Tuesday, April 07, 2009

مصرنا . . مخترقة


بعض المراقبين المعاصرين يرون أن مصر إناء كبير يضج بغليان ثورة شعبية وشيكة، ففقر الأداء السياسى والجوع الاقتصادى وتآكل المواطنة يحاصر الجميع، لكن القراءة الموضوعية للواقع المصرى تصل إلى نتائج مغايرة تجعل فعل التغيير صعب المنال.

فى مقابل الجوع الاقتصادى يوجد نسيج اجتماعى غير متجانس لا يقوى على التمازج، فالطبقات الاقتصادية المصرية غير متواصلة اجتماعيا، طبقة ثرية مرفهة يقل حجمها عن عشرة المائة من السكان، وطبقة عريضة تصل إلى أربعين فى المائة من السكان تعيش دون خط الفقر الاقتصادى، وطبقة يمثلها نصف السكان تعيش بالكاد حول خط الفقر الثقافى، هذا الوضع الطبقى الاقتصادى الاجتماعى السيئ جعل المصريين يعيشون أنيميا ثقافية وفكرية حادة، وجعل من مصر كائنا مخترقا مفتوحا لتجارب الآخرين.

فى مقابل فقر الأداء السياسى تحمل الغالبية من النخب المصرية شتاتا فكريا وثقافيا هزيلا غير مصري الجذور لا يتصارع حضاريا وإنما يتكلس داخل أطر مغلقة تحول دون الفعل السياسى الجاد.

فى مقابل تآكل قضية المواطنة تتصارع آليات الانتماء بين أصحاب حزم فكرية متناقضة، فمن داخل مصر تعيش الجماهير وعيا سياسيا منقوصا ومشوشا نتيجة احتكار الدولة لآليات الفعل السياسى، ومن خارج مصر تتطاير أفكار متناقضة بين أقباط مهجر يضيقون الخناق على أهل مصر ليعيشوا فى تاريخ مضى وبين إخوان بترول يلغون وجود مصر فى تاريخ معاصر، وبين عبيد تدميهم أسلاك الكفالة والنخاسة والسباحة غرقا فى أفلاك البحر فلا يهتمون بغير تاريخ أسيادهم، هذه الحزم الفكرية يعانى أصحابها من هوانهم على الناس خارج مصر ويسعون لاسترداد قوتهم فى سوق الفقراء داخل مصر، يتنابذون بالأقوال فى التمييز الدينى والطائفى، ويتشدقون بنقاء العنصر والانتماء العرقى.

وفى طريق البحث عن منهج فكرى لتقدمنا، يشقينا فعل أناس يدعون أنهم المندوبون وحدهم عن السماء وأنهم وحدهم الناطقون بالحق، لا يرون أن السماء فوق الجميع وأن الأرض ملك للجميع، إنهم يمارسون التمييز بين البشر، هذا مؤمن لهم وذلك كافر بهم، المؤمن لهم نصف مقدس والكافر بهم مشروع قربان للآلهة، إنهم لا يعترفون بحق الإنسان فى المواطنة ويشترون بآيات الحكمة ثمنا قليلا.

هكذا نحن المصريين، نعانى تخلفا اقتصاديا وعلميا وثقافيا، جموعنا عمال تراحيل تسكن العشوائيات وتشقينا فعله الحصول على طعام اليوم، وتحولت لدينا ثقافة التغيير من فعل الثورة إلى فعل الصياح.

No comments: