مصرى قرفان من ضعف تطبيق العدالة فى جامعاتنا، بعض الناس يعرفون أننى أعمل فى حقل التدريس الجامعى، وهذا نصيبى من رزق المواطنة فى بلادنا العزيزة، ما لا يعرفه الكثير أننى أكشف رأسى فجر كل يوم فاتحا يدى على صفحة السماء، أدعو لك بالحكمة واستمطر اللعنات على كثير من قيادات العمل الجامعى ممن يعطيك حقك الدستورى فرصة تعديل سلوكياتهم غير المسئولة.

سيادة الوزير أنا الآن على وشك الانزلاق إلى ساحة مليئة بقضايا سب وقذف وخروج على مقتضيات العمل الوظيفى، لذلك أرجوكم من باب الدفاع عنى وقت الحاجة إزاء ما سيقوم به بعض الموظفين التابعين نظريا لقيادتكم، أن تتأكدوا أنى موظف حكومى غلبان، لا أسعى لتحقيق مصالح شخصية، فقط أنا مجرد فاعل خير مفضوح الاسم والعنوان.

الحكاية أنه فى كلية نظرية بجامعة إقليمية، هكذا بعيدا عن شبهة السب والقذف، دخل امتحانات هذا العام طلاب مصريين وأجانب، بعضهم ارتكب جريمة الغش فى الامتحان وعلى الفور جرى التحقيق مع الغشاشين، لكن عميد الكلية سمح بتطبيق كل القانون على المصريين من أكلة الفول المدمس وأمر بتنفيذ بعض القانون على الأجانب من شاربى البترودولار.

يا سيادة الوزير، أطلب شهادة عدل من سيادتك، ليس فى مقالى هنا إفشاء لأسرار أو رسما لفضائح صحفية، فمجمل هذه الواقعة معروف لدى الكثيرين خارج الجامعة وتفصيلاتها معروفة أكثر لدى الجهات الرقابية، هكذا لا أصبح خارجا على مقتضيات العمل الوظيفى، فقط أنا هنا أتساءل عن قضية رأى عام تمس نزاهة الإدارة وتجور على مصالح العلم والمواطن، ماذا حدث مع الطلاب الغشاشين الأربعة بالدراسات العليا بالكلية إياها، من مصريين وأجانب، الذين ضبطوا فى حالة تلبس بالغش فى امتحانات هذا العام؟ هل تم تطبيق القانون عليهم؟ أم أن القانون تنحى لصالح نظام الخيار والفاقوس؟
يا سيادة الوزير، اسمح لى أختبر معلوماتى عن آليات المراجعة والتقييم وإعادة النظر فى تعيين قيادات جديدة، ودعنى أتساءل فى خبث، من بيده القدرة على محاسبة عميد كلية يرتكب تصرفات غير مسئولة؟

Wednesday, June 20, 2007

!!بعض الحساب.. لا يجمع

عشت كثيرا وجاوزت الستين من عمرى ، فى رحلات داخلية فردت جسدى على معظم أرجاء مصر ، مدنا وقرى وواحات ، وفى رحلات خارجية حطت أقدامى على أراضى دول عديدة ، زرت ستا وعشرين دولة فى أفريقيا واسيا وأوربا وأمريكا الشمالية ، قابلت أناسا ومواقف واتجاهات فكرية حفرت فى ذاكرتى كثيرا من الوقائع الحياتية ، لكننى لم أتوقع بعد كل هذا العمر وطول العشرة أن أجد قيادات عمل مصرية تمارس وجودها الوظيفى بانحطاط أخلاقى شديد ودونية أشد مثلما وجدت عليه حال قيادات وزملاء اعتركت معهم فى الشهور الأخيرة.


هناك أسبابا كثيرة جعلت منى رجلا قرويا مكافحا، نشأت عصاميا رحالا، أعتمد على قدراتى وأهرب من الشللية، لا أخجل من عيوبى، عشت معظم الوقت واثقا فى قدراتى النفسية والعقلية ، ابحث عن الحقائق وأسعى لأن أكون كريم القلب موفور الحكمة ، وأدلى بآرائى قاصدا الوصول إلى العدل والإحسان بين البشر، هكذا وعلى مدى يزيد عن عشر سنوات، كتبت مقالات صحفية انتقد فيها فسادا جامعيا تصنعه قيادات تتغنى بصفات الحمار تسطيحا وأنانية وانتهاز فرص، وفى كل مقال أطالب أصحاب المصالح فى تقدم بلادنا أن يتوقفوا عن التغنى بحب الحمار، وأدعو الجميع لطرد الحمير من سدة الحكم والقيادة، هكذا أصبحت عرضة للقيل والقال والترصد.


