Friday, April 13, 2007

صحافة جامعية

جامعة المنصورة قارب عمرها ثلاثين سنة، تضم أكثر من مائه ألف طالب، يخدمهم حوالى عشرة ألاف من الموظفين وأعضاء هيئة التدريس، وبها أقسام علمية فى كليتى الآداب والتربية تدرس قضايا الصحافة والإعلام، ومع ذلك فالعدد فى الليمون، فقد صدرت صحيفة أسبوعية عن جامعة المنصورة، باسم صوت مصر، صحيفة كثيرة الطحن بغير طحين، لا ترقى لمستوى التواصل الفاعل بين الجامعة وبين المجتمع المحيط بها.

المتقاعسون فى الجامعة عن إصدار صحيفة قوية يطرحون ضعف الموارد المادية، والضعف الحقيقى هو ضعف إمكانيات الكثير من القيادات الإدارية والعلمية على العمل الجماعى، فكثير منهم يحملون صكوكا كفاءة إدارية تمر عبر بوابة رضا السلطات الأعلى وتضمهم فى عقد أهل ثقة لا يجلبون المتاعب، وبعضهم يحمل شهادات بالمعرفة والخبرة، شهادات ورقية لا تصمد عند الاختبار العلمى والعملى فى مواجهة التردى الشديد فى إمكانياتنا الثقافية والاجتماعية.

جامعة المنصورة تملك مطبعة كبيرة، وما يهدر سنويا من ميزانية الجامعة يكفى لتمويل إصدار صحيفة قوية، والجامعة لديها كفاءات بشرية وعلمية قادرة على حل مشاكل إصدار صحيفة مهنية، تحمل اسم المنصورة وتهتم بمشاكل جامعة المنصورة، فأعضاء هيئة التدريس بينهم علماء وخبراء فى عمليات التمويل والتحرير والتوزيع وقوانين النشر، وحجم المجتمع المحيط فى مدينة المنصورة يصل الى نصف مليون مواطن، مجتمع قادر على استيعاب أكثر من صحيفة جادة.

إن وجود صحيفة قوية لجامعة المنصورة يعتبر أمرا بالغ الأهمية لتدريب أهل الجامعة على ديمقراطية الفكر وصنع رأى عام قوى يؤيد مصالح الأغلبية، فليس من اللائق لبعض قيادات جامعة المنصورة أن تحول مطبوعة صحفية الى مجرد نشرة ورقية لا تزيد عن مجلة حائط متواضعة، تكيل المديح للسيد المدير وللسيد الخفير، وكلاهما فى الإدارة والخفارة دون المديح بكثير، كلاهما يملك من صليل السيف أكثر مما يملك من بهاء الشجاعة.

