Sunday, November 18, 2007

عيد للنصب والابتزاز الكبير

شيئ منطقى أن يصنع الناس لأنفسهم أعيادا ومواسم ، فالناس مثقلون بأعباء حياة هم فيها صيد للكوارث والمحن وما تصنعه أيديهم، معظم الأعياد والمواسم درج الناس على إلصاقها بالتوجهات الأسطورية والدينية، عيد جلوس الملك حين يكون الملك نائبا عن الرب فى توزيع العطايا وإحلال العدل بين الرعايا والعبيد، وعيد تحرير الوطن حين يكون الناس مغتربين فى الأرض تائهين عن الجذور، وعيد الشكر حين تمتد يد الرب بتلبية حاجات بسيطة للإنسان العاجز، وحين يتقدم الإنسان ويعلوا فوق غرائزة البسيطة ويحتفل بمجردات وأفكار يكون الاحتفال بالأفكار الكبيرة والبشر المصلحين وتمجيد العقل، هكذا تولد بين ثنايا الأحداث طائفة من أعياد ذات أبعاد إنسانية بعيدة عن الأسطورة والدين، وعيد العلم من هذه الطائفة.

عيد العلم احتفال يجريه البعض تمجيدا للعقل وتعظيما لشأنه، هو إحتفال رمزى يدور على ثلاثة محاور، محور تمجيد العقل باعتباره أداة انسانية تصنع التطور، ومحور تمجيد العمل المنظم باعتباره الأساس الوحيد لجلب القيمة الإقتصادية والإجتماعية للإنسان، ومحور رفض الطقوس والتابوهات الأسطورية فى قولبة الإحتفالات.

فى هذا اليوم تحركت إدارة احدى الكليات الجامعية فى مصر، نحو ما تقول أنه احتفال بعيد العلم، انه احتفال ساذج تقوم به على مفاهيم مغايرة لمفهوم العلم بالمرة، مفاهيم تقوم على الإغتصاب والمتاجرة بالمظاهر لتحقيق مكاسب فردية متواضعة.

ادارة الكلية، ونتيجة أحداث كثيرة اتخذت فيها قرارات خاطئة، أصبحت دون مصداقية لدى الكثير من أعضاء هيئة التدريس، بعض أعضاء هيئة التدريس تروضهم سياسة العصا والجزرة فيبقون صاغرين، وادارة الكلية نتيجة تلك الأحداث المخزية علما وخلقا فقدت الكثير من مصداقيتها عند الإدارة العليا فى الجامعة، أقل هذه الأحداث كان توجه الكلية فى فترة من الزمن للتجارة بالدراسات العليا ومحاوله منح شهادات دبلوم وماجستير ودكتوراه فخرية لأناس أجلاف خربوا بمالهم الفاسد وفكرهم البدوى السقيم نفوس بعض الضعفاء من أهل مصر.

اذن ماذا تفعل ادارة الكلية لتحسين صورتها أمام من تتصور أنهم اصحاب اليد النافذة فى جلب المصالح الشخصية، تفتق عقل الادارة عن افتتاح عيد للعلم على أن تضج الاعلانات باعتبار عميد الكلية صاحب الفضل الأول فى الاحتفال بعيد العلم على مستوى الكلية، انه إعلان كاذب مثل تحقيق الأسبقية الأولى فى الدخول الى درب بين القبور، انه اغتصاب ممجوج تقوم به ادارة متواضعة ثقافة وفكرا، وعليه قامت ادارة الكلية بتوجيه الدعوة لادارة الجامعة للمشاركة فى الاحتفال، انه تملق مرذول ونفاق موبوء بالفساد والوصولية، ومن أجل الاحتفال قامت الإدارة بإغلاق أحد مدرجاتها الكبيرة لإقامة زينة ومهرجان صاخب وضوضاء مسرحية، ضاربة عرض الحائط بمحاضرات الطلاب فى هذا المدرج ودون استئذان الأساتذة، انها سوقية فكرية وجليطة ادارية واستهانة بالطلاب وبالأساتذة.

الى متى يبقى أمرنا فى هذا الهوان، عقولنا مضروبة بالجهل فلا تدرك حقائق الفساد فى بلادنا، من يسرق شهادات العلم ويدعى بما ليس لدية من حصافة وفهم يصبح هو المسئول عن احتفالاتنا بالعلم، ام ان الأمور صارت فى بلادنا مشوشة لدرجة ان تصبح أعيادنا مجالا للنفاق والنصب ورتق العيوب والابتزاز الكبير.

Saturday, November 10, 2007

!! مشروعنا النووى . . مطالب

الحديث عن مشاريع استخدام الطاقة النووية فى مصر باعتبارها مشاريع قومية له مداخل كثيرة، يهمنى منهما اثنان، مدخل عاطفى يتماس مع وجدانى كمصرى ومدخل فكرى يتعرض لمفهومى فى الانتماء والمواطنة.

