Tuesday, July 31, 2007

!! طلب عمل اضافى

فكرت وبصّرت كثيرا فى أن أجد عملا إضافيا قاصدا التخلص من أحوال اقتصادية سيئة تحيط بى ويعانى منها غالبية أساتذة الجامعة، تصورت أن تخصصى فى علم الإحصاء والرياضيات وحاجة الجميع لمنهج التفكير الرياضى يكفلان لى مجالات متسعة للعمل الإضافى فى معاهد وأكاديميات القطاع الخاص، هكذا فكرت فى المشكلة، التخصص نادر والحاجة إليه شديدة، وبدأت اتبع الطريق العقلى للبحث عن عمل إضافى، أعرض نفسى بوضوح وأحاسب الآخرين بوضوح، ولأن العقل لا مجال له فى كثير من أمور حياتنا باءت محاولاتى بالفشل.
ذات مرة طلب منى زميل أن أقوم معه بالتدريس بأحد الأكاديميات الخاصة، بعد حسبة بسيطة وجدتنى سأحصل على ما يقارب مائتى جنيه شهريا مقابل أعباء التدريس لمدة يوم واحد أسبوعيا، هكذا يكون الأجر الرسمى مقابل عدد ساعات التدريس الفعلية، وهكذا كان وضوح خسارة الحسبة عندى يدعو للرفض فالعائد اقل من التلكفة، وحين رفضت عرض العمل حادثت زميلا أخر خبير فى عمليات الإعارة والتقاط حبات الرزق من فوق الجسور والحوائط، فطوح بيده فى وجهى وقال يا راجل لا ترفس النعمة، الناس تقتل بعضها على لقمة حلوة، ثم ربت على كتفى ونصحنى بضرورة الموافقة على التدريس وبنفس المبلغ المحسوب، وأخبرنى بأن العملية التعليمية فى الكليات والمعاهد فى التعليم الخاص تخضع لقوانين أخرى غير معلنة، شعارها شيّلنى وأشيّلك، إنها قوانين على شاكلة قانون عمل الجرسون فى كازينو أو مقهى بلدى، الجرسون يتم تعينه مقابل أجر زهيد ومتواضع جدا، مئة جنية شهريا مثلا، والجرسون الشاطر يقبل هذا الأجر الزهيد وربما يدفع من جيبه الخاص رشوة لصاحب المحل ليبقيه فى العمل، المهم أن يضع الجرسون قدمه فى المحل ليعيش بعد ذلك على البقشيش وما يتركه الزبائن من فيوضات تتزايد كلما تساهل معهم فى اختراق الأعراف والقيم العامة.
الواقع الحى يقول أن العمل التدريسى فى المعاهد والأكاديميات الخاصة أمر ميسور لمن كانت به خصاصة، على المحتاج أن ينضم إلى قائمة من أساتذة ذات مصالح مشتركة, لهم سماسرة فى القرى والبيوت ودور العبادة ومكاتب الوزارات، أحدهم يقوم بتدريس مقررات نصف تدريس، وآخر يؤلف كتبا ربع تأليف، وثالث يبيع الكتب المقررة بأكثر من ثمن البيع، وعلى الباقين أن يسهلوا عملية الامتحانات والغش والتصحيح وإظهار النتائج الباهرة، ويقتسمون الغنيمة.
كل هذه اللصوصية فى تعليم أولادنا يديرها أصحاب مؤسسات تعليم مشكوك فى قدراتهم العلمية والأخلاقية، أحدهم دبلوم زراعة يملك ويدير معهدا علميا، وأخر حصل بجهد جهيد على دبلوم صنايع واشترى بسهولة شهادة دكتوراه مضروبة من دولة شرقية وأصبح يملك أكاديمية وجامعة، وثالث أقام مبنى فخم جدا على مساحة ضيقة جدا دون معامل ودون ملاعب، مبنى لا يصلح لغير بيع السيراميك والأدوات الصحية، ومع ذلك أصبح المبنى أكاديمية، هكذا دون قدرة علمية أو وازع أخلاقى ينتشر النصابون فى بلادنا، يتاجرون بالعلم ويصنعون فسادا ويهدمون كثيرا من القيم.
ذات مره سألت أحد المديرين عن فرصة للتدريس فى معهده، قابلنى المدير بترحاب وحين تأكد أننى خارج دائرة مصالحه الخلفية تهرب من إجابة طلبى، أتحفنى بقهوة وشاى ودعوة على الغداء مع توصيل لائق لشخصى قاصدا أن يتخلص منى باعتبارى مصدرا للقلق، عند باب الخروج أخبرنى انه ليس سيئا إلى الحد الذى أتصوره، أقسم بالطلاق مداعبا انه رجل طيب يقوم بخدمة جليلة للمجتمع وللحكومة، يحبس أجساد طلاب ضعاف علميا واجتماعيا فى معهده، ويستهلك أموال لا يحسن قدرها أولياء أمور منافقون، ويشغل الجميع بما يسمونه الدراسة الأكاديمية، الولد الطالب ذاهب للمعهد والبنت الطالبة عائدة من الأكاديمية، فينشغل الطلاب ويستريح الآباء، هكذا يعبر الطلاب سنوات المراهقة وفورة الشباب فى معهده، يعاقرون نجاحا ورسوبا وجلوسا على الكافيتريات والمقاهى المجاورة، وفى النهاية يحصلون على شهادات مضروبة تدليسا، يواجهون الحياة بشباب واهن وعقول ضعيفة، تتلقاهم طوابير البطالة والزواج والعيش على الهامش هنا فى دولة القعاد أو العيش عبيدا هناك فى دول الغربة، هكذا يتم ترويض أعداد هائلة من الشباب فلا يسببون ألما ثقافيا لأولياء أمورهم ولا يسببون صداعا سياسيا للحكومة، هكذا أقنعنى مدير معهد خاص انه يقوم على إدارة مؤسسة مهمتها تربية عجول لا صناعة عقول، واقتنعت أن للنصب ضرورة فى بقاء المجتمعات فاسدة.
بعد هذه الفضفضة والمصارحة بحال التعليم الخاص فى بلادنا أتسائل، لو أنى أحد المسئولين عن معهد علمى خاص من غالبية المعاهد التى ترعاها وزارة التعليم العالى فى مصر، توليت منصبى فى غفلة عن عيون العقلاء، هل اختار من هم على شاكلتى للتدريس فى هذا المعهد؟ الإجابة بالقطع لا، فمثلى لا يصلح للعمل تحت هذا النظام !! ذلك أننى أعرف أن الربح فى التعليم الخاص وفير ويزيد أكثر مع كل تجاوز وإفراط فى الرشاوى والدعاية والاحتيال، فعلا أنا لا أصلح للعمل تحت هذا النظام، أننى لا أعرف فقط بل وأجاهر بالمعرفة أن هذا الربح القاتل سببه أولياء أمور متخلفون ثقافيا يدفعون بطلاب علم ضعاف اجتماعيا إلى مؤسسات ترعاها دولة رخوة سياسيا، وأعلن بشكل إحصائى أن هذه العملية يديرها فى الغالب الأعم أساتذة شطار ولصوص.

Saturday, July 21, 2007

العالمه .. والعالم باشا

النصابون فى بلادنا خلق كثير، بعضهم يبنون حجرات متراصة تحمل أسماء مؤسسات وأكاديميات علمية، يتولون قيادة العملية التعليمية بشهادات علمية فاسدة، ولسبب فى نفس يعقوب ينالون بركة المسئولين فى وزارة التعليم العالى.


فى هوجة من انهيار القيم، حصل بعض المدلسين من أصحاب المعاهد الخاصة على درجة الدكتوراه من دول أجنبية، حصلوا عليها فى شهور قليلة، وزاد بعضهم فجورا واشترى شهادات دكتوراه فخرية، وأطلقوا على أنفسهم لقب أستاذ دكتور، يدلسون على طموحات طلاب يسعون للعلم، ويضحكون على ذقون أولياء الأمور يبحثون عن صلاح أمور أبنائهم، ويذرون الرماد فى عيون مسئولين يخططون للتعليم.

التاريخ الشخصى لهؤلاء المدلسين يثبت أن قدراتهم الذهنية والشخصية جعلتهم يتعثرون سنوات فى دراستهم المتوسطة والجامعية، وحين تعاظمت رغباتهم فى السلطة وتضخمت إمكانياتهم المالية المشكوك فى بعض مصادرها، اشتروا شهادات علمية مضروبة من دكاكين فى دول أجنبية، وبأموالهم الكثيرة يغرقون الصحف بالإعلانات عن ألقابهم العلمية وإمكانياتهم الاجتماعية، ويشرعون فى بناء أكاديميات وجامعات خاصة، يداعبون شهوات بعض المسئولين فى الهيئات ذات الصلة، قاصدين أن يمروا بتدليسهم فى القنوات الشرعية للتعليم فى مصر.

إن كل لقب علمى يلزم صاحبه بحمل صفات موضوعية محددة ومعلنة، وعلى الدولة أن تفصل بين الغث والثمين حتى لا يغرر بالطلاب أو أولياء الأمور ويضار المجتمع، أجهزة الرقابة فى الدولة تعرف الشهادات الحقيقية من المضروبة, وتعرف دكاكين بير السلم فى دول تعطى شهادات لمن يدفع، وتعرف طرقا علمية تسيطر بها على مصداقية إعلانات الصحف.

إن تقدمنا العلمى قرين بالكشف عن صدق الشهادات العلمية والقدرات الأخلاقية لقياداتنا العلمية، لنتجنب ويلات ما نحن مقبلون عليه من تزكية الأوضاع الفاسدة فى التعليم الخاص.

كفانا تدليسا على أنفسنا، نطلق لقب العالمة باشا على كل راقصة، ولقب العالم باشا الأستاذ الدكتور عميد المعهد ومدير الأكاديمية على كل من يملك قرشين يدير بها مزرعة لتربية العجول ويتخصص فى بيع شهادات علمية مضروبة.

Wednesday, July 18, 2007

عطر من ورد جميل

وصلتنى رسالة من زميل مسيحى، كنا نعمل معا فى إنشاء السد العالى بأسوان فى عام 1966م ، كنا زملاء عمل منذ أربعين عاما ، شبابا نمسك لهيب الشمس فى ظهيرة أسوان قاصدين أن نبرد قلوبنا بمزيد من الماء يحتجزه السد العالى خيرا لنا ، نحن المصريين .
=====
عزيزى الدكتور ياسر العدل
تحية طيبة - وبعد
أعجبت كثيرا بكتاباتكم التى طالعتها فى جريدة الأخبار والوفد وبعض الجرائد الأخرى - وكنت أتساءل دائما : هل الكاتب هو نفسه ياسر العدل - زميل العمل فى هيئة السد العالى بأسوان فى ستينيات القرن الماضى ؟ أم أنه مجرد تشابه أسماء ؟؟ إلا أن تلميحاتكم عن أسوان والسد العالى فى كتاباتكم جعلتنى أتأكد أنكم نفس الشخصية المتميزة التى كان لى شرف التعارف معها فى أسوان.

