Friday, June 13, 2008

فتاوى سكانية

فى مؤتمر السكان الذى عقد مؤخرا فى القاهرة، تم اكتشاف أزمة سكانية مصرية، يقول الخطاب الرسمى فى الدولة إن المصريين مسرفون فى الإنجاب والدليل ما أوحت به إحصائية سكانية تقرر انه فى عام 1960م كان عدد سكان مصر 26 مليونا وكان عدد سكان كوريا الديمقراطية 26 مليونا أيضا، وهذا العام 2008م بلغ سكان مصر 80 مليونا بينما بلغ سكان كوريا الديمقراطية 48 مليونا، بمعنى أنه فى نفس الفترة الزمنية زاد المصريون مرتين بينما زاد الكوريون أقل من مرة واحدة فقط.
ما حدث من زيادة فى أعداد المصريين ليس ناتجا بالطبع عن فحولة للمصريين رغم خضوعهم طوال فترة الإحصاء لحكم عسكرى يوحى لأصحابه أن الأشياء مضبوطة وتحت السيطرة، فالنظام العسكرى تسبب فى ضغوط اقتصادية وثقافية جعلت بين المصريين ما يقارب تسعة ملايين من العوانس تحت سن الخمسة والثلاثين، المصريون زادوا لأنهم لا يملكون علما كافيا يساعدهم على رفع إنتاجياتهم الاقتصادية ولأنهم يعايشون حكما غير ديمقراطي يقتل حريتهم فى الاستمتاع بما يجنوه من ثمار، فلو أن نظام الحكم ديمقراطى كانت الأربعين سنة الماضية كافية لإنتاج جيل ونصف الجيل من المتحضرين، وما حدث فى كوريا من زيادة سكانية مدروسة لم يكن عجزا من الكوريين عن التمتع بالحياة انه كان علما نتج عن نظام ديمقراطى يترك للناس حرية التمتع بالحياة.
يمكننى أن أقص رأيى فى الزيادة السكانية المصرية، بطريقة أخرى، أنجبت أمى تسعة من الذرية فى عين العدو، كانت عين العدو صفراء قليلا تبخ الحسد فشهدت بنفسى موت اثنين من خلفة أمى، هى سنوات أصبحت بعدها رجلا وأبا لأطفال صغار لكننى طوال الوقت اشتاق لعطف أمى، قبل موت أمى بأسابيع وضعت رأسى على رجلها قاصدا لثم بعض من عطفها، وحين سألتها كيف أنجبت تسعة من الأطفال بسهولة، لكزتنى فى كتفى قائلة إياك والحسد، يا ولدى عدد أخوتك اقل من عزوتنا، انه القليل جنيناه من فقرنا وقلة حيلتنا وتحايلنا على الأرزاق، يا بنى لا تسألنى عن خلفتى القليلة الممصوصة غلبا، اسأل عن خلفة الأغنياء والملوك، أنت لا تعرف أسرار الملوك ولا تدرك أعمال الأميرات، فى كل إفطار يشرب الملك عصير عشرة من الخراف الصغيرة تقدم له فى كوب من ذهب والملكة تشرب فى كوب من الفضة خلاصة سبعة طسوت مليئة بالعسل والقشطة، فى كل غداء يأكلون البط السمين والحمام المحشو بالفريك، وفى كل عشاء يأكلون سمك السردين الأخضر تتساقط دهونه على الأرز المعمر باللبن، وفى كل يوم يحلون بأطباق المهلبية وعشرات من أطباق الأرز باللبن، يشربون طول النهار الكركديه والحلبة والتمر الهندى البارد، إنهم يا ولدى يأكلون ويحلون ويشربون وينامون على شبع، إنهم ينجبون كثيرا من الملوك والملكات والعبيد الطيبين، هكذا تستمر تراتيل أمى أحلاما ويهدر طوفان عاطفتها على وجودى، وحين تلمس راحة يدها جبينى وتربت على ظهرى أستسلم لخدر أحلام بتناول أطباق من الكباب واللحم المشوى مع شوربة الدجاج البلدى.
