Tuesday, September 28, 2010

مفردات فكرية




· رَجوُت الحبيب وِصالاً فواعدنى باللقاء بعد مئة سنة، ربى: متى تنتهى المائة سنة الأولى؟.


· إلى الأخوة العُزُاب: عليكم بالزًواج عَلًنى أجد فرصة مواتية لنصيحتكم بالطلاق.


· انتهى عصر الرُسل، فعدد الشهداء فى أيامنا قليل.


· التعصب الدينى، مثل التعصب المذهبى، لا يسكن إلا فى قلوب صلدة.


· إلى بعض الأصدقاء: ساعدونى على الصراحة كى أكون لطيفا معكم.


· المناضلون فى منازل الصمت، يرفضون هذا ويطيحون بذاك، ويهادنون الجميع على القارعة.


· الغَزَل الجَيد، حُلم مؤجل عن جمال محتمل.


· أصبحت عندى الآن الجرأة الكافية لأقول: أنا زعلان منك يا حكومة.


· فى الليالى المُفترجة، لست بحاجة إلى مقويات، إنى أتناول المهدئات.


· قالت فى دلال: احلف انك تحبنى، قال فى يقين: علىً الطًلاق ما أنا حالف، واختارى أنتِ.


· لا توجد علاقة علمية تربط بين الدين والجمال، فالفقراء والمتعبين يعدهم رجال الدين بدخول ملكوت السماوات، أما ملكات الجمال فعادة يدخلن ملكوت الرجال المحظوظين.


· الليل يضئ الهوى للأحبة ومدبرى الانقلابات، ويتشح بالسواد حدادا على نهار تركهم محزونين.


· ظهرت نتيجة امتحانات الكلية وبدأ موسم للشتائم، الطلبة يسبون الأساتذة، والأساتذة يسبون الطلبة، لا الامتحانات جادة ولا النتائج حقيقية.


· إذا كان الطيبون للطيبات، وكانت الطيبات للطيبين، فكيف للخبثاء أن يتوبوا دون وازع كافى؟.


· انه أبو مصعب وذاك أبو الخنساء وهذا أبو عبد الرحمن وهازيك أم القاسم، يا أولاد البادية الجدباء: لا الإنجاب قوة، ولا العِنُة ضعف، انتموا لأنفسكم، هذا أقرب للعدل.


· حيرة العربى المعاصر، انه لا يعرف أى عصر يعيش، أيعيش فى القرن السابع أم الخامس عشر أم الحادى والعشرين؟، انه لا يملك غير جلباب قَدٌته الصحراء، ويسكن عقله فى خيمة بدوية.


· رأيته اليوم فى حلم عابر، مد يده نحوى قائلا: أنا جئت لأهبك كنزا عبقريا، فقلت: لحم وثريد وصقر وبئر بترول، ركب الهواء مسرعا ولوح صائحا: يا عم ابعد عنى بلا قرف.


· الطرق فى بلادنا صنعت لمرور كثير من العظماء وقليل من البشر، إنها محشورة بآلاف الإعلانات عن رسل وأنبياء وكتب مقدسة وتجار انتخابات.


· بعد أربعة أيام قضيتها عى شاطئ البحر المالح، تأكدت أن الهدوء، والشمس الحانية، والدُلع مع بعض أنواع الجمبرى، هم سر جمال النساء.


· حضرت ندوة حزبية عن الانتخابات، سمعت كلمات عن التحريض والتعرية والمواجهة والمقابلة ثم الفصل، كانت بجوارى فتاه جميلة تستحق كل ذلك.

المقال نشر فى جريدة نهضة مصر – الثلاثاء 28 سبتمبر 2010

Tuesday, September 21, 2010

ثورة الغلابة

كانت أمى، الله يرحمها، مقتنعة بأن الله يحب الملوك أكثر من الغلابة، وتؤمن بأن حيل الغلابة مقطوع ويثورون على الغُلب بإنجاب الكثير من الأطفال، هذه القناعات عجلت بموت أمى مبكرا، فقضت نحبها صغيرة قبل أن تكمل عامها الرابع والثمانين.

لم يحفظ رجال التاريخ أن أمى درست فى معاهد حزبية أو انضمت إلى حزب سياسى حاكم، كانت أمًا برية لا تجيد مراوغات أهل السياسة، تحب عاشقى الحياة وتكره صانعى الموت، عاقرت الحياة بثقافتنا الشعبية وصنعت ثورة فأنجبت عشرة من البنين والبنات، مات منهم ثلاثة فقط، هكذا فتحت أمى أبوابا نعبر بها الحواجز الثقافية بين الطبقات، نباهى الآخرين بعددنا ونقتتل عند كل طعام، وفى أول معركة دخلتها مع إخوتى حول توزيع ميراثنا فى الدًار والطين، وجدت نصيبى مجرد حُطام يكفى مئة ثورة لجياع، ويثير ألف انتفاضة لمقهورين، فتفتيت الثروة جعل الناس فى بلادنا أغلب من الغُلب، لا الفقراء يغتنون ولا السلاطين يتوقفون عن إفقار الجميع، وهكذا بدأنا نمارس ثورة أمى على الملوك وقيادات الحزب الحاكم.