ولا أدرى هل مازلت تتذكرنى أم لا؟ لقد تزاملنا سويا فى دورة تثقيفية سياسية لمنظمة الشباب وكان محورها هو دراسة كتاب الميثاق الذى وضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وما زلت أتذكر أحد أيام هذه الدورة حيث كان مطلوبا منا اختيار أحد الأخبار المنشورة فى الصحف والتعليق عليه أمام الحاضرين كنوع من التدريب على مواجهة الجماهير، ويومها طلبت منى أن لا أضحك عندما يجيء دورك وتجلس على المنصة لتقول تعليقك السياسى، وأتذكر أنك اخترت موضوعا لا يمت للسياسة بصلة وكان منشورا فى باب صدق أو لا تصدق بجريدة الأهرام عن أول حزام صنعه الإنسان من فروع الشجر، وفى نبرات جادة اختلقت موضوعا عن القوى الإمبريالية وكيف جعلتنا نرتدى الأحزمة من الجلد بدلا من فروع الشجر كى تقضى على الثروة الحيوانية القومية، وكيف أن الاستعمار هو الذى فرض علينا تغيير أنماط حياتنا لتتوافق مع أطماعه، ويومها أخفيت وجهى خلف الحاضرين لأننى لم أستطع أن أمنع نفسى من الضحك خاصة بعد أن قام المشرف على الدورة بتقييمكم والثناء عليك لاختيارك هذا الموضوع وصادق على اتهاماتكم للاستعمار والقوى الإمبريالية العظمى.
ما زلت أتذكر كيف كنا نقضى أمسيات هذه الدورة وأنت تعزف على آلة موسيقية بسيطة أغنيات عبد الحليم وموسيقى زوربا اليونانى، ولقد تكررت بعدها لقاءنا فى أسوان إلى أن أخبرتنى أنك قدمت استقالتك وسوف تقوم برحلة أوتوستوب فى أفريقيا ويومها تعجبت لجرأتك وأفكارك المتحررة، ومن يومها انقطعت الاتصالات بيننا، إنها ذكريات قديمة لا تنسى.
عزيزى الدكتور ياسر، اننى أقيم حاليا بمدينة الإسكندرية منذ أن تركت أسوان بعد انتهاء العمل فى السد العالى وأتمنى أن أراكم قريبا فى الإسكندرية وسوف تكون فرصة طيبة لاستعادة الذكريات، هذا إذا كنت ما زلت تتذكرنى.
ختاما لكم منى أجمل التحيات وأطيب الأمنيات بموفور الصحة والسعادة لسيادتكم ولجميع أفراد الأسرة الكريمة وبالتوفيق دائما.
أخوك عبد المسيح مليكه
=====
هكذا وصلنى عبر الانترنت خطاب من زمن بعيد يذكرنى بأحداث عشتها على أرض مصر حبا للأصدقاء وعشقا للحياة، هكذا يتجسد الانتماء لبلادنا فى بعض صور من هذا التواصل الإنسانى، وعلى الفور قمت بالرد عليه.
=====
آخى عبد المسيح مليكه
ياسر العدل يحييكم من منزله العامر فى الجيزة، أحييكم ومعى زوجة حبيبة طيبة وثلاثة أولاد طموحين رائعين، أحييكم وما زلت أملك قدرات نفسيه على مغازلة النساء والكلاب وبعض أنواع الرؤساء.
أخى عبد المسيح ، أنا فعلا ياسر العدل ذلك الموظف القديم فى السد العالى بأسوان، ودارت بنا الأيام لأتجاوز من العمر الستين عاما، أنا أيها الصديق إنسان كثير المعارف قليل الأصدقاء، أحب الحياة وأرجو من الله أن يعطينى ثلاثين عاما أخرى كى أستطيع أن أقدم خيرا للآخرين، كلمة طيبة أو مسحة أسى عن جبين مهموم أو يدا تمتد بالمساعدة لإنسان ضعيف.
أخى عبد المسيح، منزلى شقة متواضعة على ناصية رمليه فى طرف مدينة الجيزة، على بداية طريق الفيوم الصحراوى، هى مسافة اقل من اثنين كيلومتر تفصل بيننا وبين الهرم الأكبر، وحوالى خمسه عشر كيلومتر بيننا وبين مقابر الجيزة ، ولا رابط لدى بين الهرم والمقابر، فقط أنا أحب الحياة الجميلة وأسعى للموت الجميل أيضا.
أخى عبد المسيح، فى شقتنا المتواضعة أحلم كل يوم اننى سأتجاوز عيوبى وأصبح إنسانا جميلا، أحب الله بقلب طيب ويحبنى الناس من اجل هذا القلب.
بالمناسبة لدى سيارة وأدوات رحلات بسيطة أجوب بها كثيرا من الأماكن، بحثا عن مواطن الجمال والحب فى بلادنا، قاصدا تدريب نفسى على مزيد من الانتماء لهذا الوطن الجميل، وبحثا عن تمثال أو أقنوم لكل قيادة فاسدة، قاصدا أن أقتله أو على الأقل أن أقطع قدرته على إنجاب المزيد من الفساد.
أخى عبد المسيح، أرجو أن نتواصل على خير.

Tuesday, June 26, 2007

!! ... رسالة مفتوحة قليلا

السيد وزير التعليم العالى، كل سنة وأنت طيب ، نحن فى مواسم تغيير القيادات الجامعية، وأنا مواطن مصرى قرفان من ضعف تطبيق العدالة فى جامعاتنا، بعض الناس يعرفون أننى أعمل فى حقل التدريس الجامعى، وهذا نصيبى من رزق المواطنة فى بلادنا العزيزة، ما لا يعرفه الكثير أننى أكشف رأسى فجر كل يوم فاتحا يدى على صفحة السماء، أدعو لك بالحكمة واستمطر اللعنات على كثير من قيادات العمل الجامعى ممن يعطيك حقك الدستورى فرصة تعديل سلوكياتهم غير المسئولة.

سيادة الوزير أنا الآن على وشك الانزلاق إلى ساحة مليئة بقضايا سب وقذف وخروج على مقتضيات العمل الوظيفى، لذلك أرجوكم من باب الدفاع عنى وقت الحاجة إزاء ما سيقوم به بعض الموظفين التابعين نظريا لقيادتكم، أن تتأكدوا أنى موظف حكومى غلبان، لا أسعى لتحقيق مصالح شخصية، فقط أنا مجرد فاعل خير مفضوح الاسم والعنوان.

الحكاية أنه فى كلية نظرية بجامعة إقليمية، هكذا بعيدا عن شبهة السب والقذف، دخل امتحانات هذا العام طلاب مصريين وأجانب، بعضهم ارتكب جريمة الغش فى الامتحان وعلى الفور جرى التحقيق مع الغشاشين، لكن عميد الكلية سمح بتطبيق كل القانون على المصريين من أكلة الفول المدمس وأمر بتنفيذ بعض القانون على الأجانب من شاربى البترودولار.

يا سيادة الوزير، أطلب شهادة عدل من سيادتك، ليس فى مقالى هنا إفشاء لأسرار أو رسما لفضائح صحفية، فمجمل هذه الواقعة معروف لدى الكثيرين خارج الجامعة وتفصيلاتها معروفة أكثر لدى الجهات الرقابية، هكذا لا أصبح خارجا على مقتضيات العمل الوظيفى، فقط أنا هنا أتساءل عن قضية رأى عام تمس نزاهة الإدارة وتجور على مصالح العلم والمواطن، ماذا حدث مع الطلاب الغشاشين الأربعة بالدراسات العليا بالكلية إياها، من مصريين وأجانب، الذين ضبطوا فى حالة تلبس بالغش فى امتحانات هذا العام؟ هل تم تطبيق القانون عليهم؟ أم أن القانون تنحى لصالح نظام الخيار والفاقوس؟
يا سيادة الوزير، اسمح لى أختبر معلوماتى عن آليات المراجعة والتقييم وإعادة النظر فى تعيين قيادات جديدة، ودعنى أتساءل فى خبث، من بيده القدرة على محاسبة عميد كلية يرتكب تصرفات غير مسئولة؟

Wednesday, June 20, 2007

!!بعض الحساب.. لا يجمع

عشت كثيرا وجاوزت الستين من عمرى ، فى رحلات داخلية فردت جسدى على معظم أرجاء مصر ، مدنا وقرى وواحات ، وفى رحلات خارجية حطت أقدامى على أراضى دول عديدة ، زرت ستا وعشرين دولة فى أفريقيا واسيا وأوربا وأمريكا الشمالية ، قابلت أناسا ومواقف واتجاهات فكرية حفرت فى ذاكرتى كثيرا من الوقائع الحياتية ، لكننى لم أتوقع بعد كل هذا العمر وطول العشرة أن أجد قيادات عمل مصرية تمارس وجودها الوظيفى بانحطاط أخلاقى شديد ودونية أشد مثلما وجدت عليه حال قيادات وزملاء اعتركت معهم فى الشهور الأخيرة.


هناك أسبابا كثيرة جعلت منى رجلا قرويا مكافحا، نشأت عصاميا رحالا، أعتمد على قدراتى وأهرب من الشللية، لا أخجل من عيوبى، عشت معظم الوقت واثقا فى قدراتى النفسية والعقلية ، ابحث عن الحقائق وأسعى لأن أكون كريم القلب موفور الحكمة ، وأدلى بآرائى قاصدا الوصول إلى العدل والإحسان بين البشر، هكذا وعلى مدى يزيد عن عشر سنوات، كتبت مقالات صحفية انتقد فيها فسادا جامعيا تصنعه قيادات تتغنى بصفات الحمار تسطيحا وأنانية وانتهاز فرص، وفى كل مقال أطالب أصحاب المصالح فى تقدم بلادنا أن يتوقفوا عن التغنى بحب الحمار، وأدعو الجميع لطرد الحمير من سدة الحكم والقيادة، هكذا أصبحت عرضة للقيل والقال والترصد.


أحد القيادات مدير متواضع فكرا وثقافة ، أهاج ضدى لمما كثيرا فى مجالس إدارية وفى تحقيقات وظيفية ، قاصدا النيل من حريتى فى إبداء الرأى وقاصدا ترهيب الآخرين بقدراته ، أنا لا ألومه على فعلة التهييج والتوريط ضدى ، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه ، فكيف لقائد مدير أن يكون حقير الأسلوب وكاذب الطوية إلى هذه الدرجة؟ ، كيف يقسم فى مجلس أننى سببت أهله وشتمت أمه؟ ، وهذا لم يحدث منى ، كيف يلجأ للتزوير فى تواريخ أوراق شكوى مقدمة ضدى من احدى الزميلات؟ ، كيف يتباطأ فى إعلامى بمواعيد جلسات تحقيق وظيفى معى حتى يصلنى الإعلام بعد مرور الوقت المحدد؟ ، كيف يدس للآخرين وقائع عنى لم يثبت التحقيق وقوعها؟ ، كيف فى كل مرة يفشل في الإيقاع بى يرى أننى سبب انهيار كونه الفاضل ويعلن فى مجالس مختلفة انه سينال منى؟ ، الإجابة لهذه الأسئلة تدور حول محور رئيس ، أن هذا المدير تولى منصبة بالتعيين دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.


قائد آخر مدير متواضع فكرا وثقافة ، أحالنى للتحقيق الإدارى قاصدا النيل من حريتى فى إبداء الرأى وقاصدا ترهيب الآخرين بقدراته ، أنا لا ألومه على فعلة التهييج والتوريط ضدى ، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه ، فكيف لقائد مدير أن يكون ساذج الأداء إلى هذه الدرجة؟ ، كيف يستعين فى إدارته بأفراد غير أكفاء ويسترشد بآرائهم؟ ، كيف يتهمنى على الملأ بتهم غير حقيقية ويجرى التحقيق معى فى تهم أخرى ساذجة ؟ ، كيف يسمح لبعض المنتفعين أن يورطوه ليظهر أمام الناس مجرد قيادة لا تعرف تضاريس بيتها؟ ، كيف يتصور أن انسحابه اللائق من مواجهة رأيى هو تقديم اعتذارى له عما لا يجب الاعتذار عنه؟ ، الإجابة لهذه الأسئلة تدور حول محور رئيس، أن هذا المدير ضعيف الشخصية يسعى لاستغلال منصبة، تولى منصبة بالتعيين دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.


أحد الزملاء متواضع فكرا وثقافة، ساعد الآخرين فى سلوكياتهم الدنيئة ضدى، أنا لا ألومه على فعلة المساعدة ضدى، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه ، كيف يقرأ مقالاتى بطريقة خاطئة الفهم وفاسدة النوايا؟ وكيف يكتب ضدى كتابات عبيطة متدنية فكرا وأسلوبا؟ وكيف لا يحترم مجهوده ويسمح للآخرين أن يوقعوا بأسمائهم على كتاباته؟ الإجابة عندى لهذه الأسئلة، أن هذا الزميل تدرب طوال سنوات أن يكون تابعا عبيطا أهطلا يأخذ إحسانا من الآخرين ، يعطى دروسا خصوصية هناك لبعض الطلاب أو يطبع كتابا هنا لبعض الطلاب دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.


