!! سياسة التعليم وخرابنا القومى
فى كل أسبوع وشهر وسنه، تقام فى بلادنا احتفالات لإنشاء مؤسسات تعليم حكومية أو خاصة، بعضها يتبع خفارة شرقية أو سفارة غربية، وبعضها تديره حكمة "خالتى زهرة" أو خبرة "عمّو سيد"، هكذا يتردى أولادنا حيارى فى الالتحاق بمحلات علم تنتشر بين شقق غير صالحة للسكن وبين مبانى ضخمة تصلح للفنادق المتواضعة، ومع تعدد "محلات التعليم" تتعدد اتجاهات أصحابها وتفقد الأمة شخصيتها القومية المتميزة.
صحيح أن دول العالم تعيش فى قرية صغيرة نتيجة لثورة الاتصالات، إلا أن التمايز بين الأمم سيبقى أمرا طبيعيا ومطلبا إنسانيا أيضا، فحركة التاريخ الإنسانى تبقى وجود أمم تحافظ شعوبها على هويتها القومية فى الإمساك بزمام العلم والتكنولوجيا، وتنهى وجود أمم تتنازع شعوبها سياسات تعليم تتناثر بعيدا عن انتمائها القومى.
كل مؤسسات التعليم فى بلادنا، تخضع لإشراف هامشى مدفوع الأجر، مؤسسات التعليم العام تخضع لمناورات سياسية ضيقة لأحزاب غير واضحة المنهج تخترق توجهاتها كثيرا من ثوابت تواجدنا القومى والحضارى، ومؤسسات التعليم الخاص يمتلكها أفراد يخترقون كثيرا من القوانين المالية والاجتماعية ينتهزون الفرص للإمساك بسلطة يديرون بها عقولنا، كلها مؤسسات تدين بالولاء لمن يملك صوتا أعلى فى سوق التجارة بوعينا القومى، هكذا تتحول "خصخصة" التعليم إلى تجارة الخاسر فيها كل أفراد الأمة.
إن مهمة الحفاظ على هويتنا القومية انتماء ووجودا، تتطلب فحص توجهات كل مؤسسات التعليم فى بلادنا وإخضاعها لفاعلية الرقابة والتقييم على أسس موضوعية تتجاوز التوجهات السياسية أو الحزبية لهذا الوزير أو ذاك، توجهات توضع أسسها فى دستور واضح لا تتأثر ملامحه بتغير وزير أو بنقل خبير.
No comments:
Post a Comment