Wednesday, December 20, 2006

حدث فى جامعة المنصورة

يوم الأحد السابع عشر من ديسمبر الحالى ( ورصدا للتاريخ من عام 2006م)، وقف بعض المصريين على رجل واحدة لمتابعة مباريات كرة القدم فى اليابان، كلية التجارة جامعة المنصورة وقفت بدون أرجل بالمرة وتعطلت الدراسة فى أحد مدرجاتها، ففى الوقت المرصود للاعبين المصريين قررت إدارة الكلية أن تخلى أحد المدرجات الكبيرة من طلابها الأصليين ووضعت أجهزة حديثة ليتحول المدرج إلى قاعة عرض يشاهد فيها بعض الطلاب والعاملون مباراة لكرة القدم، كثير من أساتذة الكلية وطلابها أصابهم القرف والامتعاض من موقف إدارة كلية لا تملك رقيا ثقافيا أو نضوجا سياسيا، إدارة لا تعرف أن للمباريات الرياضية فى الكليات مكانها فى استاد الجامعة وأن مدرجات الدراسة أماكن لإثراء الفكر وليست مصاطب لإثارة الهوس والتعصب العاطفى بين الطلاب.

على أية حال المتابعون العقلاء لا يعتبون على إدارة الكلية وأمامها سلوك إدارتهم الأعلى فى جامعة المنصورة حين أقامت حفلا طلابيا منذ أسابيع داخل حرم الجامعة وسمحت لمطرب أن يلقى أمام الطلاب سخفا يسمونه أغنية "أحبك يا حمار".

السؤال المطروح أمام المنظرين فى مجال الثقافة والتربية الجامعية، هل التغنى بحب الحمار أولى من المطالبة بطرد الحمير؟

Wednesday, December 13, 2006

جائزة السيد العميد

ليس مزعجا لمراقب منصف أن يعرف الأسباب التى تجعل من عميد الكلية عميدا فى جامعاتنا المصرية، فكثير من المنصفين يرى أن آليات اختيار عمداء الكليات الجامعية تزكي أهل الثقة على حساب أهل الكفاءة، المزعج اكثر أن يعرف ذلك المراقب كيف يقوم العميد بدور العميد؟
أحد العمداء فى كلية جامعية أراد أن يكون عميدا من بين المخلدين، فجمع مجلس الكلية، وصاح كالهمام فى أعضاء المجلس فوافق المجلس صاغرا، على أن تخصص جائزة سنوية باسم عميد الكلية تمنح لأحسن أستاذ وأحسن موظف وأحسن طالب، وعلى المتسابقين أن يقدموا لسيادة العميد ومن خلفه مجلس الكلية الموقر ما يرونه صالحا للحصول على الجائزة، المزعج أن سيادة العميد الهمام ومن وراءه مجلس الكلية الموقر وافقوا على أن تجمع الأموال المخصصة لجائزة العميد من بعض أنشطة الكلية وبما يتم التبرع به من أهل الخير والمتطهرين من صدقات، هكذا يخلد اسم العميد فى قائمة جامعى الصدقات لبعض أعضاء هيئة التدريس، ويخلد مجلس حكماء الكلية مع المهللين وراء كل عميد.
صحيح أن كثيرا من أهل الجامعات فى بلادنا غلابة، لكن من غير الإنصاف أن نستجدى لهم تكاليف جوائز التفوق وعلاج كبار السن من بينهم، إيه مهانة يتعرض لها الأساتذة والقائمين على التعليم فى جامعاتنا، وأية وصولية يتفتق عنها ذهن عميد ليصنع لنفسه اسما صوريا ويقلد سلوك بعض الأنانيين من العمداء حين يلصقون أسمائهم وحدها على مدرجات ومبان فى كلياتهم مغتصبين جهود عشرات ومئات العاملين فى إقامة تلك المنشآت وكأن العمداء وحدهم دفعوا تكاليف الإنشاء من جيوبهم الخاصة.
الأصل الأخلاقى فى الجوائز الخاصة التى تحمل أسماء لبعض الأفراد بصفتهم الشخصية أو الوظيفية أن تمول من جيوب أصحابها، فى مقابل أن يمول المجتمع جوائز عامة بأسماء علماء ومفكرين ومبدعين كبار يعترف غالبية المجتمع بفضلهم، وليس من باب الإنصاف أن يمول المجتمع جائزة باسم قيادة وظيفية لا تملك قدرات غير السير على درب الوصوليين فى بلادنا، يصنعون جائزة باسم أعضاء الأسرة أو الشلة والصحاب، معتمدين على موافقات مجالس إدارة تجيد التصفيق وتؤمن بأن عبادة الفرد فى مجتمعنا لم تمت بعد.

Wednesday, December 06, 2006

إنى أطالب بالوزارة

ليس مهما أن تكون صاحب إمكانيات يراها أصحاب القرار أنها فذة وعظيمة، كى يديرون رؤوسهم نحو تاريخك الخاص، يلوكون بطولاتك على حوائط المدارس ولوحات الشرف، يهتفون باسمك قاصدين أن تكون عمدة أمرهم ووزير صنعتهم وكبير الكبراء فيهم، المهم أن ترى فى نفسك أنك فذ وعظيم، تدرك انك لم تخلق سدى، وانك تحب الحياة وقادر على حب من يقدرون إمكانياتك، وإذا اتفقت مطالب عظمتك مع حاجات أصحاب القرار فأنت هو المحظوظ صاحب السعادة والمعالى والوزارة أيضا.