زميل أخر متواضع فكرا وثقافة ، ساعد الآخرين قى سلوكياتهم الدنيئة ضدى ، أنا لا ألومه على فعلة المساعدة ضدى ، لكننى احتقر أسلوبه وأبصق على أدائه، كيف يهيج القوم مطالبا بالمقصلة لرقبتى جزاء وفاقا على حريتى؟ كيف يتصور أننى مثله، أتاجر بآرائى ويطلب منى أن أكتب اعتذارا عنها لأكسب مغانم أخرى؟ الإجابة عندى لهذه الأسئلة، أن هذا الزميل تدرب طوال سنوات أن يكون تابعا لئيما، يتاجر مع الجميع بقلب أسود، قاصدا الاستئثار بإحسان الآخرين دون حساب لضعف قدراته أو توقع لدونية تصرفاته.

هكذا أردت هنا أن أضع بعض الحساب البشرى لقيادات كبيرة سببت لى إزعاجا شديدا، لكن بعض الحساب لا يجمع خيرا لأصحابه، فقط حساب المتواضعين فكرا وثقافة يطرح من رصيد أدميتهم ويلقيهم فى كناسة الذاكرة.

Sunday, June 10, 2007

نميمة على قيادات جامعية

الشهرة لا تأتى جزافا، بعض الشطة والمقبلات والاشياء السخيفة والغباء الادارى يمكنها أن تصنع جحيما من شهرة مؤقتة, هذا حدث معى فأصبحت رغما عنى مشهورا بين صغار الموظفين وبعض الزملاء فى مجال عملى بالجامعة، يسألونى عن أشياء ومشاكل كثيرة وكأنى صاحب الحل والعقد فى بلاد المعمورة, كل ما حدث ان تحقيقات ادارية تضمنت ادعاءات خطيرة جرت معى على ناصية أمور تافهة، أمور لا يرتكبها الا ساذج ولا يرفضها الا أحمق ولا يحيلها للتحقيق الا متواطئ.
ذات مرة تصورت أن من تافه حقى أن أجتهد فى إبداء الرأى فيما يدور حولى, وهذا التصور فى دولة كمصر هو تصور ساذج، فكيف يحاول مصرى بسيط, لا يملك عزوة أو جاها، أن يبدى رأيا قبل أن يقدر لرجله قبل الخطو موضعها، هل يدوس على ذيل كلب نائم؟ أم أنه يضرب أنف خنزير جائع؟ ما حدث أننى فعلت الأثنين معا!! فمن يتكلم فى مصر عن الفساد وعدم الكفاءة فى أختيار القيادات، هو بالضرورة داخل حارة سد مليئة بالكلاب المسعورة والخنازير الجائعة, هكذا حولنى تواطؤ الادارة الى التحقيق وأصبحت مشهورا الى حين.

لست وحدى ممن أصابهم جحيم الشهرة، ففى الجامعة أناس جدد يدخلون هذه الأيام عالم الشهرة وتطرح حولهم تساؤلات كثيرة، فالجامعة بصدد تغيير بعض قياداتها الكبيرة، وأصبح منطقيا أن يلوك الموظفون سيرة المرشحين قاصدين معرفة الخلطة السحرية اللازمة لتعيين قيادات جديدة.

هكذا أصبحت مشهورا أصغى لكثير من صغار الموظفين فى مجال عملى، يسألوننى من هم الأولى فى شغل المناصب الجديدة بالجامعة، هل هم السادة الأحرار بكفاءتهم فى منصب بذاته أم هم العبيد الأذلة باشتياقهم لأى منصب.
هنا، بحكم الشهرة المؤقتة وحب النميمة الدائم، أحاول ابداء رأيى لزملائى من صغار الموظفين فى موضوع استخلاف قيادات جديدة فى الجامعة، رأيى لا أتداوله مع زملائى كبار الموظفين فهم يعرفون اللعبة جيدا ويسكتون عن رأيهم رهبا أو طمعا.
أنا أرى أن الرجل كثير العيوب هو صاحب الفرصة الأكبر لشغل منصب كبير, فعيوبة تشد عنقه فى أيدى أسياده فلا يملك الا أن يلهث كالكلب رهقا ان شدوا عليه أو تركوه.

من عيوب المرشح لشغل منصب قيادة جامعية أن تكون شهاداته العلمية مضروبة، مثلا بعضهم اشترى درجة الماجستير وأخرون كتبوا له رسالة الدكتوراه وكذلك أعطوه ابحاث الترقية، ومن العيوب أن يستعين المرشح ببعض المعوقين وسدنة الوصولية من أجل أن يشيعوا بين الأخرين أنه صالح وخبير، ومن العيوب أن يطلب المرشح بعض العمال والعاملات فى الجامعة لخدمته فى شقته الخاصة سواء كانت الخدمة مدفوعة الأجر أم لا, وسواء تحرش بهن أم لا، ومن العيوب أن يتيه المرشح فخرا بشهادات خبرة مشتراه من مصادر غير معروفة ، وتباع عند بير السلم لكل من يدفع، وأن يعلن عن هذه الشهادات فى المجالس والصحف وكأنها شهادات ذات وزن علمى كبير، من العيوب أن يسخر المرشح حيثيات العمل العام لخدمة مصالحة الخاصة حتى ولو تعارضت مع القيم العلمية، من العيوب أن يكون المرشح سكيرا ومغرما بالنساء وكاذبا أيضا، واكثر العيوب تأثيرا أن يكون المرشح غير مثقف وصولى متواضع الفهم يعلن انه واصل لمن يضعه فى المكان الذى يريد وفى الوقت الذى يريد، مثل هذه العيوب أو بعضها لو اجتمعت فى مرشح فانها كفيلة, فى المجتمعات الديمقراطية ذات الشفافية, أن تنفى صاحبها من دائرة المواطن الصالح.

والآن الى زملائى صغار الموظفين، الأستاذ ميم والأخت صاد والأخ عين والأستاذة كاف، من المؤكد أننا لسنا وحدنا نرصد العيوب الأخلاقية والفكرية لبعض المرشحين، هناك جهات رقابية كثيرة تعرف وترصد عيوبا أكثر وأكبر، لكن رأى أجهزة الرقابة شيئ ورأى صاحب قرار التعيين شيئ أخر، ومسئولية الأختيار القيادات تقع على صاحب قرار التعيين.

أحبائى صغار الموظفين فى الجامعة, نحن لا نملك الكثير ليصل رأينا الموضوعى لصاحب القرار, ربما يصيب فى اختياره لمصلحة الجميع، ونحن فى انتظار أن يتخذ القرار الصالح يبقى لدينا سؤال صالح لتشغيل الغيبة والنميمة, هل من مصلحة الحكم أن يستعين بأفراد أهل ثقة معطوبين يسهل التحكم فيهم بعيوبهم، أم أن مصلحة المحكومين أن يستعين الحاكم بأهل كفاءة صالحين يسهل الاستفادة من خبرتهم؟ أحبائى لا تتخابثوا بإدعاء إجابات ساذجة, فالاجابة الموضوعية واضحة تماما، السلطة المصرية بوضعها الحالى فى مأزق ادارى سيئ لذلك فإنها تميل الى اختيار القيادات من بين أهل ثقة معطوبين, ولا عزاء لأهل الغيبة والنميمة.

Monday, June 04, 2007

!!.. شايلينكم لعوزة

يوم الثلاثاء الموافق 29 مايو 2007م نشرت مقالا فى جريدة نهضة مصر اليومية تحت عنوان ( يا دكتور نظيف: نسألكم الرحيلا )، تعرضت فيه لمشكلة البطالة بين الكفاءات الشابة فى بلادنا واتخذت مثالا فى حاله ابنى عمٌار، حاصل على شهادتين من جامعة القاهرة درجة بكالوريوس علوم الحاسب بدرجة جيد جدا مع مرتبة الشرف ودرجة الماجستير فى تكنولوجيا المعلومات، ومع ذلك فالمجتمع لا يستفيد من إمكانياته، ولم أذكر فى مقالى ضرورة الحصول على وظيفة لعمُار، وردا على مقالى تكرم مسئول بوزارة التنمية الإدارية واتصل بى قاصدا حلا فرديا لمشكلة ابنى، والحقيقة أن مشكلة عمار ليست مشكله فردية اسعى لحلها عن طريق مقال أو استجداء فضل أحد، ولكنها مشكلة عامه يجب أن تنتبه الدولة إليها، فباختصار شديد المجتمع المصرى دفع ويدفع كثيرا من العرق والدم لتعليم المتفوقين من أمثال عمار، وليس جائزا أن تتوقف الدولة عن رعاية متفوقيها وتدفعهم للسفر شرقا للعمل خدما لدى نظم عربية متخلفة ثقافة وفكرا ودينا، أو أن تدفعهم للسفر غربا ليزداد الغرب ثراء على حساب المزيد من فقرنا، على الدولة المتحضرة أن تخطط للاستفادة من إمكانيات أبنائها.
=====
فيما يلى نص خطاب المدير العام بوزارة التنمية
السيد الدكتور/ ياسر العدل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالإشارة إلى شكواكم بجريدة نهضة مصر ص 9 بتاريخ 29/5/2007 تحت عنوان ( يا دكتور نظيف: نسألكم الرحيلا ) بشان توفير فرصة عمل لنجلكم عمار.
رجاء التفضل بموافاتنا بالسيرة الذاتية الخاصة به وكذا وسيلة اتصال حتى يتسنى لنا اتخاذ اللازم فى هذا الشأن.
العنوان 3 ش صلاح سالم مبنى وزارة الدولة للتنمية الإدارية بجوار الجهاز المركزى للمحاسبات.
شكرا
التوقيع
أ.ص
مدير عام بالوزارة
=====
ورددت عليه بالرسالة التالية:
الأخ الأستاذ / المدير العام بالوزارة
بعد التحية
شكرا على اهتمامكم بما ورد فى مقالنا المنوه أعلاه
أحيطكم علما بأننا ( شايلينكم لعوزة) فالولد عمٌار يعلن عن مطالب كثيرة، شقة وعروسة وعربية وأشياء أخرى لا يستوعبها عقل شيخ مثلى، وحين استعنت أنا بقدرات أم عمٌار للتلصص على طموحاته السرية، وشوشتنى بأن الولد عمٌار يفكر فى رياسة حزب كبير تمهيدا للحصول على رياسة الجمهورية
عزيزى المدير العام، كم هو ابنى عمٌار؟ انه شاب مصرى بسيط يملك كثيرا من الطموحات غير المبررة
أخوكم
د. ياسر العدل
=====
تعليق أخير على المقال والخطابين :
الحلول الفردية للمشاكل الجماعية تفتح أبوابا كثيرة للفساد والرشوة.


Monday, May 28, 2007

التعليم السياحى

المجلس الأعلى للجامعات فى مصر المحروسة، أصدر قواعد اجرائية توافق لعبة السياسة بين الدول وتنافى قواعد العدالة بين طلاب العلم، فمن القواعد المقررة فى طلبة الدراسات العليا بالكليات النظرية أن يستوفى الطالب شرط الحصول على تقدير جيد على الأقل فى مرحلة البكالوريوس، هذه القاعدة اخترقها المجلس الأعلى للجامعات واستثنى الطلاب غير المصريين من هذا الشرط، وقرر المجلس أن تقبل جامعاتنا طلابا أجانب حاصلين على شهادات علمية من جامعات ومعاهد دون مستوى جامعاتنا وبتقدير علمى أقل، هكذا مجلسنا الموقر يرى أن الطلاب المصريين هم أولاد البطة السوداء يسهل تنغيص حياتهم العلمية مقارنة بالطلاب الأجانب أصحاب التعليم السياحى ممن يطلبون تدليلهم.

ولأن رب البيت أصبح بالدّف ضاربا فقد أسرف بعض أهل البيت بالرقص الماجن، هكذا اجتمع مجلس إدارة كلية نظرية بجامعة إقليمية، وبعض أعضائه صاغرون بضعفهم كالعادة، ووافق على أن يعفى الطلبة الأجانب المسجلين فى الدراسات العليا من شرط الحضور فى قاعات الدرس مثل المصريين، كما وافق المجلس على أن تعقد لهؤلاء الطلاب دورة تدريبية مكثفة مدتها شهر واحد لتعويضهم عما فاتهم من دروس، وقرر المجلس الموقر منح مكافآت لبعض أعضاء هيئة التدريس عما يبذلوه من جهد فى تدليل هؤلاء الطلاب الوافدين.