أحد القيادات مدير متواضع فكرا وثقافة ، أهاج ضدى لمما كثيرا فى مجالس إدارية وفى تحقيقات وظيفية ، قاصدا النيل من حريتى فى إبداء الرأى وقاصدا ترهيب الآخرين بقدراته ، أنا لا ألومه على فعلة التهييج والتوريط ضدى ، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه ، فكيف لقائد مدير أن يكون حقير الأسلوب وكاذب الطوية إلى هذه الدرجة؟ ، كيف يقسم فى مجلس أننى سببت أهله وشتمت أمه؟ ، وهذا لم يحدث منى ، كيف يلجأ للتزوير فى تواريخ أوراق شكوى مقدمة ضدى من احدى الزميلات؟ ، كيف يتباطأ فى إعلامى بمواعيد جلسات تحقيق وظيفى معى حتى يصلنى الإعلام بعد مرور الوقت المحدد؟ ، كيف يدس للآخرين وقائع عنى لم يثبت التحقيق وقوعها؟ ، كيف فى كل مرة يفشل في الإيقاع بى يرى أننى سبب انهيار كونه الفاضل ويعلن فى مجالس مختلفة انه سينال منى؟ ، الإجابة لهذه الأسئلة تدور حول محور رئيس ، أن هذا المدير تولى منصبة بالتعيين دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.


قائد آخر مدير متواضع فكرا وثقافة ، أحالنى للتحقيق الإدارى قاصدا النيل من حريتى فى إبداء الرأى وقاصدا ترهيب الآخرين بقدراته ، أنا لا ألومه على فعلة التهييج والتوريط ضدى ، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه ، فكيف لقائد مدير أن يكون ساذج الأداء إلى هذه الدرجة؟ ، كيف يستعين فى إدارته بأفراد غير أكفاء ويسترشد بآرائهم؟ ، كيف يتهمنى على الملأ بتهم غير حقيقية ويجرى التحقيق معى فى تهم أخرى ساذجة ؟ ، كيف يسمح لبعض المنتفعين أن يورطوه ليظهر أمام الناس مجرد قيادة لا تعرف تضاريس بيتها؟ ، كيف يتصور أن انسحابه اللائق من مواجهة رأيى هو تقديم اعتذارى له عما لا يجب الاعتذار عنه؟ ، الإجابة لهذه الأسئلة تدور حول محور رئيس، أن هذا المدير ضعيف الشخصية يسعى لاستغلال منصبة، تولى منصبة بالتعيين دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.


أحد الزملاء متواضع فكرا وثقافة، ساعد الآخرين فى سلوكياتهم الدنيئة ضدى، أنا لا ألومه على فعلة المساعدة ضدى، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه ، كيف يقرأ مقالاتى بطريقة خاطئة الفهم وفاسدة النوايا؟ وكيف يكتب ضدى كتابات عبيطة متدنية فكرا وأسلوبا؟ وكيف لا يحترم مجهوده ويسمح للآخرين أن يوقعوا بأسمائهم على كتاباته؟ الإجابة عندى لهذه الأسئلة، أن هذا الزميل تدرب طوال سنوات أن يكون تابعا عبيطا أهطلا يأخذ إحسانا من الآخرين ، يعطى دروسا خصوصية هناك لبعض الطلاب أو يطبع كتابا هنا لبعض الطلاب دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.


زميل أخر متواضع فكرا وثقافة ، ساعد الآخرين قى سلوكياتهم الدنيئة ضدى ، أنا لا ألومه على فعلة المساعدة ضدى ، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه، كيف يهيج القوم مطالبا بالمقصلة لرقبتى جزاء وفاقا على حريتى؟ كيف يتصور أننى مثله، أتاجر بآرائى ويطلب منى أن أكتب اعتذارا عنها لأكسب مغانم أخرى؟ الإجابة عندى لهذه الأسئلة، أن هذا الزميل تدرب طوال سنوات أن يكون تابعا لئيما، يتاجر مع الجميع بقلب أسود، قاصدا الاستئثار بإحسان الآخرين دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.

هكذا أردت هنا أن أضع بعض الحساب البشرى لقيادات كبيرة سببت لى إزعاجا شديدا، لكن بعض الحساب لا يجمع خيرا لأصحابه، فقط حساب المتواضعين فكرا وثقافة يطرح من رصيد أدميتهم ويلقيهم فى كناسة الذاكرة.

Sunday, June 10, 2007

نميمة على قيادات جامعية

الشهرة لا تأتى جزافا، بعض الشطة والمقبلات والاشياء السخيفة والغباء الادارى يمكنها أن تصنع جحيما من شهرة مؤقتة, هذا حدث معى فأصبحت رغما عنى مشهورا بين صغار الموظفين وبعض الزملاء فى مجال عملى بالجامعة، يسألونى عن أشياء ومشاكل كثيرة وكأنى صاحب الحل والعقد فى بلاد المعمورة, كل ما حدث ان تحقيقات ادارية تضمنت ادعاءات خطيرة جرت معى على ناصية أمور تافهة، أمور لا يرتكبها الا ساذج ولا يرفضها الا أحمق ولا يحيلها للتحقيق الا متواطئ.
ذات مرة تصورت أن من تافه حقى أن أجتهد فى إبداء الرأى فيما يدور حولى, وهذا التصور فى دولة كمصر هو تصور ساذج، فكيف يحاول مصرى بسيط, لا يملك عزوة أو جاها، أن يبدى رأيا قبل أن يقدر لرجله قبل الخطو موضعها، هل يدوس على ذيل كلب نائم؟ أم أنه يضرب أنف خنزير جائع؟ ما حدث أننى فعلت الأثنين معا!! فمن يتكلم فى مصر عن الفساد وعدم الكفاءة فى أختيار القيادات، هو بالضرورة داخل حارة سد مليئة بالكلاب المسعورة والخنازير الجائعة, هكذا حولنى تواطؤ الادارة الى التحقيق وأصبحت مشهورا الى حين.