عن المدخل العاطفى، فانا مصرى طفت بجسدى معظم ارض مصر فرأيتها بوجدانى صاحبة جغرافية متنوعة عبر مليون كيلومتر مربع، صاحبة أكثر من خمسة آلاف عام من التاريخ المكتوب، صاحبة أرض معابد آمون رع ومذابح الكنيسة المرقصية ومنابر أزهر المسلمين، صاحبة السبعين مليون من المصريين وأكثر من سبعين ألفا من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه فى معظم فروع العلم، صاحبة الأهرامات والقناطر الخيرية والسد العالى، هكذا يصنع الواقع أرضا لعاطفتى كى أرى مصر كبيرة تستأهل أن تدخل عصر المشاريع النووية الكبيرة.

وعن المدخل الفكرى، أرى أن الانتماء شعور وجدانى ايجابى لدى الأفراد يرفع الرغبة لديهم فى الارتباط بمجتمع معين لتحقيق مصالحهم وطموحاتهم، الانتماء يتملك الإنسان بالمحبة للماضى والرضا بالحاضر والشوق إلى المستقبل، الانتماء معايشة الفرد لظروف موضوعية تحيط به أحداثا عبر الزمن، أحداث عبرت الماضى ورسخت لديه المفاهيم والرؤى وتعبر به الحاضر تصنع له اكتفاء حاجاته الحضارية وتعاين معه المستقبل ليستكمل فيه طموحاته المؤجلة، هكذا الانتماء هو إطار حضاري يضم الوجود الثقافى والاجتماعى والاقتصادى للفرد داخل المجتمع.

أما المواطنة فأرى أنها جزء من الانتماء يمثل الوجود السياسى للفرد داخل المجتمع، المواطنة تحكم فاعليتها آليات التعبير والمشاركة فى صنع القرار بين الفرد والمجتمع، هناك مجتمعات متخلفة سياسيا تحكم حركة أفرادها مواطنة متعددة الدرجات، مواطنون من الدرجة الأولى يشتركون فى صنع القرارات وقد لا يكونوا فى حالة انتماء للمجتمع، يعيشون فوق المجتمع فى مجموعات صغيرة منعزلة ذات روابط متينة ويسخرون قدرات المجتمع لمصالحهم الخاصة، وهناك مواطنون من الدرجة العاشرة ينتمون للمجتمع يعيشون فى مجموعات كبيرة غير مترابطة ولا يملكون القدرة على صنع أبسط القرارات لصالحهم، يتعرضون لأنواع عديدة من سلب الإرادة والمتاجرة بطموحاتهم، يعيشون مهمشين على ارض جغرافية ويتساءلون ماذا تعنى كلمة وطن، المواطنة متعددة الدرجات تظهر فى حالات الاستبداد والاستعمار ومع أصحاب الجنسيات الأجنبية صاحبة السطوة، أما المواطنة الصالحة لصنع وإثراء التقدم الإنسانى فهى مواطنة لا تعرف درجات الفصل التعسفى بين المواطنين فكلهم يتساوون فى اتخاذ القرار وتحمل المسئولية، ولأن الأصل فى الانتماء لمجتمع ما هو وجود الإنسان المنتج يصبح وجود المواطنة الصالحة معتمدا على وجود معايير موضوعية تساوى بين المواطنين من حيث هم أفراد لهم مصالح خاصة وتمايز بين المواطنين من حيث هم جماعات حرفية ذات مصالح عامه، المواطنة الصالحة ترى المواطنين يتمايزون بالقدرة على العطاء قبل تمايزهم بالقدرة على الأخذ، هكذا يكون الحرفيون هم الأداة الأكثر كفاءة لتلبية حاجات المجتمع من تلك الحرفة، يتمايزون بحرفتهم ويصبحون الأقدر على اتخاذ القرارات لصالح حرفتهم، هكذا التساوى بين المواطنين مع التمايز بين قدراتهم هى شرط ضرورى ولازم لتحقيق الانتماء الايجابى الصانع لتحضر للمجتمع.

بعد طرح الجانين العاطفى والفكرى، وحيث أن المشروع النووى يحتاج إلى إمكانيات علمية وفنية وثقافية وموارد اقتصادية كبيرة تؤثر على كافة قطاعات المجتمع، ولأننا مجتمعنا يعانى ضعفا بينا فى تلك الموارد والإمكانيات، يصبح توجهنا النووى مشروعا قوميا يمس مصالح المجتمع فى قضيتى الانتماء والمواطنة، يمسهما من حيث عدالة توزيع الأعباء والمزايا على الجميع ومن حيث ديمقراطية اتخاذ القرار بمعرفة الجميع.