كانت أمى – رحمها الله- مقتنعة بأن الله يحب الملوك أكثر ويمد لهم فى أعمارهم، هذه القناعة عجلت بموت أمى فقضت نحبها صغيرة قبل أن تكمل عامها الرابع والثمانين.
فى أول معركة دخلتها حول ارثنا الدموى اختلفت مع إخوتى فى تفسير حكمة أمنا المرحومة، يا أولادى إن الفقراء يثورون بالإنجاب فى وجه الأغنياء، وحين أجهدت نفسى فى التعرف حكمة أمنا أخبرنى حافظوا التاريخ والأنساب أن أمى لم تدرس فى معاهد حزبية ولم تمارس مراوغات أهل السياسة، كانت أما برية تحب الحياة وتكره من يصنعون الموت، فانطلقت أهيم على وجهى فى كل الأرض متوحدا مع طريقتى فى الفهم أفسر كيف يزيد الشعب المصرى، إن ملوكنا وملكاتنا يأكلون طوال اليوم كثيرا من لحم طير وما يدعون من ورق عنب محشى وفول غارق فى الطحينة والسمن البلدى، وفى كل مساء يأخذون أدوية ومقويات وأصباغ تعطيهم الشباب والعافية، ويبقى كثير من المصريين مقتولا بالموت دون خرقة قماش يستر بها نفسه ودون مضغة عيش يبحث عنها فى بقايا الأغنياء، هكذا يتزايد فى بلادنا سكان القصور يمنحون فضلهم لكل من يذكرهم بخير، ويبسطون علينا قدراتهم الخارقة بأنا صائرون إلى ثلاثة فصائل، فصيل طاغى من ملوك وملكات يورثون أمراء وأميرات، وفصيل من الغلابة تصيبهم سياسات الحكومة بالعنة والعقم وفصيل مطحون من العبيد ينجبون فقرا ولا يورثون أحد.
ليس صعبا على الغلابة فى بلادنا أن يفهموا فتاوى السلطان فى موضوع الزواج والطلاق وكيد النساء، الصعب هو أن يحرموا من غرائزهم الجميلة، فتاوى أهل السلطان فى طرق الزواج العلنية لم تثمر شيئا، زواج المتعة والمصالح والسياسة والأعراف والمسيار والمحيار والنص نص والبوى فرند، (ما معنى المحيار والبوى فرند) كلها فتاوى جلبت على الحكومة هما إداريا ونكدا سكانيا وتخلفا ثقافيا، فهل لدى أهل السلطان من يصنع فتوى تحل مشكلة الحكومة مع الإدارة وتحل مشكلة التوازن الثقافى للغلابة، أريد فتوى تبيح زواجى من بعض ما ملكت يمين الحكومة من العوانس؟ هن تسعة ملايين مصرية يعشن واقع العنوسة، أريدها فتوى تكفى للزواج من ألف عانسة جميلة، وبرغم قدرتى على الكلام وطموحاتى فى الفعل إلا أننى أعد أهل الحكومة بالبقاء حيا دون إنجاب.