Monday, April 09, 2007

حافة الهاوية

فى عصور الانحطاط تتدهور قيمة الإنسان ويتربص به المتربصون, هكذا تنتشر فى مصر قيادات تتحكم فى مستقبل أهل مصر، قيادات يتم اختيارها على أسس فاسدة تدفع بالجميع نحو حافة الهاوية، إننا فى مصر نعانى من قيادات تملك دون خجل قدرا كبيرا من التدنى الأخلاقى وفساد الطوية.
فيما يلى وقائع حدثت معى خلال الشهور القليلة الماضية بسبب عملى فى جامعة المنصورة، أحداث غاية فى السوء تؤيد أننا فى مصر شعب نعانى تخلفا رهيبا وأننا مقبلون على انهيار عظيم، هنا سأذكر بعض تلك الأحداث كما جرت وسأضع حولها تعليقات موضوعية أتحرى فيها اكبر قدر ممكن من الشفافية0
حدث الواقعة الرئيس
نشرت مقالا فى جريدة المصور الأسبوعية يوم الجمعة 22/12/2006م ، استنكرت فيه حدوث واقعتين فى جامعة المنصورة بحجة النشاط الطلابى، "تناولت احداها بعض وسائل الإعلام فى تاريخ سابق لتاريخ نشر مقالى، من بينها جريدة المصرى اليوم والتلفزيون المصرى, الواقعة الأولى، قامت إدارة كلية التجارة يوم الأحد 17 /12/2006م بإخلاء أحد مدرجاتها الكبيرة أثناء اليوم الدراسى ونصبت فيه شاشة عرض كبيرة ليشاهد بعض الطلاب مباراة لفريق الكرة المصرية فى اليابان، والواقعة الثانية، أقامت إدارة الجامعة حفلا للطلاب أحياه مطرب متواضع فنا وذوقا يغنى أغنية "بحبك يا حمار"، وتمحور رأيى حول رفض هذا التوجه من إدارات جامعية ينقصها الكثير من الرقى الثقافى والوعى السياسى.
أحداث تابعة
يوم الأربعاء 22/2/2007م وفى برنامج العشرة مساء على قناة دريم الفضائية المصرية، وأثناء عرض مشكلتى على الهواء مباشرة تدخل رئيس جامعة المنصورة فى الحوار التلفزيونى واتهمنى علنا بأربع تهم على الترتيب:
التهمة الأولى: السب والقذف لإدارة كلية التجارة جامعة المنصورة وإدارة جامعة المنصورة فى مقالى المنشور فى مجلة المصور يوم 22/12/2006م.
التهمة الثانية: التفوه بألفاظ تخدش الحياء داخل مدرج من مدرجات العلم.
التهمة الثالثة: تحرش بإحدى الطالبات فى الجامعة.
التهمة الرابعة: سب وقذف لإحدى زميلاتى فى الكلية.
وانتظرت التحقيق فى هذه التهم، بعد مرور شهر كامل وحين هدأت العاصفة الإعلامية، فى يوم الأحد 25/3/2007م تم استدعائى بمعرفة وكيل كلية الحقوق جامعة المنصورة، وجرى التحقيق معى فى وقائع تختلف عما وجه لى من تهم، على الترتيب التالي:

التهمة الأولى: التعسف فى استخدام السلطة تجاه طالبة
كلام المحقق:
احدى الطالبات بتمهيدى الماجستير (سماح بندق) قالت انك فى العام الدراسى 2002/2003م درست لها فى السنة الثالثة بالكلية، وانك طلبت منها أن تأتى لمكتبك ولكنها رفضت، وفى العام الدراسى 2004/2005م ترصدتها وحرمتها من دخول امتحان السنة التمهيدية للماجستير.
ردى على المحقق:
أين كانت شكواها منذ خمس سنوات مضت ولم يتخذ بشأنها إجراء من قبل الإدارة ، كما انه من المعتاد عقب كل محاضرة أن نقول للطلبة والطالبات تعالوا الى مكاتبنا لشرح ما استغلق فهمه على بعضهم، وحرمانها من دخول الامتحان لم يكن بقرار منى، فدورى يقتصر على رصد نسبة الغياب عن المحاضرات للطلاب وإدارة الكلية هى التى تحرم الطالب من دخول الامتحان، والطالبة لم تستكمل نسبه الحضور المطلوبة فى هذا العام، هكذا قررت إدارة الكلية حرمان الطالبة ومعها زميل لها بنفس الظروف من دخول الامتحان, وحين استوفت الطالبة نسبة الحضور فى العام التالى دخلت الامتحان ونجحت.

بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة :
أن شكوى الطالبة قديمة وكيدية وأنها ليست متصلة بقضية تحرش جنسى، فمن طبيعة العمل الجامعى أن يطلب الأستاذ من طلبته وطالباته أن يأتوا الى مكتبه ، ليس الى بيته او فى أوقات الدراسة حسب نظام الكلية.
أن الطالبة ووالدها حين علموا باستخدام الشكوى فى هذا الاتجاه، طلبا سحب الشكوى الا أن رئيس الجامعة رفض طلبهما.

