الانتفاضة والمثقفون
هناك مجتمعات حضارية تحكمها نظم ديمقراطية تعتمد العلم والكفاءة سبيلا للتطور، وترى أن المثقفين مواطنون يحملون فكرا وأراء يضعها المجتمع محل البحث والاختبار وتنفيذ ما يصلح منها، وهناك مجتمعات إقطاعية قبلية تعتمد على العصبية سبيلا للبقاء، وتحكمها نظم ديكتاتورية، ترى المثقفين مجرد أبواق يقتصر دورها على الإشادة بالنظام دون أن يكون لها حق التفكير أو النقد، ونحن فى بلادنا العربية نعيش مجتمعات إقطاعية قبلية لا ترى للكتاب والمثقفين غير مكانين فقط، إما المعية مع السلطان أو العزل والاعتزال عن المجتمع.
يقول علماء الإحصاء، أن سلوك الظواهر الطبيعية كثيرة الحدوث يميل إلى شكل جرس متوازن حول مركزه، على طرف الجرس حوالى عشرة فى المائة من العباقرة يجرون الجرس فى اتجاه ايجابى، وعلى الطرف المقابل من الجرس يسكن حوالى عشرة فى المائة من المجانين يجرون الجرس فى اتجاه سلبى، هكذا فى المجتمع البشرى يوجد حوالى عشرة فى المائة من الأفراد تسعى للبناء يقابلها عشرة فى المائة تسعى للفساد، والمثقفون مع اختلاف وتعارض توجهاتهم يقعون اجتماعيا عند هذه الأطراف، ويبقى قطاع الثمانين بالمائة من المجتمع يمثلون الغالبية الصامتة تشغلهم أمور حياتهم، يشاركون بالصمت فى تناول الهم العام ويقود خطاهم أصحاب القوة من تنظيمات وأحزاب علنية أو سرية.
هكذا تتوقف طبيعة التغيير الاجتماعى، من حيث الصعود للتحضر أو الهروب نحو التخلف، على ذلك القدر المتاح من الديمقراطية لكل فصائل المجتمع وطبقاته، ذلك بأن الديمقراطية هى أفضل الأنظمة لصنع التقدم.
No comments:
Post a Comment