Saturday, June 07, 2008

مقامك يا مكرم عبيد

المنصفون لتاريخ المناضلين يقولون عن مكرم عبيد انه مسيحى مصرى، كان رمزا لتمازج المصريين بكل دياناتهم، قام بدور شيخ العرب فى الصلح بين جيرانه من مسلمين حين تعاركوا فى قنا جنوب مصر، كان خطيبا مفوها ومحاميا نزيها وسياسيا محنكا وصفه بعضهم بأنه ابن سعد زغلول الزعيم الشعبى لثورتنا نحن المصريين فى عام 1919م.
هذا المكرم المثير للفخر تذكرته يوم الأربعاء الماضى، الرابع من يونيه 2004م، حين حضرت ندوة عن الحريات الدينية فى مصر، ففى الندوة رأيت احد المحامين يحمل لقب مستشار يجلس على المنصة ليعرض على الحضور ووسائل الإعلام بعض القضايا القانونية المتعلقة بتغيير مواطنين لدياناتهم من المسيحية إلى الإسلام أو العكس.
حديث هذا المستشار أصاب كثيرا من الحاضرين بالإحباط، جلس على المنصة يحاضر لمدة تجاوزت ثلث الساعة، قرر بإرادته أن يكون حديثه إلينا باللغة العربية ومع ذلك كثرت أخطائه النحوية فبدا سقيم اللغة، ينصب الفاعل ويضم المفعول ولا يعرف نطق الجار والمجرور، وحين تكلم مرات قليلة باللهجة العامية ظهر للحاضرين أنه أقل إحباطا.
أمر المستشار زادنى إحباطا حين حصلت فى الندوة على كتاب قام بتوزيعه علينا دعاية لشخصه كمحامى، اقتصر الكتاب على ذكر عروض ودفوع قانونية عن حرية الانتقال بين الأديان تضمنت نصوصا دينية وشعرية، وحين تصفحت الكتاب وجدته يضم كثيرا من الأخطاء اللغوية.