كان الخلفية الفكرية لثورة أمى على الغُلب، أن ملوك مصر يأكلون نهار كل يوم لحم طير وما يدعون من ورق عنب محشى باللوز وفول غارق فى السمن البلدى، وفى كل مساء يأخذون مقويات وأصباغا تعطيهم الشباب والعافية، ويبقى دونهم كثير من المصريين، شبه أحياء مقتولين بالفقر، لباسهم خرق بالية لا تستر عوراتهم البائنة، وطعامهم لقيمات جافة لا تلحس معداتهم الخالية، هكذا يتزايد سكان القصور فى ارض مصر، يعيثون فى الأرض فسادا، ويحولون مجتمعها إلى ثلاثة فصائل، فصيل طاغى من ملوك وملكات يورثون أمراء وأميرات، وفصيل من غلابة تصيبهم الحكومة بالعنة والعقم، وفصيل مطحون من عبيد ينجبون فقراء ولا يورثون أحد.

ليس صعبا على الغلابة أن يفهموا فتاوى السلطان فى موضوع الزواج والطلاق وكيد النساء، الصعب هو أن يفتى فقهاء السلطان بحرمان الغلابة من غرائزهم الطيبة، فرغم تعدد صور الزواج عند السلطان من المتعة والمصالح والعرفى إلى المِسُيار والبوى فرند، إلا أن فتاوى أهل السلطان لم تخفض من زيادتنا السكانية، وبقيت مشاكلنا السكانية تحول ثقافيا دون التوازن بين طبقاتنا، هكذا يعانى مجتمعنا من سبعة ملايين فتاة مصرية يعشن واقع العنوسة ولا يقدر على الاقتراب منهن ملايين من الرجال العاجزين.

أريد فتوى سلطانية تشد حيلى الغلُبان، وتزوجنى من ألف عانس تملكها يمين الحكومة، وأعد فقهاء السلطان بالبقاء فى دائرة الغلابة حيا دون إنجاب.

المقال نشر فى جريدة نهضة مصر – الثلاثاء 21 سبتمبر 2010م

Saturday, September 18, 2010

كانون الحطب


فى طفولتى، كنت أخشى ساعة العشية من ليلة كل عيد، وأخاف ساعة البدرية من صباح كل يوم جمعة، ففى تلك الأوقات تطفئ أمى آخر ( بصبوص) نار فى كانون الحطب وسط دارنا، وتدخل حلة نحاس مليئة بالماء الساخن إلى قاعتنا الطينية، تسحبنى من نومى، وتخلع جثتى من هدومى، وتدفعنى لأقف عاريا وسط القاعة فى طست النحاس، تدلق الماء الساخن بكوز صفيح على جسدى، وتدعك رأسى بصابونة غسيل تلسع عينى رغوتها الحامية، وكلما علا صوت بكائى، تدغدغنى أمى عند الضلوع، فأهش للحظات وأعاود البكاء، واسمع أمى تدعو لى بطول العمر وعقبى الهناء فى حمامات الزواج والعيش سعيدا فى المدينة.

فى صباى، انطلقت مع الرفاق بعيدا عن كانون الحطب، نستحم عندما يحل بالقرية عيد أو يباغتنا ارتداء ملابس جديدة، وحين يدخل الصيف تبدأ مواسم حماماتنا العارية المفتوحة، نستحم بمياه الحكومة فى دورات مياه المساجد، ونستحم بمياه الأهالى فى بطون الترع والقنوات والمصارف، فى المياه الضحلة نطرد كلابا وحميرا تستبرد على الشاطئ ونحتل أماكنها ونتعلم السباحة، وفى المياه العميقة نركب البقر والجاموس، نعوم ممسكين بالذيول والأذن والرقاب، نتقاذف بالطين ونتأرجح بفروع الأشجار.

مرت سنوات وأصبحت زوجا أبا عيال أسكن المدينة، تهاجمنى إعلانات رقيقة لأناس يستحمون بالمياه الساخنة فى التلفزيون، وتملأ رؤوسهم رغاوى صابون لا تلسع عيونهم، وحين كبرت المسألة فى دماغى قررت الاستغناء عن كانون الحطب وشراء سخان مياه كهربى صنع فى مصر.

فى معرض بيع ضخم، أقسم البائع برأس أمه الغالية، بأن ضمان صلاحية السخان خمس سنوات، فاشتريت السخان، إلا انه وقبل مرور سنتين ونصف تسربت المياه من السخان مليئة بالصدأ والبرودة، فدفعتنى زوجتى خارج الشقة، حاملا السخان إلى مركز خدمة الصانع، وبسرعة قرر خبراء الصانع أن مياه الشرب التى تدخلها الحكومة فى صنابير شقتنا، وندخلها نحن فى بطوننا هى مياه مليئة بالأملاح والرواسب، أفسدت السخان وحولته إلى قطع من الصدأ، وتبارى الخبراء فى إلصاق التهم بى، فأنا أسأت تركيب السخان الذين قاموا هم بتركيبه، وأنا أسأت استخدامه بأن جعلته يسخن مياه الحكومة القادمة من صنبور شقتنا، ولما وجدت نفسى محاصرا بتجنى الخبراء وجثة السخان ودفع التهم وتكبير الدماغ، اضطررت لشراء سخان جديد بنفس الثمن ومن نفس الصانع.