صحيح أن الطلاب الأجانب يدفعون رسوما دراسية أضعاف ما يدفعه الطالب المصرى، ويفترض أنهم يعودون إلى بلادهم بتعاطف مع أهل مصر، لكن الأصح أن نظام التعليم المحترم لا يروج لسياسة التعليم السياحى، ولا يسعى للتفرقة بين طلاب العلم حسب انتمائتهم السياسية او حسب لون جلدهم أو حجم انتفاخ جيوبهم بالأموال، نظام التعليم المحترم لا يترك فرصة لبعض أعضاء مجلس علمى يكونون أغلبية توافق على قرارات لمجرد أنها تحقق طموحاتهم المتواضعة فى دخل إضافى هنا أو عقد عمل هناك.

يا قوم نظام تعليمنا الجامعى ينهار، بعض مجالسنا العلمية ترتكب مخالفات دستورية، تلزم الطالب المصرى بتقديرات علمية وبنسبة حضور لا تقل عن ستة اشهر كل عام دراسى، وتعفى الآخرين من ذلك استخفافا بأنفسنا وتصغيرا لجامعاتنا وإجهاضا لمستقبلنا الحضارى.

الحقيقة أن مثل هذه المجالس حين توافق على مثل هذه القرارات فهى مجالس صاغرة يحكمها روح القطيع، مجالس تنتابها حالة جماعية من التسليم لطموحات قيادات غير موضوعية تعتلى مناصبها دون كفاءة.
بعضنا لا يعرف مبررات المجالس العليا أو المجالس الدنيا لتصدر قرارات غير عادلة، لكن الخبثاء يعرفون كيف يحصلون على أى قرار من اى مجلس ممسوحا بلمسة ديمقراطية، انهم يكونون مجلسا أغلبيته من ذوى الثقافة المتواضعة والطموحات المحدودة، ثم يلقون لأعضاء المجلس بفتات ووعود ومداعبة غرائز، هكذا يحصلون بموافقة الأغلبية على أى قرار، حتى لو كان القرار هو إلقاء الجميع فى سله المهملات.

Thursday, May 17, 2007

دكتوراة فخرية

ليس صحيحا أن رجال الإدارة العلمية ناصحون على طول الخط، بعضهم يملك شهادات ومناصب وعلاقات وظيفية ومع ذلك يلجأ إلى طرق لا أخلاقية تنافى العلم يقصد بها تسويق بضاعته.

أحد عمداء الكليات فى جامعة إقليمية فى مصر المحروسة أراد أن يجعل من وظيفته الجامعية سببا لفتح أبواب رزق له وللتابعين من عزوته، هذا العميد يرى أن الزبون دائما على حق وأن مداعبة وإثارة غرائز المستهلك هى الطريق الأمثل للحصول على الرفعة والكسب المادى دون اكتراث بأخلاقيات مهنة العميد العلمية.

ولأننا نعانى من تخلف حضارى رهيب، نجيد التغنى ببطولات الأفراد دون وضع سلوك هؤلاء الأفراد فى مختبر الأخلاق، لأننا كذلك جلس العميد الهمام على رأس أعضاء مجلس الكلية وهم صاغرون كالعادة، وناقش فكرة أن تمنح الجامعة درجة الدكتوراه الفخرية لأحد الدبلوماسيين العرب المعتمدين فى القاهرة، انه مجرد دبلوماسى ثرى يملك قدرا كبيرا من المال ودرجة جامعية أولى وكثير من العلاقات ودكتوراه فخرية منحته له جامعة نص كم فى أسيا، منحته الدرجة لأسبابها الخاصة غير العلمية، هذا السفير يريد التجارة بأمواله وشراء دعاء وتقبيل أياد وهذا العميد يحاول فتح أبواب ارتزاق، هكذا اتفق الطرفان على ان يقوم السفير بتقديم بعض الأموال للجامعة مقابل ان يدعو له العميد لدى أصحاب القرار كى يحصل السفير على درجة دكتوراه فخرية باسم الجامعة، هكذا أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق.

وفى مجلس الكلية صاح أحدهم فى وجه زملائه وهم صاغرون بأن منح الدكتوراه الفخرية لمثل هذا السفير يعتبر عملا حضاريا، هذا الأحد تناسى أن الآخرين، برغم أنهم صاغرون، يدركون حجم نفاقه وسعيه لتسليك مصالحه هو الأخر.
الى متى يظل الأمر فى جامعاتنا مهينا على هذه الصورة، لا ننظر باحترام لأنفسنا ونلوى عنق الأخلاق والعلم تحقيقا لمصالح شخصية لبعض السفهاء منا.

الأمر ببساطه، رجل يريد أن يؤدى خدمات للجامعة فعلينا أن نضع خدماته فوق رؤوسنا، نكتب اسمه واسم عائلته وأولاده إن أراد ونبين فضله على لوحات بماء الذهب تلصقها على ما يقدمه للجامعة، لكن أن نعطيه درجة دكتوراه فخرية فذلك كثير عليه وعلى أمثاله من المحسنين وهذا نفاق كبير من عميد يستغل وظيفته على حساب الجامعة ويورط اسمها فى مثل هذا الإسفاف.

الدكتوراه الفخرية قيمة حقيقية تضاف لآحاد من الناس أدوا خدمات حقيقية للعلم أولا وللإنسانية ثانيا، هى شهادات لها معايير علمية حقيقية لا يستحقها شخص لمجرد انه ثرى ولا يعد بها عميد لمجرد انه تولى منصبه بالتعيين.
إننا نخسر مرتين، مرة حين نرى الفساد ونسكت عليه، ومرة حين نعرف من يتاجر بالفساد ومع ذلك نتركه راكبا فوق الرؤوس.

Friday, May 11, 2007

القائد الضعيف

الناس يخشون القائد الضعيف، يملك عليهم سلطات غير مبررة ويدير بهم مشاريع غير منتجة، يأخذ الأوامر من رؤساء لا يحبهم، ويعطى الأوامر لمرؤوسين لا يريدهم، يسرق منهم السلطة دون كفاءة، ويلقى عليهم بالمسئولية دون خجل، وحين يقصف التخلف ظهور الجميع، ينتقم الضعفاء لأنفسهم فى شخص قائدهم، يلبسون قائدهم صورة الكريم الدائم، الفاهم الواعى، الممسك بأكباد الحقائق ونواصى الحكمة، وكأنه ليس أسوأ من ذلك يمكن أن يكون عليه بشر، وعند النهاية يظهرون قائدهم فى صورة مقاتل مرعب تضمه جيوش خلاص سرية، وفى الوقت المناسب يطرحون قائدهم فى قاع النسيان غير جدير بأن يثق فيه أحد.

Wednesday, May 09, 2007

كلام فى الهواء

شىء رائع جدا أن يكون موقعى هنا على النّت، جالبا لبعض أنواع المتعة ، فتاة تقسم لى أننى اجمل واقوى الرجال ،وتؤكد أنها قادرة مع بعض أنواع الأدوية والأطعمة والابتهالات أن تزيدنى فحولة وقوة وشبابا ، رجل يقسم بكل ثقافته أننى صالح لقيادة حزب كبير عالمى يفرخ عشرات من صعاليك رؤساء الجمهوريات والأمراء والملوك وبعض أنواع الوزراء ، شاب يرى أننى تافه تماما ، اشغل بكتاباتى مساحة فى فضاء النّت كان من الأولى أن يطويها سياسى لعوب يطعم القهر للناس باعتباره حلوى، أستاذ جامعى يرى أننى متخلف اجتماعيا لا أعرف رأسى من قدمى وأننى سأحشر يوم اختيار القيادات فى عالم المغضوب عليهم والشاقين عصا الصلاح0
زوجتى فقط ترى أن ما افعله على النت أمر طيب تماما، فلا ضرر منى ولا ضرار بعد أن جاوزت أنا قدرة الفعل وأغلقت أنا مخارج الفحولة ، وخسرت هى رهانها على أن أكون وزيرا.
وما زلت أسعى لأكون فحلا سياسيا محنكا ومطربا جميلا.

Friday, April 13, 2007

صحافة جامعية

جامعة المنصورة قارب عمرها ثلاثين سنة، تضم أكثر من مائه ألف طالب، يخدمهم حوالى عشرة ألاف من الموظفين وأعضاء هيئة التدريس، وبها أقسام علمية فى كليتى الآداب والتربية تدرس قضايا الصحافة والإعلام، ومع ذلك فالعدد فى الليمون، فقد صدرت صحيفة أسبوعية عن جامعة المنصورة، باسم صوت مصر، صحيفة كثيرة الطحن بغير طحين، لا ترقى لمستوى التواصل الفاعل بين الجامعة وبين المجتمع المحيط بها.

المتقاعسون فى الجامعة عن إصدار صحيفة قوية يطرحون ضعف الموارد المادية، والضعف الحقيقى هو ضعف إمكانيات الكثير من القيادات الإدارية والعلمية على العمل الجماعى، فكثير منهم يحملون صكوكا كفاءة إدارية تمر عبر بوابة رضا السلطات الأعلى وتضمهم فى عقد أهل ثقة لا يجلبون المتاعب، وبعضهم يحمل شهادات بالمعرفة والخبرة، شهادات ورقية لا تصمد عند الاختبار العلمى والعملى فى مواجهة التردى الشديد فى إمكانياتنا الثقافية والاجتماعية.

جامعة المنصورة تملك مطبعة كبيرة، وما يهدر سنويا من ميزانية الجامعة يكفى لتمويل إصدار صحيفة قوية، والجامعة لديها كفاءات بشرية وعلمية قادرة على حل مشاكل إصدار صحيفة مهنية، تحمل اسم المنصورة وتهتم بمشاكل جامعة المنصورة، فأعضاء هيئة التدريس بينهم علماء وخبراء فى عمليات التمويل والتحرير والتوزيع وقوانين النشر، وحجم المجتمع المحيط فى مدينة المنصورة يصل الى نصف مليون مواطن، مجتمع قادر على استيعاب أكثر من صحيفة جادة.

إن وجود صحيفة قوية لجامعة المنصورة يعتبر أمرا بالغ الأهمية لتدريب أهل الجامعة على ديمقراطية الفكر وصنع رأى عام قوى يؤيد مصالح الأغلبية، فليس من اللائق لبعض قيادات جامعة المنصورة أن تحول مطبوعة صحفية الى مجرد نشرة ورقية لا تزيد عن مجلة حائط متواضعة، تكيل المديح للسيد المدير وللسيد الخفير، وكلاهما فى الإدارة والخفارة دون المديح بكثير، كلاهما يملك من صليل السيف أكثر مما يملك من بهاء الشجاعة.