المشروع النووى يجب أن يكون توجها استراتيجيا عاما للدولة يمثل أحد روافد الأمن القومى لمجتمعنا فى مصر، توجه نمارس آلياته فى الإنشاء والمراقبة والتأمين على مجالات كثيرة ينضبط فيها أداؤنا العلمى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى، توجه نعلو به فوق مستوى المواقف الدعائية التكتيكية لحزب أو لجماعة، توجه يلزم جميع القوى السياسية فى مصر بالبحث عن حلول حضارية تحقق انتماء المصريين بالحب لمصر، توجه يدفعنا لممارسة حقنا الحضارى فى مواطنة إيجابية نصنع بها قراراتنا المصيرية.

Wednesday, November 07, 2007

!! شهادة .. البنت نوسه

لأسباب خاصة ترتبط بحب النميمة والرغبة فى التعرف على بعض الخلفية الثقافية والاجتماعية لطلاب جامعاتنا، واجهتنى شهادة طالبة جامعية تنتشر وقائعها بين الآلاف فى أرجاء مصر، إنها شهادة البنت نوسه.
- لو سمحت يا دكتور، ممكن أتكلم مع حضرتك.

- أهلا بك فى مكتبى، اتفضلى اجلسى، أهلا يا بنتى .

- أهلا بك يا دكتور، أنا نوسه ، أنا سعيدة أنى بكلم حضرتك.

- أهلا بك يا نوسه، وأنا أسعد بالتعرف على نوسه الجميلة؟

- أنا نوسه ، طالبة فى الكلية عند حضرتك، بابا أشتغل سنوات كثيرة فى دول الخليج وهو لسه قاعد هناك، وماما ربة بيت قاعدة معانا هنا فى مصر، أنا أتولدت هناك، وإحنا ثلاث بنات ولنا أخ واحد، حاليا إحنا ساكنين فى أحسن منطقة فى مدينة المنصورة، ساكنين فى شقه فخمة فى عمارة كبيرة تطل على النيل.

- ايه رأيك فى بلاد الغربة يا نوسة.

- عشنا هناك عيشه حلوة يا دكتور، الناس هناك ماشيين على شرع ربنا.

- رجعتوا من السفر إمتى يا نوسه.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، لما قربنا من شهادة الثانوية العامة، بابا رجعنا من الغربة علشان نتعلم فى الجامعة فى مصر، قلنا نرجع بلدنا اللى إحنا بنحبها وكفاية غربة، صحيح كثير من المصريين غلابة ومتخلفين وجعانين وعطشانين، وكثير من الشباب فى مصر مش متربيين، لكن مصر بلدنا وإحنا بنحبها.

- على فكره يا نوسه إنتى ملابسك شيك قوى، الظاهر عليك انك مخطوبة.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا مخطوبة لواحد من معارف بابا، خطيبى والده بيشتغل فى الإمارات، لكن أمه وأخواته البنات عايشين هنا فى مصر، خطيبى سافر للسعودية وإنشاء الله أسافر معاه بعد الجواز.

- يعنى ممكن تسافرى قبل انتهاء الدراسة من الجامعة.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا رأيى انه مفيش سفر قبل البكالوريوس، علشان البكالوريوس شهادة جامعية ممكن أشتغل بيها فى السعودية ويكون دخلنا أحسن، وعلى كل حال أمر السفر راجع لرأى والدى ولخطيبى.

- قولى لى يا نوسه، إنتى ناويه تدرسى إيه من مواد التخصص فى الكلية.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا ادرس أى حاجه يا دكتور، كلها دراسة محصله بعضها، أنا عاوزه شهادة بكالوريوس من الجامعة والسلام، المهم أنى لا أدرس علم التأمين.

- إيه السبب يا نوسه.

- يا دكتورالتأمين حرام، بابا بيقول إن التأمين حرام، كيف نحسب على الناس أرزاقهم؟، يا دكتور عمليات التأمين فيها حساب لأرزاق الناس.

- إنتى إيه رأيك فى الكلام ده؟.

- الحمد لله ربنا سترها معانا، أنا موافقة على رأى بابا أن عمليات التأمين ودراسة التأمين حرام، إحنا إزاى نحسب عمر الإنسان ونحسب له المصائب اللى بتحط عليه، دى مقادير كلها قسمة ونصيب من عند ربنا، ولا يجب أن نتدخل فى قدرة ربنا.

- يا بنتى التأمين علم، والعلم مطلوب علشان الناس يفهموا الدنيا.

- يا دكتور، التأمين يتعارض مع الدين.

- لو سمحتى يا نوسه، ممكن أقول حاجة.

- اتفضل يا دكتور، أنا نفسى أسمع رأى حضرتك.

- يا نوسة انت لا جميلة ولا حاجة، أنت جهاز عديم الشخصية يعدونه لإنتاج أطفال متخلفين، أبوك عبد فلوس مسعور، وأمك لا تعرف معنى الأسرة، وأهلك نوع من البشر يفكرون بعقول متحجرة ويعيشون مشردين من غير وطن.