لست وحدى ممن أصابهم جحيم الشهرة، ففى الجامعة أناس جدد يدخلون هذه الأيام عالم الشهرة وتطرح حولهم تساؤلات كثيرة، فالجامعة بصدد تغيير بعض قياداتها الكبيرة، وأصبح منطقيا أن يلوك الموظفون سيرة المرشحين قاصدين معرفة الخلطة السحرية اللازمة لتعيين قيادات جديدة.

هكذا أصبحت مشهورا أصغى لكثير من صغار الموظفين فى مجال عملى، يسألوننى من هم الأولى فى شغل المناصب الجديدة بالجامعة، هل هم السادة الأحرار بكفاءتهم فى منصب بذاته أم هم العبيد الأذلة باشتياقهم لأى منصب.
هنا، بحكم الشهرة المؤقتة وحب النميمة الدائم، أحاول ابداء رأيى لزملائى من صغار الموظفين فى موضوع استخلاف قيادات جديدة فى الجامعة، رأيى لا أتداوله مع زملائى كبار الموظفين فهم يعرفون اللعبة جيدا ويسكتون عن رأيهم رهبا أو طمعا.
أنا أرى أن الرجل كثير العيوب هو صاحب الفرصة الأكبر لشغل منصب كبير, فعيوبة تشد عنقه فى أيدى أسياده فلا يملك الا أن يلهث كالكلب رهقا ان شدوا عليه أو تركوه.

من عيوب المرشح لشغل منصب قيادة جامعية أن تكون شهاداته العلمية مضروبة، مثلا بعضهم اشترى درجة الماجستير وأخرون كتبوا له رسالة الدكتوراه وكذلك أعطوه ابحاث الترقية، ومن العيوب أن يستعين المرشح ببعض المعوقين وسدنة الوصولية من أجل أن يشيعوا بين الأخرين أنه صالح وخبير، ومن العيوب أن يطلب المرشح بعض العمال والعاملات فى الجامعة لخدمته فى شقته الخاصة سواء كانت الخدمة مدفوعة الأجر أم لا, وسواء تحرش بهن أم لا، ومن العيوب أن يتيه المرشح فخرا بشهادات خبرة مشتراه من مصادر غير معروفة ، وتباع عند بير السلم لكل من يدفع، وأن يعلن عن هذه الشهادات فى المجالس والصحف وكأنها شهادات ذات وزن علمى كبير، من العيوب أن يسخر المرشح حيثيات العمل العام لخدمة مصالحة الخاصة حتى ولو تعارضت مع القيم العلمية، من العيوب أن يكون المرشح سكيرا ومغرما بالنساء وكاذبا أيضا، واكثر العيوب تأثيرا أن يكون المرشح غير مثقف وصولى متواضع الفهم يعلن انه واصل لمن يضعه فى المكان الذى يريد وفى الوقت الذى يريد، مثل هذه العيوب أو بعضها لو اجتمعت فى مرشح فانها كفيلة, فى المجتمعات الديمقراطية ذات الشفافية, أن تنفى صاحبها من دائرة المواطن الصالح.

والآن الى زملائى صغار الموظفين، الأستاذ ميم والأخت صاد والأخ عين والأستاذة كاف، من المؤكد أننا لسنا وحدنا نرصد العيوب الأخلاقية والفكرية لبعض المرشحين، هناك جهات رقابية كثيرة تعرف وترصد عيوبا أكثر وأكبر، لكن رأى أجهزة الرقابة شيئ ورأى صاحب قرار التعيين شيئ أخر، ومسئولية الأختيار القيادات تقع على صاحب قرار التعيين.

أحبائى صغار الموظفين فى الجامعة, نحن لا نملك الكثير ليصل رأينا الموضوعى لصاحب القرار, ربما يصيب فى اختياره لمصلحة الجميع، ونحن فى انتظار أن يتخذ القرار الصالح يبقى لدينا سؤال صالح لتشغيل الغيبة والنميمة, هل من مصلحة الحكم أن يستعين بأفراد أهل ثقة معطوبين يسهل التحكم فيهم بعيوبهم، أم أن مصلحة المحكومين أن يستعين الحاكم بأهل كفاءة صالحين يسهل الاستفادة من خبرتهم؟ أحبائى لا تتخابثوا بإدعاء إجابات ساذجة, فالاجابة الموضوعية واضحة تماما، السلطة المصرية بوضعها الحالى فى مأزق ادارى سيئ لذلك فإنها تميل الى اختيار القيادات من بين أهل ثقة معطوبين, ولا عزاء لأهل الغيبة والنميمة.