Monday, April 09, 2007

حافة الهاوية

فى عصور الانحطاط تتدهور قيمة الإنسان ويتربص به المتربصون, هكذا تنتشر فى مصر قيادات تتحكم فى مستقبل أهل مصر، قيادات يتم اختيارها على أسس فاسدة تدفع بالجميع نحو حافة الهاوية، إننا فى مصر نعانى من قيادات تملك دون خجل قدرا كبيرا من التدنى الأخلاقى وفساد الطوية.
فيما يلى وقائع حدثت معى خلال الشهور القليلة الماضية بسبب عملى فى جامعة المنصورة، أحداث غاية فى السوء تؤيد أننا فى مصر شعب نعانى تخلفا رهيبا وأننا مقبلون على انهيار عظيم، هنا سأذكر بعض تلك الأحداث كما جرت وسأضع حولها تعليقات موضوعية أتحرى فيها اكبر قدر ممكن من الشفافية0
حدث الواقعة الرئيس
نشرت مقالا فى جريدة المصور الأسبوعية يوم الجمعة 22/12/2006م ، استنكرت فيه حدوث واقعتين فى جامعة المنصورة بحجة النشاط الطلابى، "تناولت احداها بعض وسائل الإعلام فى تاريخ سابق لتاريخ نشر مقالى، من بينها جريدة المصرى اليوم والتلفزيون المصرى, الواقعة الأولى، قامت إدارة كلية التجارة يوم الأحد 17 /12/2006م بإخلاء أحد مدرجاتها الكبيرة أثناء اليوم الدراسى ونصبت فيه شاشة عرض كبيرة ليشاهد بعض الطلاب مباراة لفريق الكرة المصرية فى اليابان، والواقعة الثانية، أقامت إدارة الجامعة حفلا للطلاب أحياه مطرب متواضع فنا وذوقا يغنى أغنية "بحبك يا حمار"، وتمحور رأيى حول رفض هذا التوجه من إدارات جامعية ينقصها الكثير من الرقى الثقافى والوعى السياسى.
أحداث تابعة
يوم الأربعاء 22/2/2007م وفى برنامج العشرة مساء على قناة دريم الفضائية المصرية، وأثناء عرض مشكلتى على الهواء مباشرة تدخل رئيس جامعة المنصورة فى الحوار التلفزيونى واتهمنى علنا بأربع تهم على الترتيب:
التهمة الأولى: السب والقذف لإدارة كلية التجارة جامعة المنصورة وإدارة جامعة المنصورة فى مقالى المنشور فى مجلة المصور يوم 22/12/2006م.
التهمة الثانية: التفوه بألفاظ تخدش الحياء داخل مدرج من مدرجات العلم.
التهمة الثالثة: تحرش بإحدى الطالبات فى الجامعة.
التهمة الرابعة: سب وقذف لإحدى زميلاتى فى الكلية.
وانتظرت التحقيق فى هذه التهم، بعد مرور شهر كامل وحين هدأت العاصفة الإعلامية، فى يوم الأحد 25/3/2007م تم استدعائى بمعرفة وكيل كلية الحقوق جامعة المنصورة، وجرى التحقيق معى فى وقائع تختلف عما وجه لى من تهم، على الترتيب التالي:

التهمة الأولى: التعسف فى استخدام السلطة تجاه طالبة
كلام المحقق:
احدى الطالبات بتمهيدى الماجستير (سماح بندق) قالت انك فى العام الدراسى 2002/2003م درست لها فى السنة الثالثة بالكلية، وانك طلبت منها أن تأتى لمكتبك ولكنها رفضت، وفى العام الدراسى 2004/2005م ترصدتها وحرمتها من دخول امتحان السنة التمهيدية للماجستير.
ردى على المحقق:
أين كانت شكواها منذ خمس سنوات مضت ولم يتخذ بشأنها إجراء من قبل الإدارة ، كما انه من المعتاد عقب كل محاضرة أن نقول للطلبة والطالبات تعالوا الى مكاتبنا لشرح ما استغلق فهمه على بعضهم، وحرمانها من دخول الامتحان لم يكن بقرار منى، فدورى يقتصر على رصد نسبة الغياب عن المحاضرات للطلاب وإدارة الكلية هى التى تحرم الطالب من دخول الامتحان، والطالبة لم تستكمل نسبه الحضور المطلوبة فى هذا العام، هكذا قررت إدارة الكلية حرمان الطالبة ومعها زميل لها بنفس الظروف من دخول الامتحان, وحين استوفت الطالبة نسبة الحضور فى العام التالى دخلت الامتحان ونجحت.

بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة :
أن شكوى الطالبة قديمة وكيدية وأنها ليست متصلة بقضية تحرش جنسى، فمن طبيعة العمل الجامعى أن يطلب الأستاذ من طلبته وطالباته أن يأتوا الى مكتبه ، ليس الى بيته او فى أوقات الدراسة حسب نظام الكلية.
أن الطالبة ووالدها حين علموا باستخدام الشكوى فى هذا الاتجاه، طلبا سحب الشكوى الا أن رئيس الجامعة رفض طلبهما.

التهمة الثانية: سب وقذف زميلة
كلام المحقق:
ما رأيك فى الشكوى المقدمة من الدكتورة أمانى توفيق تتهمك فيها بالتعدى عليها بالألفاظ أثناء مناقشه حلقة بحث علمى جرت بمعرفة القسم العلمى ، اقوال الشهود: الشاهد الأول: الدكتورة رئيسة القسم قالت انها كانت تتابع النقاش العلمى وانها لم تستبن الألفاظ التى جرت بينك وبين الدكتورة، الشاهد الثانى: مدرس مساعد بالقسم سمعك تقول لها ألفاظا تصفها بأنها غير سليمة العقل.
ردى على المحقق:
أنا لم أوجه ألفاظا او كلمات خارجة للدكتورة الشاكية المتخصصة فى علم التامين، وكان الحديث يدور حول نقاش علمى وعلنى يجريه القسم لطالب يستعد لتسجيل درجة الدكتوراه فى الإحصاء مادة تخصصى، هذا النقاش له أعرافه فى احترام الأصغر للأكبر واحترام التخصص العلمى، و وان شهادة شاهد واحد هو المدرس المساعد لا تكفى لإثبات التهمة، ويحتمل أن يكون الشاهد قد تعرض لضغط نفسى أو أدبى أجبره على الإدلاء بشهادته.
بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة :
إن السيدة الشاكية مزعجة، تقول أنها تتصل برئيس مجلس الشعب المصرى وان لها أقارب من الكبار.
أنه كمحقق غير مهتم بالتعامل مع المزعجين.
تعليقى الموضوعى على السيدة المذكورة:
حصلت على درجة الدكتوراه بعد أربعة عشرة سنه من التسجيل العلمى، بعد أن تجاوزت كثيرا من القوانين الخاصة بالبحث العلمى فى الجامعة0
تقول أن خالها أحد وزراء مصر السابقين، وكان يعمل أستاذا فى جامعة القاهرة.
تعدت بالتسفيه الفكرى على أساتذتها وزملائها بالكلية.
التهمة الثالثة: سب وقذف الإدارة
كلام المحقق:
ما قولك فى الألفاظ الجارحة التى استخدمتها فى مقالك المنشور بجريدة المصور 22/12/2006م تسب فيه إدارة الكلية متمثلة فى شخص عميدها وتسب ادراة الجامعة متمثلة فى شخص رئيس الجامعة.
ردى على المحقق:
أنا لم استخدم ألفاظا جارحة فى مقالى، وان مقالى منصب على نقد سلوك الإدارة باعتبارها شخصا معنويا عاما يشترك فيه أكثر من فرد ، وليس صحيحا فى الإدارة العلمية أن نختزل إدارة الكلية فى شخص عميدها او نختزل إدارة الجامعة فى شخص رئيسها.
بعد الانتهاء من اخذ أقوالى وفى نفس جلسة التحقيق قال المحقق شفاهة:
لا أرى فى مقالك سب أو قذف، مقالك لاذع الأسلوب، وبسببه قرر مجلس الجامعة إلغاء قرار قديم كان يحظر على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الاتصال بالصحافة دون إذن.

وفى نهاية الجلسة عقب المحقق قائلا :
انه لا توجد تهم حقيقية ضدك،
إن رئيس الجامعة رجل طيب لكنه أخطا وتورط فى المداخلة التلفزيونية بتوجيه التهم إليك.
إن تورط رئيس الجامعة تم بفعل فاعل يغلب عليه أن يكون عميد كليتك.
إن رئيس الجامعة يريد منك أن تذهب لمكتبه لتقديم الاعتذار عن مقالك.
سأسعى بجهودى كى يتم قبول الاعتذار وعندها يحفظ التحقيق.
ردى على المحقق:
أنا لا اعتذر لرئيس الجامعة عن مقال حملت فيه رأيى الخاص عن أحداث وقعت.
إن طيبة رئيس الجامعة لا يؤيدها تحويلى للتحقيق فى قضية إبداء رأى عام.
أنى باق على موقفى من عدم الاعتذار.
أنا الأحق بطلب الاعتذار من رئيس الجامعة.

استمرار مسلسل الترصد
فى يوم الثلاثاء 27/3/2007م حولنى الدكتور مجدى أبو ريان رئيس الجامعة للتحقيق معى بسبب حوار تم على الانترنت دار بينى وبين احد طلاب الدراسات العليا، (إذا كان هذا الشخص حقيقا، غير مزجوج به للدس والوقيعة، يملك إذنا من القضاء للتنصت والتصيد الآخرين) يتهمنى فيه بالسب والقذف لبعض الشخصيات فى الكلية.
هكذا فى مصر توجد قيادات متخلفة إداريا وثقافيا تحاصر الآخرين، من بينها رئيس جامعة المنصورة ومن خلفه كثير من الفاسدين، يتهمونى إعلاميا بما لم يثبت لديهم من أدلة قاصدين تشويه سمعتى وإحراج غيرى دون إبداء أرائه.
عزيزى القارئ، شكرا على اهتمامكم,,,

Thursday, April 05, 2007

لله .. يا محسنين

يوم الأربعاء الماضى 28 مارس 2007م، فى برنامج البيت بيتك بالتلفزيون المصرى جلس ثلاثة من كبار رجال الأعمال المصريين، وفى تواضع بالغ تحدثوا عن ثرواتهم وعن مشاريعهم الخاصة لمساعدة المعوزين والفقراء، ومن المؤكد أن كثيرا من المشاهدين تعاطفوا مع ذلك الخجل البادى على الأغنياء، يؤيدون أن يكون الغنى من الكسب والتجارة الحلال، كما يؤيدون أخلاق ذلك الصنف من الفقراء الذين يحسبهم الجاهلون أغنياء من التعفف، ويحوم على الجميع منظومة أخلاقية تدعو لئلا تعرف اليد اليسرى ما تنفقه اليد اليمنى من خير.

الآن فكرة أن يتوارى المحسنون خلف ساتر يحجز نشاطهم الاقتصادى بعيدا عن العلن بحجة أن ثقافتنا الشعبية ترى أن عين الحسود فيها عود من الغل والحقد على الأغنياء، هذه الفكرة تقتل الإحساس بالكرامة والدافعية الاقتصادية للعمل المنتج بين أفراد المجتمع، ذلك بأن المتبرع يجلس خلف ستار من الفضل وأن من يقبل الصدقة يجلس خلف ستار من الخجل.

أن الدعوة لأن يخفى رجال الأعمال ما ينفقون من تبرعات وما يديرون من مشاريع خيرية إنما هى دعوة للتستر على ما يمكن أن يراه البعض غسيل أموال، وهى أموال تأنى وتنفق فى السر لا من شاف ولا من عرف.
أن الشفافية فى متابعة النشاط الاقتصادى، والتبرعات الخيرية جزء منه، تقوى مؤسسات المجتمع وتسهل على الجميع القيام بدور المحاسبة القومية.

إننا نرى أن تكون المؤسسات الخيرية خاضعة للشفافية ليعرف الجميع من هم المتبرعون ومن أصحاب الحق فى الحصول على المساعدات، فالمجتمع الأخلاقى يرى أن الأغنياء مستخلفون فى إدارة جزء كبير من موارد المجتمع.

المجتمعات المتقدمة حضاريا مليئة بالمنظمات التطوعية الخاضعة لأشراف أفراد المجتمع فى إطار من حرية العمل الاقتصادى المنتج، فجامعة هارفارد مثلها مثل جامعة القاهرة أنشأتهما تبرعات أهلية، ومؤسسة فولبرايت منظمة ترعى الفنون وأخرى ترعى الفقراء وثالثة ترعى العلوم، وهكذا لا أحد فى المجتمعات المتقدمة يمن بالخير على الآخرين، والفقراء لا ينتظرون أن تهبط عليهم ثروات دون عمل.

Friday, February 23, 2007

لعبة الادعاءات الباطلة

حين تبدى رأيك موضوعيا فى فساد سياسى أو تخلف فكرى فأنت معرض مثل معظم المصريين لأن تمارس عليك بعض القيادات هوايتها فى تلفيق التهم لك، قاصدة أن تلقى بك خلف حائط القهر لا حول لك ولا قوة ، وكى تبدو أنت فاسدا شريرا وهم الصالحون الطيبون ، حرام ما يحدث فى بلادنا، وبعض الأدلة ما حدث معى فى برنامج تلفزيونى.

على مدى واحد وخمسين دقيقة، بين الساعة الحادية عشرة والساعة الثانية عشرة من مساء يوم الأربعاء الموافق 21/فبراير/2007م، تم إجراء مقابلة فى برنامج ( العاشرة مساء ) التلفزيونى على قناة دريم الفضائية، وناقشت المقابلة موضوع إحالة الدكتور ياسر العدل الأستاذ المساعد بكلية التجارة جامعة المنصورة الى التحقيق بسبب إبداء رأى صحفى يتعلق بجامعة المنصورة، البرنامج قدمته المذيعة (منى الشاذلى) وشارك الدكتور مجدى أبو ريان رئيس جامعة المنصورة بمداخلة تليفونية استغرقت حوالى ست دقائق ( بعد الحادية عشرة ونصف مساء تقريبا).