كل الدلائل كانت تشير إلى أنى سأصبح رجلا فذا عظيما، ابدأ حياتى فى قلب القرية وأتواثب وراء العيش على حواف المدن، وأحفظ تاريخا يعيشه أهلنا فى مصر.

فى القرية ولدتنى أمى فى عام طافت فيها حمى الكوليرا كثيرا من بقاع مصر، وحين أصابنى إسهال مع رعشه خفيفة ترحم الناس على صحتى وانتظر الحاسدون أن تأكلنى بالكوليرا، وانتظر أبى ثلاثة أشهر حصدت فيها فريرة الكوليرا آلافا من أروح المصريين دون أن تأخذ روحى، وحين تأكد والدى من صخب الحياة فى جسدى قام بتسجيل حادثة ميلادى فى سجلات الحكومة، كان أبى حصيفا ففى شهر تسجيل ميلادى ولد عدد من العظماء، نابليون وماركس وثلاثة من أعضاء البرلمان وراقصتين، وبدأ كثير من الناس يحتفلون بعيد ميلادى0

فى القرية تعودت الاستحمام فى الطست بالماء الساخن مرتين أو ثلاث كل عام لأرتدى هدومى الجديدة مع حلول عيد الحلاوة وعيد اللحمة، وعند الحاجة تحمل أمى الأوانى والهدوم وتجرنى إلى شاطئ الترعة وتغسلنى مع الجميع، أصابنى الرمد الحبيبى ومارست اللعب أياما تحت وطأة علاج الششم الأبيض وجيوش ذباب تزور عيناى الدامعة، طالت فترة ختانى ثلاثة أسابيع أسير فاتح الرجلين تحت وطأة علاج البودرة البيضاء، ركبت أرجوحة من الحبال فى عيد اللحمة وعند ربع المسافة بين سماء الأرجوحة والأرض قطع الحبل وانفتح قرن دماغى على الأرض يشخب دما وبقيت شهرين تحت وطأة علاج معجون البن، فى قيظ الصيف نجحت فى إنشاء مصيفى الخاص، طردت بعض الكلاب تستبرد بمياه قناة تظللها شجرة صفصاف واستبردت أنا بنفس الماء والشجرة، أكلت عشرات من ثمار الطماطم والخيار والفلفل والبامية اقذفها من أرض الغيط إلى فمى مباشرة، فى سباق مشهود لكثير من أولاد قريتنا قبلت التحدى ونجت فى عبور ماء ترعتنا غوصا مارا تحت جثه حمار طافية، فى دارنا شربت ماء قريتنا نجلبه من الترعة ونعالج الرواسب بالشبة ونوى المشمش، وفى الغيطان شربت من أبار السواقى، وحين أصابتنى البلهارسيا كنت ابتهج بعد كل ألم فى التبول، فثقافة أولاد قريتنا تجمع على أن خروج الدم فى البول دليل على الصحة والعافية، وحين هاجمتنى الإنكلستوما والقراع والدّرن، تعودت الاستماع من الأحبة وبعض الكارهين إلى عبارة: إزى الصحة؟.

فى المدينة أصبحت شابا، كثير من أيام الصحو أفطر فولا بالطحينة مع البصل على نواصى عربات الفول، وقليل من أيام الغيم أفطر محشى كرنب وفول نابت على نواصى أسواق الخضار، أحيانا أتغدى فشه ولحمة راس على نواصى المجازر وعربات الكرشة، وعادة أتناول العشاء فولا مدمسا وباذنجانا مخللا، وفى كل يوم أنام فى حجرة ضيقة بمساكن شعبية لا يزعجنى فيها طفح المجارى أو انقطاع المياه أو الكهرباء، واشترك مع أهل الحى فى معارك وجلسات صلح وأحلم بالزواج من بنت الجيران, وحين ضربنى الكسل وكرهت فكرة الزواج وتناول الشطة والطرشى، قال لى الطبيب : ازى الصحة؟ وأكد أن كبدى كسلان.

فى كل القرى والمدن أصبحت شيخا، أفوت بهدوء بين السيارات وأنجو من الحوادث بلطف، يساعدنى الطيبون على عبور الطرق وصعود السلالم والنوم على الأسرة، وحين اذكر احدهم بتلوث البيئة ومشاكل التنفس مع السحابات السوداء، اسمع من يدللنى قائلا ربنا يعطيك العمر يا راجل يا بركة، المهم الصحة .

مع تاريخى العظيم، أعرف القراءة والكتابة وتجهيز الأحجبة، ويحمل جسدى آثارا لعشرات من الأمراض ومواقف الحب والنصاحة والفهم المناسب، وأطمح فى تحقيق أمنيات أحبابى على ارض مصر، من الدايات وحلاقى الصحة والممرضين والأطباء والجيران والغلابة وسكان الهوامش، يسألون عن الصحة، ويؤكدون على أهمية الصحة، ويملكون صبر أيوب فى طلب الصحة، لكل ذلك فإنى باسم غلابة بر مصر، وباسم ديمقراطية أهل الثقة، أطالب باختيارى وزيرا للصحة.