Monday, June 04, 2007

!!.. شايلينكم لعوزة

يوم الثلاثاء الموافق 29 مايو 2007م نشرت مقالا فى جريدة نهضة مصر اليومية تحت عنوان ( يا دكتور نظيف: نسألكم الرحيلا )، تعرضت فيه لمشكلة البطالة بين الكفاءات الشابة فى بلادنا واتخذت مثالا فى حاله ابنى عمٌار، حاصل على شهادتين من جامعة القاهرة درجة بكالوريوس علوم الحاسب بدرجة جيد جدا مع مرتبة الشرف ودرجة الماجستير فى تكنولوجيا المعلومات، ومع ذلك فالمجتمع لا يستفيد من إمكانياته، ولم أذكر فى مقالى ضرورة الحصول على وظيفة لعمُار، وردا على مقالى تكرم مسئول بوزارة التنمية الإدارية واتصل بى قاصدا حلا فرديا لمشكلة ابنى، والحقيقة أن مشكلة عمار ليست مشكله فردية اسعى لحلها عن طريق مقال أو استجداء فضل أحد، ولكنها مشكلة عامه يجب أن تنتبه الدولة إليها، فباختصار شديد المجتمع المصرى دفع ويدفع كثيرا من العرق والدم لتعليم المتفوقين من أمثال عمار، وليس جائزا أن تتوقف الدولة عن رعاية متفوقيها وتدفعهم للسفر شرقا للعمل خدما لدى نظم عربية متخلفة ثقافة وفكرا ودينا، أو أن تدفعهم للسفر غربا ليزداد الغرب ثراء على حساب المزيد من فقرنا، على الدولة المتحضرة أن تخطط للاستفادة من إمكانيات أبنائها.
=====
فيما يلى نص خطاب المدير العام بوزارة التنمية
السيد الدكتور/ ياسر العدل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالإشارة إلى شكواكم بجريدة نهضة مصر ص 9 بتاريخ 29/5/2007 تحت عنوان ( يا دكتور نظيف: نسألكم الرحيلا ) بشان توفير فرصة عمل لنجلكم عمار.
رجاء التفضل بموافاتنا بالسيرة الذاتية الخاصة به وكذا وسيلة اتصال حتى يتسنى لنا اتخاذ اللازم فى هذا الشأن.
العنوان 3 ش صلاح سالم مبنى وزارة الدولة للتنمية الإدارية بجوار الجهاز المركزى للمحاسبات.
شكرا
التوقيع
أ.ص
مدير عام بالوزارة
=====
ورددت عليه بالرسالة التالية:
الأخ الأستاذ / المدير العام بالوزارة
بعد التحية
شكرا على اهتمامكم بما ورد فى مقالنا المنوه أعلاه
أحيطكم علما بأننا ( شايلينكم لعوزة) فالولد عمٌار يعلن عن مطالب كثيرة، شقة وعروسة وعربية وأشياء أخرى لا يستوعبها عقل شيخ مثلى، وحين استعنت أنا بقدرات أم عمٌار للتلصص على طموحاته السرية، وشوشتنى بأن الولد عمٌار يفكر فى رياسة حزب كبير تمهيدا للحصول على رياسة الجمهورية
عزيزى المدير العام، كم هو ابنى عمٌار؟ انه شاب مصرى بسيط يملك كثيرا من الطموحات غير المبررة
أخوكم
د. ياسر العدل
=====
تعليق أخير على المقال والخطابين :
الحلول الفردية للمشاكل الجماعية تفتح أبوابا كثيرة للفساد والرشوة.


Monday, May 28, 2007

التعليم السياحى

المجلس الأعلى للجامعات فى مصر المحروسة، أصدر قواعد اجرائية توافق لعبة السياسة بين الدول وتنافى قواعد العدالة بين طلاب العلم، فمن القواعد المقررة فى طلبة الدراسات العليا بالكليات النظرية أن يستوفى الطالب شرط الحصول على تقدير جيد على الأقل فى مرحلة البكالوريوس، هذه القاعدة اخترقها المجلس الأعلى للجامعات واستثنى الطلاب غير المصريين من هذا الشرط، وقرر المجلس أن تقبل جامعاتنا طلابا أجانب حاصلين على شهادات علمية من جامعات ومعاهد دون مستوى جامعاتنا وبتقدير علمى أقل، هكذا مجلسنا الموقر يرى أن الطلاب المصريين هم أولاد البطة السوداء يسهل تنغيص حياتهم العلمية مقارنة بالطلاب الأجانب أصحاب التعليم السياحى ممن يطلبون تدليلهم.

ولأن رب البيت أصبح بالدّف ضاربا فقد أسرف بعض أهل البيت بالرقص الماجن، هكذا اجتمع مجلس إدارة كلية نظرية بجامعة إقليمية، وبعض أعضائه صاغرون بضعفهم كالعادة، ووافق على أن يعفى الطلبة الأجانب المسجلين فى الدراسات العليا من شرط الحضور فى قاعات الدرس مثل المصريين، كما وافق المجلس على أن تعقد لهؤلاء الطلاب دورة تدريبية مكثفة مدتها شهر واحد لتعويضهم عما فاتهم من دروس، وقرر المجلس الموقر منح مكافآت لبعض أعضاء هيئة التدريس عما يبذلوه من جهد فى تدليل هؤلاء الطلاب الوافدين.