فيما يلى نص المداخلة.
المذيعة : إحنا معانا على الهاتف رئيس جامعة المنصورة الدكتور ماجد أبو ريان، أهلا بحضرتك يا أفندم، مجدى أبو ريان عفوا، أهلا يا أفندم، أهلا يا دكتور
د. مجدى : أهلا بيك يا أفندم
المذيعة : أهلا بيك، إحنا كنا نتحدث عن تحويل أستاذ
د. مجدى : أنا قبل ما حضرتك تتكلمى بس، أنا بحب أشيد بهذا البرنامج الذى يظهر الحقيقة
المذيعة : شكرا يا أفندم شكرا، إحنا اه ، إحنا عندنا موقف كمان وللمرة الألف نؤكد، نحن لسنا بصدد تفاصيل التحقيق، بس إحنا بناقش فكرة الإحالة فى حد ذاتها.
د. مجدى : تمام
المذيعة : هل الأستاذ الجامعى محجور عليه أن يكتب رأيا فى الصحف أو يراسل صحيفة أو ينقد.
د. مجدى : لا يا أفندم، مفيش اى حجر، ويمكن أنا شفت فقرات البرنامج طبعا وذى ما حضرتك عارفه وأنا أتابع البرنامج ده علطول، وفى بالأخص فى هذه الحلقة، ما استرعى انتباهى، أن الموضوع الذى يناقش بأكمله ليس هو موضوع التحقيق بل جزء من التحقيق، أولا أنا ليس بينى وبين الدكتور ياسر العدل خصومة أو أى عداوة، ويمكن لم نتقابل أبدا بقالى 30سنه فى الجامعة، وبعكس فترة كثيرة، وأقرا مقالاته، وده حقه، حقه يقول رأيه حتى لو نقد الجامعة، لأنى أنا مؤمن بحرية الرأى ، وحرية التعبير
المذيعة : عظيم، عظيم
د. مجدى : لكن حضرتك التحقيق اللى هو حصل مع الدكتور ياسر العدل، بيحدد تجاوزات بتجيلى شكاوى مكتوبة، أول تجاوز من احدى زميلاته بتهمة القذف والسب العلنى، ورافعه عليه قضية
المذيعة : يعنى بناء على، خللينى أتفهم أكثر،
د. مجدى : بقول لحضرتك، مبقولش إن إحنا

المذيعة : لا لا أنا ، علشان افهم بس ، ده بناء على المقالات اللى بيكتبها، لا
د. مجدى : يحولها لأسلوب تانى، ده خطأ
المذيعة : لا انا مفهمتش أفندم أنا، حضرتك بتقول ان فيه شكاوى ،
د. مجدى : انا حقول لحضرتك،
المذيعة : لا انا بستوضحها وأخلى حضرتك تكمل، بس حضرتك بنقول أن الشكاوى دى بناء على اللى بينشره فى الجرايد والا
د. مجدى : لا لا دى ملهاش دعوة باللى بينشره فى الجرايد،
المذيعة : أه
د. مجدى : دى هى شكاوى قبليها، شكاوى بحاول بقدر الإمكان نقلل من ، نحل المشاكل كلها بهدوء ونمنع من عملية الإحالة للتحقيق، هذه الشكوى بالضبط أو هذا المقال، هذا المقال حضرتك قريتى الجزء اللى فيه، ولا يمثل اى شيء، وده حقه انه يقول رأيه بالرغم من انه هو فيه فعلا قانون يمنع الموظف العام ان هو يدلى بآراء خاصة بعمله، لكن دى مشكله يعنى، لا يعنى مش هنظر لها، لكن لو كملتى المقال لحد الأخر فيه قذف، وهذا القذف هو الذى أدى لأحالته للتحقيق، ومش التحقيق وبس، ده كمان هينظر بدعوى أمام القضاء، من هذا المقال
المذيعة : أه أنا أسفه، أه صح صح ، أنا عفوا
د. مجدى : كونه يقول رأيه،
المذيعة : انا الحقيقة لم أقرا هذه الفقرة
د. مجدى : أنا بقول رأيى، حضرتك أقول رأيى بدون المساس بالآخرين
المذيعة : أه ، طيب الفقرة اللى أنا لم اكن قرأتها
د. مجدى : هتقرايها علشان إيه، أنا لسه مكملتش
المذيعة : طيب يا أفندم أتفضل ، أنا كنت هقرأ الفقرة اللى حضرتك بتقول فيها سب وقذف
د. مجدى : يعنى دى الوقتى حضرتك بتسألينى عن التحقيق،
المذيعة : أه، تفضل
د. مجدى : التحقيق التهم دهه، القذف أول حاجه، التهمة الثانية، التفوه بألفاظ تخدش الحياء داخل مدرج من مدرجات العلم، الشكاوى دى مكتوبة كلها، الشكوى الثالثة، تحرش بإحدى الطالبات، دى لسه جديده جاتنى امبارح، وجه مجموعة من الطالبات وقالوا ان هما خايفين ان هما يشتكم، وبعد ما حصل ان هو أتحول للتحقيق بانت عندهم جرأة ان هما يشتكوا وطالبين الحماية، حولت الورق كله الى المحقق
المذيعة : طيب هو، هو مش مستغرب
د. مجدى : الكلام اللى هو بتكلم فيه اللى هو إبداء الرأى ، إبداء الرأى ده فعلا فيه قانون موجود، ودى تهمه من احدى التهم اللى هو مقدم بهدف للتحقيق، ودى نفى ان ما لهاش عقوبة، وبعدين التحقيق، التحقيق المتهم برئ الى ان تثبت إدانته،
المذيعة : طيب ، بص يا أفندم، إحنا لم ، يا دكتور مجدى، اسمعنى
د. مجدى : التحقيق، لكن هذه التهم عقوبتها متدرجة
المذيعة : يا دكتور مجدى، لم ولن نتدخل أبدا فى مسار التحقيق ايا كان نوعه وأيا كان مستواه، بس خلينى أنا عندى سؤال قبل ما أطرح الفقرة اللى حضرتك، اللى ساءت كثيرا بعض من يعملون فى الجامعة، مش مستغرب شوية إن كل هذه البلاغات، كانت يعنى بعد فكرة طرح بعض المقالات دى، يعنى حضرتك تتحدث عن مجموعة من التهم التى ربما تكون صحيحة او ربما تكون خاطئة، لا نعرف، إنما المستغرب شوية هو انه كثافتها من بعد بزوغ هذه المشكلة0
د. مجدى : انا مع حضرتك ان هذه التهم كانت موجودة من الأول، ليست وليدة اليوم، وهذا تصور ما يحدث، ليس وليد هذا اليوم، إحنا بس فقط أخرجنا هذه التجاوزات، وما اتبعه من الناس بدأت تتجرأ
المذيعة : يعنى حضرتك بتقول ان هذه الشكاوى كانت محتفظا بها فى الدرج وأخرجت من الدرج بعد هذه الواقعة
د. مجدى : تمام
المذيعة : طيب أنا، حضرتك عندك أى تعليق أخير دكتور مجدى أبو ريان
د. مجدى : أنا التعليق الأخير اللى عايز أقوله، أن إحنا فى جامعاتنا يجب إن إحنا نشجع الناس على إبداء الرأى والنقد وإننا لا نستقيم بدون النقد، ولكن مع التزام الحدود بحيث إن إحنا لا نمس الآخرين بالنقد بتاعنا
المذيعة : نعم ، دكتور مجدى أبو ريان رئيس جامعة المنصورة، شكرا على تعقيبكم ومتابعتكم على الأقل لهذه الفقرة، اسمحوا لنا نأخذ فاصل وبعدها نستكمل استقبال اتصالات تليفونية، والحقيقة كنت هقول الفقرة بعد الفاصل لكن اعتقد انه من الأصح نقولها قبل الفاصل حتى تفكروا ربما بمنطق إدارة الجامعة، ويتضمن ده فى اتصالكم التلفونية، يختتم دكتور ياسر العدل فى ذاك العمود حديثه بقوله، طيب أنا هقول الحته دى:
"على أية حال المتابعون العقلاء لا يعتبون على إدارة الكلية وأمامها سلوك إدارتهم الأعلى فى جامعة المنصورة حين أقامت حفلا طلابيا منذ أسابيع داخل حرم الجامعة وسمحت لمطرب أن يلقى أمام الطلاب سخفا يسمونه أغنية "أحبك يا حمار"، السؤال المطروح أمام المنظرين فى مجال الثقافة والتربية الجامعية، هل التغنى بحب الحمار أولى من المطالبة بطرد الحمير؟"
المذيعة : بعد الفاصل ،
موسيقى.

=======================
ملحوظة :
الشكوى بالتحرش جاءت لرئيس الجامعة يوم الثلاثاء 21 فبراير بعد إحالة د. ياسر العدل الى التحقيق يوم الأربعاء 17/1/2007 م بسبب المقال النقدى المنشور فى جريدة المصور فى 22/12/2006م، أى بعد شهر تقريبا، هكذا يكون التجهيز لمؤامرة إغتيال رأى.

Thursday, February 15, 2007

عن العميد المحبوب

يذكر القاموس الوسيط أن العميد هو السيد المعتمد عليه في الأُمور، وهو المريضُ لا يستطيع الجلوسَ حتى يُعْمَدَ من جوانبه بالوسائد، وهو المشغوف عِشْقاً، وهو رتبة عسكرية فوق العقيد ودون اللّواء، وهو مديرُ الكليّة في الجامعة، وجمعه عمداء.

هكذا يساعدنى قاموس اللغة أن أعرف كيف يكون العميد محبوبا معتمدا عليه فى إدارة كلية جامعية، انه إنسان قوى يملك صفات شخصية من ذكاء وثقافة وتفوق علمى تجعله كريما يؤثر الآخرين على نفسه ولو كانت به خصاصة، ليس مريضا يعتمد فى وجوده على وسائد تسنده فى مواجهة الآخرين ويتشدق فى المجالس بصفات ورثها دون جهد عن أقارب أو زواج، هكذا يكون العميد المحبوب معتمدا على صفاته الشخصية شغوفا بعشق الحياة والناس والتحضر غير مريض عاشق لنفسه يفاخر بأنه مسنود فى كرسيه بوسائد يراها العقلاء هشيما عصبيا فارغا لا يصلح لاجترار الماضى أو المتاجرة بالمستقبل.

العميد المحبوب له صفات إدارية واضحة للعيان، لا يحتاج العقلاء فى أمر معرفتها إلى دراسة علوم إدارة الأفراد فى كليات التجارة أو علوم إدارة الإنتاج فى كليات الهندسة، فبعض أساتذة علوم الإدارة لا يحسنون فن الإدارة، يحملون شهادات مضروبة فى العلم مسنودة بالعلاقات الشخصية.

العميد المحبوب يتحرى أن يملك تفكيرا مرتبا منطقيا لا يخلو من الإبداع غير موصوم بطابع التحيز أو الانفعال، يتخذ قراراته الإدارية بناء على تفكير علمى مستخدما أدوات منهجية ويشجع المرؤوسين على المشاركة في التشخيص وفي اتخاذ القرارات.

العميد المحبوب يرى نفسه عالما متواضعا ومتعلما كبيرا فى محيط العاملين معه، لا يخجل من الاعتراف بالضعف ولا يأنف من العودة إلى جادة الصواب، يستمع بعين المحب لجميع الآراء، يتبع سياسة اللامركزية في اتخاذ القرارات ولا ينفرد باتخاذ قرارات مؤثرة على مستقبل الكلية وسمعتها.

العميد المحبوب يتبع سياسة الباب المفتوح لحل المشاكل، يفتح باب عقله وشغاف قلبه لكل العاملين معه ولا يحيط نفسه بسياج من أشخاص محدودى الموهبة وصوليين.