إنها مأساة ثقافية وحضارية أن يتولى أحد مهام القضاء أو المحاماة من لا يعرف استخدام قواعد اللغة العربية الفصحى قراءة وكتابة ولا يجيد استخدامها فى المحافل العامة.
اللغة العربية هى لغة القانون المكتوب السارى بيننا، وإهمالها فى صورتها البسيطة خصوصا من المثقفين يؤدى لنتائج سلبية خطيرة على مستوانا الثقافى وتوجهنا العقائدى وتقدمنا الحضارى، فلو أننا كتبنا جملة عربية مثل ( إنما يخشى الله من عبادة العلماء)، واخترنا بين طريقتين لنطق الجملة المذكورة، الأولى أن ننصب لفظ الجلالة الله بالفتح، وهذا يعنى لغويا أن لفظ الجلالة الله مفعول للخشية من العلماء وبالتالى يمكننا التمهيد لقبول نظريات فلسفية ترى بالجبر وأن البشر حريتهم مقيدة وتخضع فى تقييمها لشرائع دينية سماوية، وأمامنا الطريقة الثانية أن ننطق لفظ الجلالة الله مرفوعا وهذا يعنى لغويا أن لفظ الجلالة الله هو فاعل الخشية تجاه العلماء وبالتالى يمكننا التمهيد لقبول نظريات فلسفية تنادى بحرية البشر، أفعالهم حرة من صناعتهم وتخضع فى تقييمها لشرائع وضعية أرضية، هكذا تكون الفروق الفكرية كبيرة بين معنى اللفظين باختلاف النظريات المصاحبة فى مجال الفكر والتطبيق، ولدينا قول شائع فى البدء كان الكلمة، ويكون البدء بنطق الكلمة وجود دال على توجهات صاحبها.
بداهة أن من يعرف قواعد اللغة وتستقيم له ادواتها هو أكثر قدرة على توصل صحيح وجه نظره للآخرين، ومن يختلط عليه الأمر ولا يبالى تختلط وجه نظره على الآخرين، وعليه فإذا اعتبرنا أن اللغة العربية هى لغتنا القومية، باعتبارها وعائنا الرسمى لفكرنا المكتوب وثقافتنا المتداولة، وأوكلنا مهمة قراءة وتفسير وتفعيل القوانين الحاكمة المكتوبة بلغتنا القومية إلى من يجهلون ابسط قواعد كتابة وقراءة هذه اللغة فانه يصبح منطقيا أن نرى عجزا ثقافيا عن فهم وتفسير القوانين السائدة، ويصبح من السهل أن نجد المتهم البريء والقاضى المنحاز والمحامى الأفاق.
لأننا نعانى تخلفا حضاريا كبيرا يحاول البعض منا البحث عن طرق للخلاص، هكذا انتشرت بيننا نزعات تطالب بلغة قومية تستوعب متطلبات العصر، بعض المحافظين يرى أن اللغة العربية هى لغتنا القومية وتحمل فى وجودها قداسة دينية، هذا البعض يعلن أنها لغة رحبة قابله لتحسين تناولها فى المدارس والجامعات ووسائل الإعلام وبالتالى على المستوى الشعبى، وبعض آخر يرى أن اللغة العربية لا تحمل قداسة إلا فى شعائر دينية معينة، هذا البعض يعلن ضرورة التخلى عن العربية الفصحى واستبدالها بلغة جديدة، ربما تكون لغة انتشرت إعلاميا مثل اللهجة العامية لسكان القاهرة أو لغة ماتت على جدران الأهرامات والمعابد كالفرعونية أو لغة انحسرت فى قلايات الرهبان ومذابح الكنائس كالقبطية، قليل آخر يرى أن اللهجة العامية المصرية الأكثر شيوعا إعلاميا وهى لسان أهل القاهرة المعاصرين هى اللغة المرشحة لأن تكون لغة قومية، هكذا فى حالات الضعف الحضارى تتناثر اللغات بين الأديان والجماعات العرقية.
إن الإعتساف بإحياء لغة لا يجعل منها لغة تفى بمتطلبات العصر، فإحياء اللغة الفرعونية دعوة تتضمن احتباسا فى قوقعة حضارية، وأن إحياء اللغة القبطية دعوة تتضمن احتباسا فى قوقعة دينية، وأن تغليب اللهجة العامية لفريق أو جماعة هى دعوة احتباس لغوية تغلب الفرع الضيق فى اللهجة على حساب الأصل الموجود فى الفصحى والأكثر اتساعا.
أمامنا مثال على الإعتساف فى إحياء لغة ضيقة الاستخدام كادت أن تموت، انه مثال إحياء اللغة العبرية فى العصر الحديث فبرغم كل الجهود الدينية والسياسية وإنشاء دولة إسرائيل إلا أن عدد الذين يستخدمون العبرية الآن فى حياتهم اليومية داخل إسرائيل لا يزيد عن خمسة ملايين إنسان بما يقارب ربع عدد يهود العالم، إما باقى اليهود خارج إسرائيل فلا يستخدمون العبرية إلا فى إقامة بعض شعائرهم الدينية، هكذا يصبح من المتوقع أن ينتهى أمر اللغة العبرية إلى لغة شعائر للمتدينين اليهود فقط، وهناك جانب آخر أن النسب الإحصائية للناطقين بالعبرية تتناقص باستمرار بسبب الانفجار السكانى والحضارى والمعرفى للغات الأخرى.
إن أمر إيجاد لغة قومية أخرى للمصريين مازال فى دائرة الممكن، وحتى الآن مازالت القوانين والمذكرات والشروح التفسيرية والأحكام تكتب بالعربية الفصحى، والى أن يتغير ذلك فانا أطالب جهازنا القضائى، حفاظا شكليا على هيبته ومصداقية موضوعية على نزاهته فى فهم القوانين، بأن يضع شروطا أولية لمن يشغلون مناصبه من قضاة ومستشارين ومحامين، أن يحسنوا استخدام صحيح اللغة العربية فى أحاديثهم العامة وكتاباتهم المختصة بأحوالنا القضائية، وان يتمثلوا إجادة استعمالها فى المحافل العامة.
الآن على أن أعلن الهتاف، أين انتم يا أهل القضاء المصرى؟ وعينا القومى فى حاجة إلى أمثال القاضى مصطفى عبد الرازق ووحدتنا الوطنية فى حاجة إلى أمثال المحامى وليم مكرم عبيد ودستورنا فى حاجة إلى أمثال الفقيه عبد الرازق السنهورى، ونحن جميعنا مطالبون بإحياء لغة قومية عصرية تحمل طموحاتنا نحو المستقبل.