صحيح أن الطلاب الأجانب يدفعون رسوما دراسية أضعاف ما يدفعه الطالب المصرى، ويفترض أنهم يعودون إلى بلادهم بتعاطف مع أهل مصر، لكن الأصح أن نظام التعليم المحترم لا يروج لسياسة التعليم السياحى، ولا يسعى للتفرقة بين طلاب العلم حسب انتمائتهم السياسية او حسب لون جلدهم أو حجم انتفاخ جيوبهم بالأموال، نظام التعليم المحترم لا يترك فرصة لبعض أعضاء مجلس علمى يكونون أغلبية توافق على قرارات لمجرد أنها تحقق طموحاتهم المتواضعة فى دخل إضافى هنا أو عقد عمل هناك.

يا قوم نظام تعليمنا الجامعى ينهار، بعض مجالسنا العلمية ترتكب مخالفات دستورية، تلزم الطالب المصرى بتقديرات علمية وبنسبة حضور لا تقل عن ستة اشهر كل عام دراسى، وتعفى الآخرين من ذلك استخفافا بأنفسنا وتصغيرا لجامعاتنا وإجهاضا لمستقبلنا الحضارى.

الحقيقة أن مثل هذه المجالس حين توافق على مثل هذه القرارات فهى مجالس صاغرة يحكمها روح القطيع، مجالس تنتابها حالة جماعية من التسليم لطموحات قيادات غير موضوعية تعتلى مناصبها دون كفاءة.
بعضنا لا يعرف مبررات المجالس العليا أو المجالس الدنيا لتصدر قرارات غير عادلة، لكن الخبثاء يعرفون كيف يحصلون على أى قرار من اى مجلس ممسوحا بلمسة ديمقراطية، انهم يكونون مجلسا أغلبيته من ذوى الثقافة المتواضعة والطموحات المحدودة، ثم يلقون لأعضاء المجلس بفتات ووعود ومداعبة غرائز، هكذا يحصلون بموافقة الأغلبية على أى قرار، حتى لو كان القرار هو إلقاء الجميع فى سله المهملات.

Thursday, May 17, 2007

دكتوراة فخرية

ليس صحيحا أن رجال الإدارة العلمية ناصحون على طول الخط، بعضهم يملك شهادات ومناصب وعلاقات وظيفية ومع ذلك يلجأ إلى طرق لا أخلاقية تنافى العلم يقصد بها تسويق بضاعته.

أحد عمداء الكليات فى جامعة إقليمية فى مصر المحروسة أراد أن يجعل من وظيفته الجامعية سببا لفتح أبواب رزق له وللتابعين من عزوته، هذا العميد يرى أن الزبون دائما على حق وأن مداعبة وإثارة غرائز المستهلك هى الطريق الأمثل للحصول على الرفعة والكسب المادى دون اكتراث بأخلاقيات مهنة العميد العلمية.

ولأننا نعانى من تخلف حضارى رهيب، نجيد التغنى ببطولات الأفراد دون وضع سلوك هؤلاء الأفراد فى مختبر الأخلاق، لأننا كذلك جلس العميد الهمام على رأس أعضاء مجلس الكلية وهم صاغرون كالعادة، وناقش فكرة أن تمنح الجامعة درجة الدكتوراه الفخرية لأحد الدبلوماسيين العرب المعتمدين فى القاهرة، انه مجرد دبلوماسى ثرى يملك قدرا كبيرا من المال ودرجة جامعية أولى وكثير من العلاقات ودكتوراه فخرية منحته له جامعة نص كم فى أسيا، منحته الدرجة لأسبابها الخاصة غير العلمية، هذا السفير يريد التجارة بأمواله وشراء دعاء وتقبيل أياد وهذا العميد يحاول فتح أبواب ارتزاق، هكذا اتفق الطرفان على ان يقوم السفير بتقديم بعض الأموال للجامعة مقابل ان يدعو له العميد لدى أصحاب القرار كى يحصل السفير على درجة دكتوراه فخرية باسم الجامعة، هكذا أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق.

وفى مجلس الكلية صاح أحدهم فى وجه زملائه وهم صاغرون بأن منح الدكتوراه الفخرية لمثل هذا السفير يعتبر عملا حضاريا، هذا الأحد تناسى أن الآخرين، برغم أنهم صاغرون، يدركون حجم نفاقه وسعيه لتسليك مصالحه هو الأخر.
الى متى يظل الأمر فى جامعاتنا مهينا على هذه الصورة، لا ننظر باحترام لأنفسنا ونلوى عنق الأخلاق والعلم تحقيقا لمصالح شخصية لبعض السفهاء منا.

الأمر ببساطه، رجل يريد أن يؤدى خدمات للجامعة فعلينا أن نضع خدماته فوق رؤوسنا، نكتب اسمه واسم عائلته وأولاده إن أراد ونبين فضله على لوحات بماء الذهب تلصقها على ما يقدمه للجامعة، لكن أن نعطيه درجة دكتوراه فخرية فذلك كثير عليه وعلى أمثاله من المحسنين وهذا نفاق كبير من عميد يستغل وظيفته على حساب الجامعة ويورط اسمها فى مثل هذا الإسفاف.