دخلت على زوجتى حاملا السخان الجديد مع نصف كيلو كباب وكفتة، قاصدا عودة الوُد بيننا مع افتتاح العمل بمياه الحكومة الساخنة، وحين أدارت زوجتى الأمور فى رأسها، اتهمتنى بالضعف والغش، وبأننى متواطئ مع التاجر وأرمى فلوس عيالنا على الأرض، ذلك بأننى دفعت ثمن السخان مرتين مقابل تسخين المياه طوال خمس سنوات.

أنا عاوز فلوسى من قلب لصوص مدلسين، شعارهم صنع فى مصر، وسأصنع كانون حطب أهرش حوله جسدى وأستحم بمياهه الساخنة، فذلك أفضل جدا.

Tuesday, September 07, 2010

اقتراح ثقافى

أزماتنا السياسية والفكرية والاقتصادية الطاحنة، أدت إلى خفوت التواصل بين أفراد الشعب العربى الواحد وبينهم وبين الشعوب العربية، يرجع هذا الخفوت لانشغال الحكومات بعيدا عن الطموح القومى، كما يرجع لخفوت فكرة القومية العربية إزاء تصاعد تيارات العولمة الثقافية.

الشعوب تتواصل ثقافيا عبر طريقين، أولهما قنوات الاتصال الرسمية، مثل الإعلام الحكومى والمهرجانات والأعمال الفنية والسينمائية لمؤسسات إعلامية مختلفة، هذا النوع من التواصل هو تواصل فوقي من طرف واحد، يحمل وجهات نظر تسعى المؤسسات فرضها على الشعوب، والطريق الثانى للتواصل هو قنوات السياحة والعمالة، ويعتمد هذا التواصل على الاحتكاك الشعبى المباشر بين السياح والعمال من جانب وبين أصحاب العمل من جانب آخر وهو اتصال أحادى الجانب أيضا، فالسائح والعامل تحت ظروف سوق العمل السائدة يكون فى وضع أضعف نفسيا من التمازج الثقافى المتوازن مع صاحب العمل، هذان النوعان من التواصل يدعمان فكرة التمايز والتفرقة بين الشعوب، ونحن الآن أحوج ما نكون إلى البحث عن طرق مبتكرة للتواصل الثقافى بين الشعوب العربية تعتمد الاحتكاك المتوازن والمباشر بين الضيف والمضيف.

هنا ندعو إلى فكرة الرحلات الشعبية الثقافية تنتقل بين المدن العربية، ويعتمد تنفيذها على عنصرين أساسين، أفراد لهم ميول المشاركة فى الرحلات، ومؤسسات ثقافية شعبية كالنوادى والتجمعات الأهلية تقدم المساعدة لأفواج الرحلات، وتمويل هذه الرحلات يعتمد على التمويل الذاتى لأعضاء الرحلة ضمانا للجدية، وعلى دعم رعاة إعلاميون ومنظمات ثقافية، كما يعتمد على تجهيزات النوادى الثقافية فى المدن التى يحل بها أعضاء الرحلة، وعن المدة الزمنية لكل رحلة فيمكن قياسه حسب المسافة بين المدن المخطط المرور عليها، شريطة ألا تزيد المسافة عن ثلاثمائة كيلومتر يوميا إذا تم السفر بالسيارات، يتمثل عمل فريق الرحلة فى أن يقدم كل عضو محاضرة عن موضوعات لا يتناولها الإعلام الرسمى أو المؤسساتى، كأن يقدم محاضرة عن جغرافية وتاريخ وفنون والحكايات الشعبية فى منطقة إقامته الأصلية، هكذا تظل المحاضرات جديدة وثرية، وعن هذه الرحلات ستخرج كتابات وأعمال فنية وثقافية يقدمها أعضاء الرحلة عن مشاهداتهم.

هنا اقترح رحلة ثقافية برية يقوم بها فريق من ستة أو سبعة من الأدباء والفنانين والعلماء يركبون سيارتين، تبدأ من رفح فى مصر وتنتهى عند أغادير فى المغرب وتمر عبر الدول العربية شمال أفريقيا على أن تكرر المحاولات مع تغيير الأفراد وتغير خط السير بين المدن مع تبادل الوفود بين الدول، الفريق يقدم محاضراته وأعماله الفنية فى النوادى وتتولى النوادى إعاشته وتقديم وقود سياراته للمحطة التالية.

المقال نشر فى جريدة نهضة مصر- الثلاثاء 7 سبتمبر 2010م