Monday, June 02, 2008

حين يصبح الغباء إرهابا

يبدو لى أن إدارة جامعة المنصورة لا تكرهنى بصفة شخصية، فأنا مازلت موظفا لديها نتبادل حقوقا وواجبات وظيفية على مضض وتحكمنا لوائح بقوانين، يبدو واضحا أننى ما زلت أقبح قليلا من مئات الموظفين فأجد أنصارا يؤيدون توجهاتى، وأننى ما زلت أجمل كثيرا من بعض القيادات الجامعية فأجد أعداء يتربصون هفواتى، ويبدو لى أيضا أن إدارة الجامعة تكره الفهم الواعى لروح القانون ولا تصاحب مبادئ الإدارة الرشيدة تجاه موظفيها، من أجل ذلك تم تحويلى الأسبوع الماضى لتحقيق إدارى.

قصتى مع التحقيقات الجامعية بدأت بتراتيل ساذجة من الأفكار والأحاسيس المتداولة، كانت البداية مع استلامى العمل موظفا فى الجامعة، رأيت قطيعا من البشر ليسوا فوق مستوى الشبهات يحتكمون إلى قوانين مطاطة تسمح لذوى الأهواء أن يحققوا مآربهم، هذا القطيع افرز قيادات جامعية غير منتخبة تمارس عملها دون حد الكفاءة بكثير، وحين شاع ذلك خرجت شهادات علمية مضروبة وظهرت قرارات إدارية تغازل الهوى الشخصى وتسعى لتحقيق منافع فردية على حساب المجموع، وأغمض الأفراد عيونهم على كل مفسدة لا تمس مصالحهم الشخصية ولم يبق من العمل الجماعى للضعفاء غير تدبير المكائد والاكتفاء بالغيبة والنميمة، أنا ظللت معظم الوقت مثل بعضهم خارجا عن القطيع.
منذ فترة فاحت فى جامعتنا روائح الشهادات العلمية المضروبة بالتدليس والعلاقات الأسرية فلمحت فى بعض كتاباتى عن المحروس ابن الوٌز فى الجامعة الذى يستطيع فوق العوم أن يطير ويغطس ويسير على كل الحبال فيحصل على الدكتوراه فى اقل مدة قانونية ممكنة قافزا فوق عشرات من العوائق توضع أمام أقرانه الأفضل منه علميا وخلقيا، وكتبت عن محروسة تدعى أن خالها من كبار القوم، تدخل الخال لصالحها فقضت حوالى أربعة عشر عاما متصلة للحصول على درجة الدكتوراة مع بقائها طوال هذه المدة معاونا لهيئة التدريس بالجامعة، علما بأن القانون المنظم قد نص على أن مدة التسجيل والحصول على الدرجة العلمية لا تزيد عن خمس سنوات بعدها يلغى التسجيل ويحول معاون الهيئة إلى وظيفة إدارية أخرى، أى أنها قضت حوالى تسع سنوات مع منتفعين ساندوها فى التدليس لتعطيل نص قانونى، والأظهر فى وقائع التدليس أن لجنة المناقشة العلنية رفضت صلاحية رسالتها للحصول على الدرجة حين نوقشت رسالتها علنا أول مرة إلى أن عاودت المناقشة بعد عام كامل لتحصل على الدرجة العلمية بعد أن استوفت زورا وتواطئا ما طلب منها.

منذ أكثر من عام آثرت أن أبادر بهجوم موضوعى مارسته بالكتابة والنشر واللسان على فضائح أخلاقية وعلمية ارتكبتها مستويات قيادية مختلفة فى الجامعة، بدءا من قرارات المجلس العلمى وإدارة الكلية وإدارة الجامعة، وحين أسمع هجومى من به صمم اكتشفت بعض القيادات أننى أحد النعاج الخارجة عن القطيع وأننى هو المزعج المطلوب الرقبة ذبحا على موائد التقرب من السلطة، هكذا بدأت تتواتر قصصى بين السابلة وأولاد الشوارع مع التحقيق الإدارى والقتل الوظيفى والاغتيال المعنوى وتشويه السمعة.