الدكتوراه الفخرية قيمة حقيقية تضاف لآحاد من الناس أدوا خدمات حقيقية للعلم أولا وللإنسانية ثانيا، هى شهادات لها معايير علمية حقيقية لا يستحقها شخص لمجرد انه ثرى ولا يعد بها عميد لمجرد انه تولى منصبه بالتعيين.
إننا نخسر مرتين، مرة حين نرى الفساد ونسكت عليه، ومرة حين نعرف من يتاجر بالفساد ومع ذلك نتركه راكبا فوق الرؤوس.

Friday, May 11, 2007

القائد الضعيف

الناس يخشون القائد الضعيف، يملك عليهم سلطات غير مبررة ويدير بهم مشاريع غير منتجة، يأخذ الأوامر من رؤساء لا يحبهم، ويعطى الأوامر لمرؤوسين لا يريدهم، يسرق منهم السلطة دون كفاءة، ويلقى عليهم بالمسئولية دون خجل، وحين يقصف التخلف ظهور الجميع، ينتقم الضعفاء لأنفسهم فى شخص قائدهم، يلبسون قائدهم صورة الكريم الدائم، الفاهم الواعى، الممسك بأكباد الحقائق ونواصى الحكمة، وكأنه ليس أسوأ من ذلك يمكن أن يكون عليه بشر، وعند النهاية يظهرون قائدهم فى صورة مقاتل مرعب تضمه جيوش خلاص سرية، وفى الوقت المناسب يطرحون قائدهم فى قاع النسيان غير جدير بأن يثق فيه أحد.

Wednesday, May 09, 2007

كلام فى الهواء

شىء رائع جدا أن يكون موقعى هنا على النّت، جالبا لبعض أنواع المتعة ، فتاة تقسم لى أننى اجمل واقوى الرجال ،وتؤكد أنها قادرة مع بعض أنواع الأدوية والأطعمة والابتهالات أن تزيدنى فحولة وقوة وشبابا ، رجل يقسم بكل ثقافته أننى صالح لقيادة حزب كبير عالمى يفرخ عشرات من صعاليك رؤساء الجمهوريات والأمراء والملوك وبعض أنواع الوزراء ، شاب يرى أننى تافه تماما ، اشغل بكتاباتى مساحة فى فضاء النّت كان من الأولى أن يطويها سياسى لعوب يطعم القهر للناس باعتباره حلوى، أستاذ جامعى يرى أننى متخلف اجتماعيا لا أعرف رأسى من قدمى وأننى سأحشر يوم اختيار القيادات فى عالم المغضوب عليهم والشاقين عصا الصلاح0
زوجتى فقط ترى أن ما افعله على النت أمر طيب تماما، فلا ضرر منى ولا ضرار بعد أن جاوزت أنا قدرة الفعل وأغلقت أنا مخارج الفحولة ، وخسرت هى رهانها على أن أكون وزيرا.
وما زلت أسعى لأكون فحلا سياسيا محنكا ومطربا جميلا.

Friday, April 13, 2007

صحافة جامعية

جامعة المنصورة قارب عمرها ثلاثين سنة، تضم أكثر من مائه ألف طالب، يخدمهم حوالى عشرة ألاف من الموظفين وأعضاء هيئة التدريس، وبها أقسام علمية فى كليتى الآداب والتربية تدرس قضايا الصحافة والإعلام، ومع ذلك فالعدد فى الليمون، فقد صدرت صحيفة أسبوعية عن جامعة المنصورة، باسم صوت مصر، صحيفة كثيرة الطحن بغير طحين، لا ترقى لمستوى التواصل الفاعل بين الجامعة وبين المجتمع المحيط بها.

المتقاعسون فى الجامعة عن إصدار صحيفة قوية يطرحون ضعف الموارد المادية، والضعف الحقيقى هو ضعف إمكانيات الكثير من القيادات الإدارية والعلمية على العمل الجماعى، فكثير منهم يحملون صكوكا كفاءة إدارية تمر عبر بوابة رضا السلطات الأعلى وتضمهم فى عقد أهل ثقة لا يجلبون المتاعب، وبعضهم يحمل شهادات بالمعرفة والخبرة، شهادات ورقية لا تصمد عند الاختبار العلمى والعملى فى مواجهة التردى الشديد فى إمكانياتنا الثقافية والاجتماعية.

جامعة المنصورة تملك مطبعة كبيرة، وما يهدر سنويا من ميزانية الجامعة يكفى لتمويل إصدار صحيفة قوية، والجامعة لديها كفاءات بشرية وعلمية قادرة على حل مشاكل إصدار صحيفة مهنية، تحمل اسم المنصورة وتهتم بمشاكل جامعة المنصورة، فأعضاء هيئة التدريس بينهم علماء وخبراء فى عمليات التمويل والتحرير والتوزيع وقوانين النشر، وحجم المجتمع المحيط فى مدينة المنصورة يصل الى نصف مليون مواطن، مجتمع قادر على استيعاب أكثر من صحيفة جادة.

إن وجود صحيفة قوية لجامعة المنصورة يعتبر أمرا بالغ الأهمية لتدريب أهل الجامعة على ديمقراطية الفكر وصنع رأى عام قوى يؤيد مصالح الأغلبية، فليس من اللائق لبعض قيادات جامعة المنصورة أن تحول مطبوعة صحفية الى مجرد نشرة ورقية لا تزيد عن مجلة حائط متواضعة، تكيل المديح للسيد المدير وللسيد الخفير، وكلاهما فى الإدارة والخفارة دون المديح بكثير، كلاهما يملك من صليل السيف أكثر مما يملك من بهاء الشجاعة.