التهمة الثانية: سب وقذف زميلة
كلام المحقق:
ما رأيك فى الشكوى المقدمة من الدكتورة أمانى توفيق تتهمك فيها بالتعدى عليها بالألفاظ أثناء مناقشه حلقة بحث علمى جرت بمعرفة القسم العلمى ، اقوال الشهود: الشاهد الأول: الدكتورة رئيسة القسم قالت انها كانت تتابع النقاش العلمى وانها لم تستبن الألفاظ التى جرت بينك وبين الدكتورة، الشاهد الثانى: مدرس مساعد بالقسم سمعك تقول لها ألفاظا تصفها بأنها غير سليمة العقل.
ردى على المحقق:
أنا لم أوجه ألفاظا او كلمات خارجة للدكتورة الشاكية المتخصصة فى علم التامين، وكان الحديث يدور حول نقاش علمى وعلنى يجريه القسم لطالب يستعد لتسجيل درجة الدكتوراه فى الإحصاء مادة تخصصى، هذا النقاش له أعرافه فى احترام الأصغر للأكبر واحترام التخصص العلمى، و وان شهادة شاهد واحد هو المدرس المساعد لا تكفى لإثبات التهمة، ويحتمل أن يكون الشاهد قد تعرض لضغط نفسى أو أدبى أجبره على الإدلاء بشهادته.
بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة :
إن السيدة الشاكية مزعجة، تقول أنها تتصل برئيس مجلس الشعب المصرى وان لها أقارب من الكبار.
أنه كمحقق غير مهتم بالتعامل مع المزعجين.
تعليقى الموضوعى على السيدة المذكورة:
حصلت على درجة الدكتوراه بعد أربعة عشرة سنه من التسجيل العلمى، بعد أن تجاوزت كثيرا من القوانين الخاصة بالبحث العلمى فى الجامعة0
تقول أن خالها أحد وزراء مصر السابقين، وكان يعمل أستاذا فى جامعة القاهرة.
تعدت بالتسفيه الفكرى على أساتذتها وزملائها بالكلية.
التهمة الثالثة: سب وقذف الإدارة
كلام المحقق:
ما قولك فى الألفاظ الجارحة التى استخدمتها فى مقالك المنشور بجريدة المصور 22/12/2006م تسب فيه إدارة الكلية متمثلة فى شخص عميدها وتسب ادراة الجامعة متمثلة فى شخص رئيس الجامعة.
ردى على المحقق:
أنا لم استخدم ألفاظا جارحة فى مقالى، وان مقالى منصب على نقد سلوك الإدارة باعتبارها شخصا معنويا عاما يشترك فيه أكثر من فرد ، وليس صحيحا فى الإدارة العلمية أن نختزل إدارة الكلية فى شخص عميدها او نختزل إدارة الجامعة فى شخص رئيسها.
بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة:
لا أرى فى مقالك سب أو قذف، مقالك لاذع الأسلوب، وبسببه قرر مجلس الجامعة إلغاء قرار قديم كان يحظر على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الاتصال بالصحافة دون إذن.

وفى نهاية الجلسة عقب المحقق قائلا :
انه لا توجد تهم حقيقية ضدك،
إن رئيس الجامعة رجل طيب لكنه أخطا وتورط فى المداخلة التلفزيونية بتوجيه التهم إليك.
إن تورط رئيس الجامعة تم بفعل فاعل يغلب عليه أن يكون عميد كليتك.
إن رئيس الجامعة يريد منك أن تذهب لمكتبه لتقديم الاعتذار عن مقالك.
سأسعى بجهودى كى يتم قبول الاعتذار وعندها يحفظ التحقيق.
ردى على المحقق:
أنا لا اعتذر لرئيس الجامعة عن مقال حملت فيه رأيى الخاص عن أحداث وقعت.
إن طيبة رئيس الجامعة لا يؤيدها تحويلى للتحقيق فى قضية إبداء رأى عام.
أنى باق على موقفى من عدم الاعتذار.
أنا الأحق بطلب الاعتذار من رئيس الجامعة.