العميد المحبوب يرصد التيارات الجارية في المجتمع وينحاز لتيارات التقدم، يوجه اهتمامه نحو دقة تطبيق القوانين على الجميع ولديه مرونة تطبيق نظريات ولوائح على عاملين وطلاب لديهم أحاسيس ومشاعر.

العميد المحبوب لا يفهم سلطة العمادة على أنه الأمر الناهى صاحب كرسى تولاه بموجب حق وراثى، انه يرى سلطة العمادة سلوك تعاونى بين الجميع تحكمه المصلحة العامة، وقوتها مزيج موضوعى من قرارات تنزل منه إلى العاملين وتوصيات تصعد إليه من العاملين.

العميد المحبوب يرى فى الرقابة على العاملين مجرد متابعة علمية لعمليات تحقيق أهداف الكلية وليست رقابة تجسس على الآخرين ومعرفة أسرارهم الشخصية، أنه يرى الرقابة الفاعلة تواصل بين الجميع عبر قنوات اتصال واضحة وميسورة.

العميد المحبوب يؤمن بالعمل الجماعى، ينجح فى تزكية شعور العاملين بالانتماء إلى الكلية وأن نجاحها نجاح لهم وفشلها فشل لهم، يستخدم القيادة الاستشارية في معظم أعماله ولا يميز بعض الموظفين بإمتيازات على حساب البعض الآخر.خلافا لذلك، فالعميد غير المحبوب، هو شخص ساذج يختال بالعمادة ويرى أن الكلية ميراثا شخصيا ينتهك فيه قواعد الإدارة السليمة، معتقدا أن العيون لا ترى، متصورا انه يركب الطريق المناسب للوصول إلى منصب أعلى فى رئاسة الجامعة.

Tuesday, February 13, 2007

بعضهم لا يعرف القراءة

المشاكل فى جامعاتنا كثيرة، وضعف قدراتنا على إيجاد الحلول المناسبة لها راجع إلى ضعف القدرات الشخصية والعلمية والإدارية لدى الكثير من قياداتنا الجامعية، فكثير من هذه القيادات يتم اختيارها من قبل أصحاب القرار بناء على نوازع شخصية لا علاقة لها بالمعايير الموضوعية اللازمة لتسيير دفة العمل المتحضر.

كثير من قياداتنا الجامعية تعانى من التخلف الثقافى وضمور فى الوعي السياسى، فهى بحكم ضعف ثقافة البحث عن المعرفة بين أفراد المجتمع وبحكم غياب التربية السياسية فى نظامنا التعليمى، قيادات لا تعرف قراءة مشاكلنا الحقيقية، تعيش منغلقة على نفسها تابعة لمن يملك سلطة القهر، لا تسعفها قدراتها الثقافية أو الإدارية على استيعاب النقد الموضوعى لعيوبها وترى أن كل نقد لأعمالها هو بالضرورة نقد شخصى يسعى لتجريح وجودها ولا ترى أهمية النقد فى تعرية الفساد.

كثير من قياداتنا الجامعية تفرض رأيها المتسلط على دولاب العمل دون أن تسمح بوجود قنوات تصل إلى الرأى الأخر، تملك أذانا كبيرة لا تسمع غير طنين ذواتها المريضة ولا تحفظ غير سقط الكلام من أصحاب السيادة عليها، ترى أن الصمت والهروب من مواجهة المشاكل الحقيقية هما أفضل الطرق للحصول على رضا القيادات الأعلى والبقاء فى حضرتها أطول فترة على كراسى الحكم، تركب كل الطرق السّرية لمواجهة أصحاب الرأى، تناور وتساوم وتتحسس طرق النفاق للقضاء على محاولات النقد، لكنها دون أن تدرى تسعى لافتضاح ضعفها، تسحب الريش من كل رأى يفضح وقائع الفساد وتلصقه على رؤوسها الكليلة بالجراح.

هكذا واقعنا اليومى يرصد تخلفا ثقافيا وعلميا فى جامعاتنا، تقلص الدور الاجتماعى لأساتذة الجامعات على كونهم أجراًء يلقون فى مدرجات مغلقة بعض المعلومات على بعض الطلاب، أجراء ينتشر حولهم المراقبون من جانب، العمداء والسّعاة والطلبة والحرس الجامعى، يكتبون التقارير الصحيحة حينا والمغرضة أحيانا، هكذا تضخم فصيل كبير من أساتذة جامعاتنا أجهدهم الواقع الأمنى وأعياهم التخلف الإدارى فاستسلموا للسير لصق الحائط غير خارجين على ثغاء القطيع، يرتدون رابطات عنق منشّاة ببراثن قهر وتخلف، لا يقوون على القيام بدور سياسي أو ثقافي فاعل فى تطوير مجتمعنا ولا أمل يرجى منهم فى تحسين الأوضاع.

فى سعينا نحو حل مشاكلنا، علينا أن نطالب بحرية مجتمعنا باعتبارها المناخ الوحيد للتحضر الإنسانى، أن نرعى حرية النقد الموضوعى باعتباره الأداة الوحيدة لكشف الفساد، أن نطالب بحرية نشر كل غسيل متسخ فى مؤسساتنا، أن نتدرب على الفخر بمواجهة أنفسنا قاصدين تنظيف مجتمعنا من الأوساخ والموسخين، فإذا كان الاتساخ ناتجا عن عيوب إنسانية وفساد فى الذمم، فالمجتمع الحر أقدر على التطهّر من العيوب، وإذا كان الاتساخ ناتجا عن حبس منجزات العلم، فالمجتمع الحر أقدر على الإمساك بأدوات العلم. صلاح أمور جامعاتنا يأتى مع تربية قيادات جديدة تعرف كيف تقرا مشاكلنا الحقيقية وتسعى بإخلاص لحلها، قيادات تؤمن بالديمقراطية فى طرح المشاكل، وبالعلم فى إيجاد الحلول، وبالكفاءة فى تنفيذ تلك الحلول.

Thursday, February 01, 2007

أنا شفت مليونير

مصرى أنا ومحظوظ بالوراثة، حصلت على شهادات من الأهل والجيران والدولة فى طول وعرض مصر، شهادات الميلاد والهوية وتأدية الخدمة الوطنية والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه والعصامية وكثير من أنواع الذكاء والصبر والكفاح، تعلمت مجانا فى عهد عبد الناصر، وأصبحت أستاذا جامعيا فى مصر المحروسة، وظيفتى دراسة الأرقام وفهم العلاقات بينها، وهوايتى أن أعلن بعض ما أعرف.

فى عام ألف وتسعمائة وخمسة وستين ميلادية، كنت طالبا جامعيا أدرس فى كلية التجارة جامعة عين شمس، وسمعت بأذنى وشاهدت أستاذ الاقتصاد الدكتور يحيى عويس (رحمة الله عليه) وهو يقول انه لو ولد مولود مصرى سعيد، وفور ولادته تم تعينينه فى أعلى الدرجات الحكومية غير السياسية (درجة وكيل وزارة) وتقاضى هذا السعيد راتب الوظيفة منذ يوم ولادته حتى يوم بلوغه سن المعاش عند الستين، وأنه عاش غير مدين بالتزامات مالية تجاه أحد ( يعنى مقطوع من شجرة)، فان مجمل ما يستطيع هذا السعيد إدخاره لا يزيد عن عشرة ألاف جنيه مصرى، كان ذلك الرقم بأسعار بداية الستينات من القرن الماضى، ولتخفيف الحساب على أولاد البلد فى فهم طبيعة الرقم الآن نقول، مع الكرم، أن الفرد السعيد المنتج حسب الأصول الاقتصادية والأخلاقية لا يمكنه أن يدخر من عرق جبينه أكثر من مليون جنيه مصرى بأسعار أيامنا الحالية، أقول هذا عن قدرة الفرد المنتج الماهر المتعلم الشريف، لا أقول عن الوارث أو صاحب ضربة الحظ غير المبررة وغير المنطقية.

فى العام الماضى وقفت صدفة أمام مصعد بمبنى جريدة الأهرام قاصدا الدور الرابع فى نفس المبنى، وحين فتح باب المصعد ركب معى الصحفى إبراهيم نافع ( رئيس تحرير الأهرام شخصيا) وبجواره حرسه الشخصى، رجل يصنع لنا إعلاما ويصوغ لنا فكر الحكام، وبدأت أشم رائحة عطرة الفواحة، وحين خروجنا من المصعد لامست طرفا من هدوم إبراهيم نافع، بعدها سمعت بعضهم يقول أن الرجل مليونير كبير جدا، يملك فوق الخمسة مليارات جنيه، يقصدون انه بليونير، هكذا رأيت وشممت ولامست مليونيرا بشحمه ولحمه وأصبحت سعيد الحظ فى العام الماضى.

وفى هذا العام ذهبت صدفة إلى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وأمام مقر ندوة عامة وقفت سيارة سوداء كبيرة فخمة جدا يصل ثمنها إلى مليون جنيه، درت حول السيارة مرات ومرات وغافلت بعض الوقوف ولامستها بيدى، وبعد نصف ساعة اكتشفت أنها ملك لمليونير كبير جدا، انه بليونير مصرى آخر، رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب محمد أبو العينين ، رجل يملك لنا مصانع ويدلى بآرائنا عند الحكام، رأيته واقفا أمام عدسات التلفزيون وبجواره حرسه الشخصى، يعلق على ما دار فى الندوة من مناقشات حول المشروع النووى المصرى، ونجحت فى أن أحشر نفسى وسط الزحام حول الرجل وأقف بجواره ورأيته وشممت رائحته الفواحة ولمست طرفا من هدومه، هكذا أصبحت سعيد الحظ فى هذا العام أيضا.

يا لسعدى، أنا مصرى محظوظ عشت فى مصر، عملت موظفا حكوميا بشهادات جامعية وفوق الجامعية لمدة تزيد على الأربعين عاما، ارتب أمورى كل شهر كى يكفينى راتبى وأسير لصق حائط التقشف، أنا ذلك السعيد عشت وشفت ولامست بليونيرات من لحم وشحم ودم، ولو نهض أستاذى الدكتور يحيى عويس من قبره ورآهم فسيعرف مثلى أن كل منهم رجلا شاطرا يصلح أن نراه ناعم البال بعيدا عن أهل مصر نغنى له ( أصله ما عداش على مصر)، لو نهض قول أستاذى ونحن معه سنرى أن كثيرا من الشطار والورثة اشتركوا فى نهب أرض مصر.

أرجو الله أن يغفر لى ذنوبى ويقبلنى سعيدا ويجعلنى نصف بليونير أملأ أفواها بالذهب كى تقول مع الغلابة فى بر مصر، أن الفوارق الاقتصادية بين كثير من المصريين فوارق فاضحة وغير أخلاقية.

Wednesday, December 20, 2006

حدث فى جامعة المنصورة

يوم الأحد السابع عشر من ديسمبر الحالى ( ورصدا للتاريخ من عام 2006م)، وقف بعض المصريين على رجل واحدة لمتابعة مباريات كرة القدم فى اليابان، كلية التجارة جامعة المنصورة وقفت بدون أرجل بالمرة وتعطلت الدراسة فى أحد مدرجاتها، ففى الوقت المرصود للاعبين المصريين قررت إدارة الكلية أن تخلى أحد المدرجات الكبيرة من طلابها الأصليين ووضعت أجهزة حديثة ليتحول المدرج إلى قاعة عرض يشاهد فيها بعض الطلاب والعاملون مباراة لكرة القدم، كثير من أساتذة الكلية وطلابها أصابهم القرف والامتعاض من موقف إدارة كلية لا تملك رقيا ثقافيا أو نضوجا سياسيا، إدارة لا تعرف أن للمباريات الرياضية فى الكليات مكانها فى استاد الجامعة وأن مدرجات الدراسة أماكن لإثراء الفكر وليست مصاطب لإثارة الهوس والتعصب العاطفى بين الطلاب.

على أية حال المتابعون العقلاء لا يعتبون على إدارة الكلية وأمامها سلوك إدارتهم الأعلى فى جامعة المنصورة حين أقامت حفلا طلابيا منذ أسابيع داخل حرم الجامعة وسمحت لمطرب أن يلقى أمام الطلاب سخفا يسمونه أغنية "أحبك يا حمار".