Monday, April 09, 2007

حافة الهاوية

فى عصور الانحطاط تتدهور قيمة الإنسان ويتربص به المتربصون, هكذا تنتشر فى مصر قيادات تتحكم فى مستقبل أهل مصر، قيادات يتم اختيارها على أسس فاسدة تدفع بالجميع نحو حافة الهاوية، إننا فى مصر نعانى من قيادات تملك دون خجل قدرا كبيرا من التدنى الأخلاقى وفساد الطوية.
فيما يلى وقائع حدثت معى خلال الشهور القليلة الماضية بسبب عملى فى جامعة المنصورة، أحداث غاية فى السوء تؤيد أننا فى مصر شعب نعانى تخلفا رهيبا وأننا مقبلون على انهيار عظيم، هنا سأذكر بعض تلك الأحداث كما جرت وسأضع حولها تعليقات موضوعية أتحرى فيها اكبر قدر ممكن من الشفافية0
حدث الواقعة الرئيس
نشرت مقالا فى جريدة المصور الأسبوعية يوم الجمعة 22/12/2006م ، استنكرت فيه حدوث واقعتين فى جامعة المنصورة بحجة النشاط الطلابى، "تناولت احداها بعض وسائل الإعلام فى تاريخ سابق لتاريخ نشر مقالى، من بينها جريدة المصرى اليوم والتلفزيون المصرى, الواقعة الأولى، قامت إدارة كلية التجارة يوم الأحد 17 /12/2006م بإخلاء أحد مدرجاتها الكبيرة أثناء اليوم الدراسى ونصبت فيه شاشة عرض كبيرة ليشاهد بعض الطلاب مباراة لفريق الكرة المصرية فى اليابان، والواقعة الثانية، أقامت إدارة الجامعة حفلا للطلاب أحياه مطرب متواضع فنا وذوقا يغنى أغنية "بحبك يا حمار"، وتمحور رأيى حول رفض هذا التوجه من إدارات جامعية ينقصها الكثير من الرقى الثقافى والوعى السياسى.
أحداث تابعة
يوم الأربعاء 22/2/2007م وفى برنامج العشرة مساء على قناة دريم الفضائية المصرية، وأثناء عرض مشكلتى على الهواء مباشرة تدخل رئيس جامعة المنصورة فى الحوار التلفزيونى واتهمنى علنا بأربع تهم على الترتيب:
التهمة الأولى: السب والقذف لإدارة كلية التجارة جامعة المنصورة وإدارة جامعة المنصورة فى مقالى المنشور فى مجلة المصور يوم 22/12/2006م.
التهمة الثانية: التفوه بألفاظ تخدش الحياء داخل مدرج من مدرجات العلم.
التهمة الثالثة: تحرش بإحدى الطالبات فى الجامعة.
التهمة الرابعة: سب وقذف لإحدى زميلاتى فى الكلية.
وانتظرت التحقيق فى هذه التهم، بعد مرور شهر كامل وحين هدأت العاصفة الإعلامية، فى يوم الأحد 25/3/2007م تم استدعائى بمعرفة وكيل كلية الحقوق جامعة المنصورة، وجرى التحقيق معى فى وقائع تختلف عما وجه لى من تهم، على الترتيب التالي:

التهمة الأولى: التعسف فى استخدام السلطة تجاه طالبة
كلام المحقق:
احدى الطالبات بتمهيدى الماجستير (سماح بندق) قالت انك فى العام الدراسى 2002/2003م درست لها فى السنة الثالثة بالكلية، وانك طلبت منها أن تأتى لمكتبك ولكنها رفضت، وفى العام الدراسى 2004/2005م ترصدتها وحرمتها من دخول امتحان السنة التمهيدية للماجستير.
ردى على المحقق:
أين كانت شكواها منذ خمس سنوات مضت ولم يتخذ بشأنها إجراء من قبل الإدارة ، كما انه من المعتاد عقب كل محاضرة أن نقول للطلبة والطالبات تعالوا الى مكاتبنا لشرح ما استغلق فهمه على بعضهم، وحرمانها من دخول الامتحان لم يكن بقرار منى، فدورى يقتصر على رصد نسبة الغياب عن المحاضرات للطلاب وإدارة الكلية هى التى تحرم الطالب من دخول الامتحان، والطالبة لم تستكمل نسبه الحضور المطلوبة فى هذا العام، هكذا قررت إدارة الكلية حرمان الطالبة ومعها زميل لها بنفس الظروف من دخول الامتحان, وحين استوفت الطالبة نسبة الحضور فى العام التالى دخلت الامتحان ونجحت.

بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة :
أن شكوى الطالبة قديمة وكيدية وأنها ليست متصلة بقضية تحرش جنسى، فمن طبيعة العمل الجامعى أن يطلب الأستاذ من طلبته وطالباته أن يأتوا الى مكتبه ، ليس الى بيته او فى أوقات الدراسة حسب نظام الكلية.
أن الطالبة ووالدها حين علموا باستخدام الشكوى فى هذا الاتجاه، طلبا سحب الشكوى الا أن رئيس الجامعة رفض طلبهما.