بعد أن وضعت يدى فى عش المدلُسين، كان منطقيا أن تأتى فرصة مختلقة ويتم اتهامى بتهمة السب والقذف من المحروسة ذات التسعة أعوام من التدليس العلمى، هكذا ذهبت للنيابة العامة مشكوا فى حقى بفضل تدليس بعض الزملاء، وبعد أيام من الإرهاق أمام النيابة طلبت المحروسة التنازل عن دعواها تجاهى بشرط أن أوقع على إقرار يفيد تعهدى بعدم القيام بالتدريس لمادة علمية معينة لطلبة الكلية، وحين توجست أنا خيفة على علاقتى بالكلية، أوضح لى وكيل النيابة أنه إذا تعارض نصان أحدهما خاص والأخر عام تكون الحجية للنص العام، مثال ذلك أن النص الخاص يسمح للرجل المسلم أن ينكح ما طاب له من النساء أما النص العام فانه لا يجوز للرجل المسلم أن يجمع بين الأختين، والنص العام هو الملزم بالتطبيق.
حملت المحروسة ورقة التصالح إلى مجلس القسم بالكلية قاصدة تغليب أمورها الخاصة تجاهى على المصلحة العامة تجاه طلاب الكلية، وبرغم توقيعى على الورقة إلا أن القسم العلمى استمر فى تكليفى بأعباء علمية بالتدريس لطلاب الكلية، ولأن الأمور تسير لدى البعض بمنطق معوج رفعت المحروسة شكوى جديدة ضدى وضد القسم العلمى إلى عميد الكلية، تشكونا عدم الامتثال إلى رغباتها المريضة، وحين توجست الشاكية إبطاء من العميد ذهبت لأكثر من صحيفة تحمل أوراقا وتتصل بطلبة وطالبات وتقص علي صغار الصحفيين حكاياتنا، كانت تقص حكايتنا بحرقة كامرأة عانس أصابها فشل فى ثلاث زيجات وتسأل طوب الأرض عن زوج رابع.
وصلت شكوى المحروسة إلى عميد الكلية، وجريا على عاداتنا فى استعذاب وقائع التخلف، الاحتفاظ بسلوك الصغار، التشدق بالعلاقات الخاصة، اختراع العلاقات الكبيرة والاستيلاء على المناصب القيادية بالمحسوبية دون كفاءة، التوارى خلف الكراسى لاقتناص الفرص دون مواجهة موضوعية، كل هذه الصفات جعلت عميد الكلية يسلك طريقا يبعد عن المواجهة معنا، احتفظ بالشكوى مدة طويلة ثم حولها لإدارة للجامعة، هكذا يمكن تفسير سلوك العميد نحونا، إن سلوكه ليس نكاية فى شخصى أو تشفيا فى إدارة القسم العلمى أو إصلاحا لحالة مرض وظيفى بين أعضاء هيئة التدريس، انه سوء تصرف وجبن إدارى.

حين وصلت الشكوى إلى إدارة الجامعة ابدى المستشار القانونى كثيرا من التحفظ عن إجراء تحقيق فى غير ذى موضوع، ومع ذلك طلبت الإدارة تحقيقا معى ومع رئيسة القسم العلمى، وحين استدعى المحقق ثلاثتنا للتحقيق، المحروسة وكل من رئيسة القسم وشخصى، اعتذرت المحروسة عن الحضور، أثناء التحقيق معى رأيت فى عينى المحقق عبثية الشكوى وأنه يضيع وقتا لا طائل من ورائه فى إصلاح الأمور غير انتظار المقابل المادى يتقاضاه مكافأة عن كل تحقيق يجريه، وربما يكون التحقيق إجراء أوليا وقت اللزوم يسبق الاستعداد لإخراج أشياء من باطن الأوراق ربما تضعنى متهما بالخروج عن الآداب العامة أو على الأقل إشاعة التمنى بتغيير نظام الحكم، وكذا ظهر لى أن موقف إدارة الجامعة ليس منفصلا فى سذاجته الإدارية عن موقف عميد الكلية.

فى العام الماضى جرى تحقيق معى فى اتهامات رفعها ضدى رئيس جامعة سابق وساعده عميد كلية حالى، كلاهما عندى ليس فوق مستوى الشبهات وكلاهما عندى لا يعرف قدر الرجال، وانتهى التحقيق دون عقوبة قانونية تقع على.
فى الأسبوع الماضى بدأ تحقيق جديد لا أعرف نتيجته، وما زلت أحمل بعضا من أسئلة صماء أحاول العثور على إجاباتها، هل يجوز لى من باب السخرية أن أشعر بأن إدارة جامعة المنصورة تكرهنى؟ فأدعو بحرق القيادات الغبية التى لا تعرف الحب، وهل يجوز لى من باب الآسى أن أتساءل، كم هو حجم الغباء الإدارى يلاحقنا؟ فأطالب بانتخاب قيادات تعرف الفصل بين الغوغائى وبين العصامى، وكم هو حجم الإرهاب بالغباء يهددنا؟ فأطالب بتغيير ثقافة التواطؤ مع العقول المريضة.