استمرار مسلسل الترصد
فى يوم الثلاثاء 27/3/2007م حولنى الدكتور مجدى أبو ريان رئيس الجامعة للتحقيق معى بسبب حوار تم على الانترنت دار بينى وبين احد طلاب الدراسات العليا، (إذا كان هذا الشخص حقيقا، غير مزجوج به للدس والوقيعة، يملك إذنا من القضاء للتنصت والتصيد الآخرين) يتهمنى فيه بالسب والقذف لبعض الشخصيات فى الكلية.
هكذا فى مصر توجد قيادات متخلفة إداريا وثقافيا تحاصر الآخرين، من بينها رئيس جامعة المنصورة ومن خلفه كثير من الفاسدين، يتهمونى إعلاميا بما لم يثبت لديهم من أدلة قاصدين تشويه سمعتى وإحراج غيرى دون إبداء أرائه.
عزيزى القارئ، شكرا على اهتمامكم,,,

Thursday, April 05, 2007

لله .. يا محسنين

يوم الأربعاء الماضى 28 مارس 2007م، فى برنامج البيت بيتك بالتلفزيون المصرى جلس ثلاثة من كبار رجال الأعمال المصريين، وفى تواضع بالغ تحدثوا عن ثرواتهم وعن مشاريعهم الخاصة لمساعدة المعوزين والفقراء، ومن المؤكد أن كثيرا من المشاهدين تعاطفوا مع ذلك الخجل البادى على الأغنياء، يؤيدون أن يكون الغنى من الكسب والتجارة الحلال، كما يؤيدون أخلاق ذلك الصنف من الفقراء الذين يحسبهم الجاهلون أغنياء من التعفف، ويحوم على الجميع منظومة أخلاقية تدعو لئلا تعرف اليد اليسرى ما تنفقه اليد اليمنى من خير.

الآن فكرة أن يتوارى المحسنون خلف ساتر يحجز نشاطهم الاقتصادى بعيدا عن العلن بحجة أن ثقافتنا الشعبية ترى أن عين الحسود فيها عود من الغل والحقد على الأغنياء، هذه الفكرة تقتل الإحساس بالكرامة والدافعية الاقتصادية للعمل المنتج بين أفراد المجتمع، ذلك بأن المتبرع يجلس خلف ستار من الفضل وأن من يقبل الصدقة يجلس خلف ستار من الخجل.

أن الدعوة لأن يخفى رجال الأعمال ما ينفقون من تبرعات وما يديرون من مشاريع خيرية إنما هى دعوة للتستر على ما يمكن أن يراه البعض غسيل أموال، وهى أموال تأنى وتنفق فى السر لا من شاف ولا من عرف.
أن الشفافية فى متابعة النشاط الاقتصادى، والتبرعات الخيرية جزء منه، تقوى مؤسسات المجتمع وتسهل على الجميع القيام بدور المحاسبة القومية.

إننا نرى أن تكون المؤسسات الخيرية خاضعة للشفافية ليعرف الجميع من هم المتبرعون ومن أصحاب الحق فى الحصول على المساعدات، فالمجتمع الأخلاقى يرى أن الأغنياء مستخلفون فى إدارة جزء كبير من موارد المجتمع.

المجتمعات المتقدمة حضاريا مليئة بالمنظمات التطوعية الخاضعة لأشراف أفراد المجتمع فى إطار من حرية العمل الاقتصادى المنتج، فجامعة هارفارد مثلها مثل جامعة القاهرة أنشأتهما تبرعات أهلية، ومؤسسة فولبرايت منظمة ترعى الفنون وأخرى ترعى الفقراء وثالثة ترعى العلوم، وهكذا لا أحد فى المجتمعات المتقدمة يمن بالخير على الآخرين، والفقراء لا ينتظرون أن تهبط عليهم ثروات دون عمل.