التهمة الثانية: سب وقذف زميلة
كلام المحقق:
ما رأيك فى الشكوى المقدمة من الدكتورة أمانى توفيق تتهمك فيها بالتعدى عليها بالألفاظ أثناء مناقشه حلقة بحث علمى جرت بمعرفة القسم العلمى ، اقوال الشهود: الشاهد الأول: الدكتورة رئيسة القسم قالت انها كانت تتابع النقاش العلمى وانها لم تستبن الألفاظ التى جرت بينك وبين الدكتورة، الشاهد الثانى: مدرس مساعد بالقسم سمعك تقول لها ألفاظا تصفها بأنها غير سليمة العقل.
ردى على المحقق:
أنا لم أوجه ألفاظا او كلمات خارجة للدكتورة الشاكية المتخصصة فى علم التامين، وكان الحديث يدور حول نقاش علمى وعلنى يجريه القسم لطالب يستعد لتسجيل درجة الدكتوراه فى الإحصاء مادة تخصصى، هذا النقاش له أعرافه فى احترام الأصغر للأكبر واحترام التخصص العلمى، و وان شهادة شاهد واحد هو المدرس المساعد لا تكفى لإثبات التهمة، ويحتمل أن يكون الشاهد قد تعرض لضغط نفسى أو أدبى أجبره على الإدلاء بشهادته.
بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة :
إن السيدة الشاكية مزعجة، تقول أنها تتصل برئيس مجلس الشعب المصرى وان لها أقارب من الكبار.
أنه كمحقق غير مهتم بالتعامل مع المزعجين.
تعليقى الموضوعى على السيدة المذكورة:
حصلت على درجة الدكتوراه بعد أربعة عشرة سنه من التسجيل العلمى، بعد أن تجاوزت كثيرا من القوانين الخاصة بالبحث العلمى فى الجامعة0
تقول أن خالها أحد وزراء مصر السابقين، وكان يعمل أستاذا فى جامعة القاهرة.
تعدت بالتسفيه الفكرى على أساتذتها وزملائها بالكلية.
التهمة الثالثة: سب وقذف الإدارة
كلام المحقق:
ما قولك فى الألفاظ الجارحة التى استخدمتها فى مقالك المنشور بجريدة المصور 22/12/2006م تسب فيه إدارة الكلية متمثلة فى شخص عميدها وتسب ادراة الجامعة متمثلة فى شخص رئيس الجامعة.
ردى على المحقق:
أنا لم استخدم ألفاظا جارحة فى مقالى، وان مقالى منصب على نقد سلوك الإدارة باعتبارها شخصا معنويا عاما يشترك فيه أكثر من فرد ، وليس صحيحا فى الإدارة العلمية أن نختزل إدارة الكلية فى شخص عميدها او نختزل إدارة الجامعة فى شخص رئيسها.
بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة:
لا أرى فى مقالك سب أو قذف، مقالك لاذع الأسلوب، وبسببه قرر مجلس الجامعة إلغاء قرار قديم كان يحظر على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الاتصال بالصحافة دون إذن.

وفى نهاية الجلسة عقب المحقق قائلا :
انه لا توجد تهم حقيقية ضدك،
إن رئيس الجامعة رجل طيب لكنه أخطا وتورط فى المداخلة التلفزيونية بتوجيه التهم إليك.
إن تورط رئيس الجامعة تم بفعل فاعل يغلب عليه أن يكون عميد كليتك.
إن رئيس الجامعة يريد منك أن تذهب لمكتبه لتقديم الاعتذار عن مقالك.
سأسعى بجهودى كى يتم قبول الاعتذار وعندها يحفظ التحقيق.
ردى على المحقق:
أنا لا اعتذر لرئيس الجامعة عن مقال حملت فيه رأيى الخاص عن أحداث وقعت.
إن طيبة رئيس الجامعة لا يؤيدها تحويلى للتحقيق فى قضية إبداء رأى عام.
أنى باق على موقفى من عدم الاعتذار.
أنا الأحق بطلب الاعتذار من رئيس الجامعة.

استمرار مسلسل الترصد
فى يوم الثلاثاء 27/3/2007م حولنى الدكتور مجدى أبو ريان رئيس الجامعة للتحقيق معى بسبب حوار تم على الانترنت دار بينى وبين احد طلاب الدراسات العليا، (إذا كان هذا الشخص حقيقا، غير مزجوج به للدس والوقيعة، يملك إذنا من القضاء للتنصت والتصيد الآخرين) يتهمنى فيه بالسب والقذف لبعض الشخصيات فى الكلية.
هكذا فى مصر توجد قيادات متخلفة إداريا وثقافيا تحاصر الآخرين، من بينها رئيس جامعة المنصورة ومن خلفه كثير من الفاسدين، يتهمونى إعلاميا بما لم يثبت لديهم من أدلة قاصدين تشويه سمعتى وإحراج غيرى دون إبداء أرائه.
عزيزى القارئ، شكرا على اهتمامكم,,,