Sunday, November 22, 2009

التعليم الخربان


مئات الألوف من المصريين، ينضمون لسوق العمل بمؤهلات غير جامعية، يعانون من فساد نظام إدارى وثقافى يعطيهم تواضعا فى المرتبات والترقيات والمعاشات والتفاخر الاجتماعى، هكذا أصبح لدى بعضهم رغبة فى الحصول على شهادات جامعية يتجاوزون بها وضعهم السيئ، ومئات أخرى من ألوف المصريين خريجو الثانوية العامة يعانون من ضعف نظام التعليم الثانوى ويطلبون التعليم العالى، هكذا وجدت وزارة التعليم العالى زبائن فى سوق التعليم جاهزين للمتاجرة برغباتهم، فشجعت لنظام التعليم المفتوح، وواقعه انه لا هو بالنظام الكفء ولا هو بالتعليم المحترم، انه نظام مفتوح على الفساد العلمى.

خبراء التعليم المفتوح يخططون له باعتباره إضافة ثقافية ومهنية لنوع من الطلاب لهم ظروفهم الخاصة، لكن عند التنفيذ فى قاعات الدرس يرى رجال التعليم أن سلوك طلاب التعليم المفتوح أبعد عن سلوك طلاب العلم واقرب إلى سلوك شحاذين يطلبون أوراقا مختومة بشهادات تحسن من وجاهتهم الاجتماعية.

فى أول محاضرة ألقيتها على طلاب من التعليم المفتوح، ظهرت الصورة واضحة أمامى، معظمهم شباب وآباء وأمهات وأصحاب بيوت لديهم إمكانياتهم فكرية وثقافية متواضعة، يملكون تصورات إنسانية جميلة عن شهادات علمية يسعون إليها، يتحملون مشقة التعليم فى جو فاسد ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، إنهم فى قاعات الدرس يبررون كسلهم الطلابى بأعباء مهامهم الوظيفية وقسوة ظروفهم، وفى أعمالهم الوظيفية يبررون كسلهم بأعباء مهامهم الطلابية.

منذ البداية قررت أن أكون أستاذا يحاضر طلاب علم حقيقيين، وحين منعت طالبة أتت متأخرة عن موعد دخول المحاضرة انهارت وبكت، إنها أم وموظفة، وحين لمت طالبا على عدم التزامه بأصول المناقشة العلمية غضب وانزوى، انه يسعى للوجاهة الاجتماعية، ومع الانهيار والغضب ظهرت دلائل خداع وتدليس يمارسه كثير من أساتذة التعليم فى جامعاتنا حين قال بعضهم لى: ارحم طلبة التعليم المفتوح وارحمنا معهم، إنهم مصدر رزق لنا، إنهم مرضى اجتماعيا ومتخلفون ثقافيا، يدفعون نفقات الدراسة كاملة ليشحذوا بها شهادات علمية، وعلينا أن نعطيهم شهادات بأقل جهد ممكن ودون إحراز تفوق.

قضية التعليم المفتوح فى بلادنا تشبه فى كثير من الأمور قضية التعليم الخاص فى مدارس بئر السلم والشقق المفروشة، إنها قضية طلاب علم يتناولون بداية الأمور بحسن نية لكنهم فى النهاية يقعون فى أيدى تجار علم فاسدين.

Sunday, November 08, 2009

لا تفهـمنى خطأ


صاحبى الحزب الحاكم فى بلاد الأهل والجيرة، صاحب الحكومة والناس والكل كليلة، طوال عمرى أفزع من خيال المآتة وعفاريت الغيطان والسواقى الخربة، لكننى أفزع أكثر من بعض المنتمين إليك، يطفئون معظم الأنوار ويظلمون كل الطرق ويحتكون بى كل يوم، هكذا أصبحت أفزع من ظلى، فهذا موظف متواضع حالة أهله ضنك اشتغل فى حكومتك، وحين انتمى إليك بالعضوية أصبح خبيراُ فى اللّجان الاقتصادية، وذاك المدلّس فى انتخابات الجامعة، حين أرهبنا باسمك أصبح مشرفاً على اتحادات الطلاب، وهذا الذى يستبيح الغش فى الامتحان لينجح أولاده، أصبح بتدليسك صاحب قرار فى مؤسسة التعليم، وذلك صاحب شهادة تعليم متوسط، غلبان يحسبها بالسحتوت، هتف باسمك فدخل مجلس الشعب وأمسى جامعيا ومليونيراً وحاجاُ أيضا.

حبيبى الحزب الحاكم، يا صاحب المعالى وسعادة الباشا، فى البداية لا تؤاخذنى إذا استخدمت ألقابا تخلفت من عصر العبيد ويمنعها الدستور، لكنى أمدحك بها وتكتب الآن فى محرراتك وتنطق فى أجهزة إعلامك، ويستخدمها البسطاء وصبية الورش لأغراض أخرى، ما علينا يا باشا، أنت خططت فى مؤتمراتك وتستعد للانتخابات القادمة، وأنا أتمنى أن أدلى بصوتى فى انتخابات نزيهة لمرة واحدة فى العمر، فلترشحنى لوظيفة كبيرة وأنا أعدك بصوتى.

أريد أن أكون رئيس جامعة، أرفت من هيئة التدريس كل من بلغ سن الثلاثين، لتبقى الجامعة شبابا فى عيال، وأمر بنشر شوّايات الذرة أمام كل المدرجات والمعامل، فينشغل الأساتذة بمشاكل جمع الحطب والإعارة والسفارة، ويتمرن الطلاب على مهنة تنفعهم، ويعمى الدخان الجميع فلا يرى أحد ما نفعل، ومن يتكلم فى بلادنا عن العلم، نعلمه التفاخر بالمهاجرين فى بلاد الغربة، وإذا كانت هذه المهنة محجوزة لغيرى، فتكفينى مهنة أن أكون كاتم أسرار أى وزير لديك، عندها سأكون ساعدك الأيمن فى إفشاء أسرار كل الوزراء فيدوم لك أمر البلاد والعباد.

صاحبى الحزب الحاكم، ستصلك وشايات عنى، بأننى أكرهك وأضيق ذرعا بظلمك، وتهربك من الأداء الديمقراطى الاجتماعى فلا تصدق أننى قادر على أن افعل شيئا، فقط أعطنى طموحاتى البسيطة وأنا أعدك بصوتى، وبرغم أننى لا أملك بطاقة انتخابية، إلا انك طوال الوقت تجعل بطاقة تزوير ما تجوب باسمى كل لجان الانتخابات، وتسجل كل لجنة أنك تملك صوتى، حيا وميتا.