السؤال المطروح أمام المنظرين فى مجال الثقافة والتربية الجامعية، هل التغنى بحب الحمار أولى من المطالبة بطرد الحمير؟

Wednesday, December 13, 2006

جائزة السيد العميد

ليس مزعجا لمراقب منصف أن يعرف الأسباب التى تجعل من عميد الكلية عميدا فى جامعاتنا المصرية، فكثير من المنصفين يرى أن آليات اختيار عمداء الكليات الجامعية تزكي أهل الثقة على حساب أهل الكفاءة، المزعج اكثر أن يعرف ذلك المراقب كيف يقوم العميد بدور العميد؟
أحد العمداء فى كلية جامعية أراد أن يكون عميدا من بين المخلدين، فجمع مجلس الكلية، وصاح كالهمام فى أعضاء المجلس فوافق المجلس صاغرا، على أن تخصص جائزة سنوية باسم عميد الكلية تمنح لأحسن أستاذ وأحسن موظف وأحسن طالب، وعلى المتسابقين أن يقدموا لسيادة العميد ومن خلفه مجلس الكلية الموقر ما يرونه صالحا للحصول على الجائزة، المزعج أن سيادة العميد الهمام ومن وراءه مجلس الكلية الموقر وافقوا على أن تجمع الأموال المخصصة لجائزة العميد من بعض أنشطة الكلية وبما يتم التبرع به من أهل الخير والمتطهرين من صدقات، هكذا يخلد اسم العميد فى قائمة جامعى الصدقات لبعض أعضاء هيئة التدريس، ويخلد مجلس حكماء الكلية مع المهللين وراء كل عميد.
صحيح أن كثيرا من أهل الجامعات فى بلادنا غلابة، لكن من غير الإنصاف أن نستجدى لهم تكاليف جوائز التفوق وعلاج كبار السن من بينهم، إيه مهانة يتعرض لها الأساتذة والقائمين على التعليم فى جامعاتنا، وأية وصولية يتفتق عنها ذهن عميد ليصنع لنفسه اسما صوريا ويقلد سلوك بعض الأنانيين من العمداء حين يلصقون أسمائهم وحدها على مدرجات ومبان فى كلياتهم مغتصبين جهود عشرات ومئات العاملين فى إقامة تلك المنشآت وكأن العمداء وحدهم دفعوا تكاليف الإنشاء من جيوبهم الخاصة.
الأصل الأخلاقى فى الجوائز الخاصة التى تحمل أسماء لبعض الأفراد بصفتهم الشخصية أو الوظيفية أن تمول من جيوب أصحابها، فى مقابل أن يمول المجتمع جوائز عامة بأسماء علماء ومفكرين ومبدعين كبار يعترف غالبية المجتمع بفضلهم، وليس من باب الإنصاف أن يمول المجتمع جائزة باسم قيادة وظيفية لا تملك قدرات غير السير على درب الوصوليين فى بلادنا، يصنعون جائزة باسم أعضاء الأسرة أو الشلة والصحاب، معتمدين على موافقات مجالس إدارة تجيد التصفيق وتؤمن بأن عبادة الفرد فى مجتمعنا لم تمت بعد.

Wednesday, December 06, 2006

إنى أطالب بالوزارة

ليس مهما أن تكون صاحب إمكانيات يراها أصحاب القرار أنها فذة وعظيمة، كى يديرون رؤوسهم نحو تاريخك الخاص، يلوكون بطولاتك على حوائط المدارس ولوحات الشرف، يهتفون باسمك قاصدين أن تكون عمدة أمرهم ووزير صنعتهم وكبير الكبراء فيهم، المهم أن ترى فى نفسك أنك فذ وعظيم، تدرك انك لم تخلق سدى، وانك تحب الحياة وقادر على حب من يقدرون إمكانياتك، وإذا اتفقت مطالب عظمتك مع حاجات أصحاب القرار فأنت هو المحظوظ صاحب السعادة والمعالى والوزارة أيضا.

كل الدلائل كانت تشير إلى أنى سأصبح رجلا فذا عظيما، ابدأ حياتى فى قلب القرية وأتواثب وراء العيش على حواف المدن، وأحفظ تاريخا يعيشه أهلنا فى مصر.

فى القرية ولدتنى أمى فى عام طافت فيها حمى الكوليرا كثيرا من بقاع مصر، وحين أصابنى إسهال مع رعشه خفيفة ترحم الناس على صحتى وانتظر الحاسدون أن تأكلنى بالكوليرا، وانتظر أبى ثلاثة أشهر حصدت فيها فريرة الكوليرا آلافا من أروح المصريين دون أن تأخذ روحى، وحين تأكد والدى من صخب الحياة فى جسدى قام بتسجيل حادثة ميلادى فى سجلات الحكومة، كان أبى حصيفا ففى شهر تسجيل ميلادى ولد عدد من العظماء، نابليون وماركس وثلاثة من أعضاء البرلمان وراقصتين، وبدأ كثير من الناس يحتفلون بعيد ميلادى0

فى القرية تعودت الاستحمام فى الطست بالماء الساخن مرتين أو ثلاث كل عام لأرتدى هدومى الجديدة مع حلول عيد الحلاوة وعيد اللحمة، وعند الحاجة تحمل أمى الأوانى والهدوم وتجرنى إلى شاطئ الترعة وتغسلنى مع الجميع، أصابنى الرمد الحبيبى ومارست اللعب أياما تحت وطأة علاج الششم الأبيض وجيوش ذباب تزور عيناى الدامعة، طالت فترة ختانى ثلاثة أسابيع أسير فاتح الرجلين تحت وطأة علاج البودرة البيضاء، ركبت أرجوحة من الحبال فى عيد اللحمة وعند ربع المسافة بين سماء الأرجوحة والأرض قطع الحبل وانفتح قرن دماغى على الأرض يشخب دما وبقيت شهرين تحت وطأة علاج معجون البن، فى قيظ الصيف نجحت فى إنشاء مصيفى الخاص، طردت بعض الكلاب تستبرد بمياه قناة تظللها شجرة صفصاف واستبردت أنا بنفس الماء والشجرة، أكلت عشرات من ثمار الطماطم والخيار والفلفل والبامية اقذفها من أرض الغيط إلى فمى مباشرة، فى سباق مشهود لكثير من أولاد قريتنا قبلت التحدى ونجت فى عبور ماء ترعتنا غوصا مارا تحت جثه حمار طافية، فى دارنا شربت ماء قريتنا نجلبه من الترعة ونعالج الرواسب بالشبة ونوى المشمش، وفى الغيطان شربت من أبار السواقى، وحين أصابتنى البلهارسيا كنت ابتهج بعد كل ألم فى التبول، فثقافة أولاد قريتنا تجمع على أن خروج الدم فى البول دليل على الصحة والعافية، وحين هاجمتنى الإنكلستوما والقراع والدّرن، تعودت الاستماع من الأحبة وبعض الكارهين إلى عبارة: إزى الصحة؟.

فى المدينة أصبحت شابا، كثير من أيام الصحو أفطر فولا بالطحينة مع البصل على نواصى عربات الفول، وقليل من أيام الغيم أفطر محشى كرنب وفول نابت على نواصى أسواق الخضار، أحيانا أتغدى فشه ولحمة راس على نواصى المجازر وعربات الكرشة، وعادة أتناول العشاء فولا مدمسا وباذنجانا مخللا، وفى كل يوم أنام فى حجرة ضيقة بمساكن شعبية لا يزعجنى فيها طفح المجارى أو انقطاع المياه أو الكهرباء، واشترك مع أهل الحى فى معارك وجلسات صلح وأحلم بالزواج من بنت الجيران, وحين ضربنى الكسل وكرهت فكرة الزواج وتناول الشطة والطرشى، قال لى الطبيب : ازى الصحة؟ وأكد أن كبدى كسلان.

فى كل القرى والمدن أصبحت شيخا، أفوت بهدوء بين السيارات وأنجو من الحوادث بلطف، يساعدنى الطيبون على عبور الطرق وصعود السلالم والنوم على الأسرة، وحين اذكر احدهم بتلوث البيئة ومشاكل التنفس مع السحابات السوداء، اسمع من يدللنى قائلا ربنا يعطيك العمر يا راجل يا بركة، المهم الصحة .

مع تاريخى العظيم، أعرف القراءة والكتابة وتجهيز الأحجبة، ويحمل جسدى آثارا لعشرات من الأمراض ومواقف الحب والنصاحة والفهم المناسب، وأطمح فى تحقيق أمنيات أحبابى على ارض مصر، من الدايات وحلاقى الصحة والممرضين والأطباء والجيران والغلابة وسكان الهوامش، يسألون عن الصحة، ويؤكدون على أهمية الصحة، ويملكون صبر أيوب فى طلب الصحة، لكل ذلك فإنى باسم غلابة بر مصر، وباسم ديمقراطية أهل الثقة، أطالب باختيارى وزيرا للصحة.

Wednesday, November 15, 2006

ط - نق .. يا أهل الكورة

بدأت علاقتى بالكرة منذ الصغر فى قريتنا، الكرات غير المكتملة هى البداية، حين أسرف فى اللعب خارج الدار تدرك أمى أنى نسيت نفسى وتصر على عودتى دون إكمال اللعب، تنادينى وترجونى وتستعطفنى كى أعود، وحين يفشل تدليلها فى عودتى تبدأ فى الصراخ والدعاء تستجلب غضب الأولياء الأطهار والناس الطيبين، وحين تفشل توسلاتها تبدأ فى مطاردتى، أجرى وأبكى وتلاحقنى وتقذفنى بالحصى واقذفها بالتراب والحصى والطوب، وحين تنجح فى الإمساك بى تجرنى على قارعة الطريق، تمسح بجسدى أرض الشارع ثم تحملنى فى حنو بالغ إلى باب الدار، وتبدأ طقوسها فى مسح دموعى وإعداد حمام تنقيتى مما علق بى من تراب وحطب وروث بهائم.

فى القرية بلغت من الطفولة عتيا، سمحت لى مرات كثيرة أن استعرض مهارتى على شط الترعة، استجمع طاقتى وفى ميل مصطنع اقذف بقوة كرات غير مكتملة من الزلط تمس سطح الماء قاصدا أن يتواثب الزلط على سطح الترعة ويعبر أكبر مسافة ممكنة دون أن يغرق.

فى عصر قريب من طفولتى المتأخرة استدارت الكرات وانتشر وجودها فى حارتنا، كرات (البلى) يصنعونها من الزجاج الملون وكرات (الشراب) نصنعها من القش والخرق القديمة ومن جلد مقطوع، نلعب بكراتنا فى مباريات يتنافس فيها أولاد حارتنا مع أولاد الحارات المجاورة، كرات البلى لمباريات (الترنجيلة) و(التيرو)، وكرات الشراب لمباريات (كرة القدم) و(الميس) و(النطاط)، كنت أميل لمشاهدة مباريات كرة القدم وأرى فيها اشتباك لاعبين يكسرون العظام ويعتركون بالأيدى ويشدون الهدوم ويتقاذفون بالأجساد.

كانت بدايتى مع لعبة كرة القدم شيوع نظرية فكرية ملأت عقول أولاد حارتنا، نظرية ترى أننى أفضل من يقوم بالمهام الخطيرة التى يلقيها أولاد حارتنا على حارس المرمى، ملعبنا نقيمه على ارض الشارع أو على ساحة جرن حصاد أو على أرض زنقة من حارة لا تزيد مساحتها عن أمتار قليلة، حين نفتقد الأحجار الكبيرة نصنع شواهد المرمى من أكوام تراب أو من ملابس لاعبي الفريقين، عادة يتكون فريقا كرة القدم فى حارتنا من سبعة لاعبين، أربعة من بيننا مقابل ثلاثة من المنافسين، يتداولون الكرة بأرجلهم الحافية ويعوقون حركة المنافسين بأيديهم، وقت اللعب فى مبارياتنا مفتوح ولا مانع من دخول ومشاركة بعض العابرين من بشر أو بهائم، وللاعبين حق دخول أرض الملعب أو الخروج منه فى أى وقت، وللجميع الحق فى الرجوع عن قراراتهم متى رغبوا.

فى كل مباراة أقمناها لكرة القدم سعينا لإعلان فوزنا بأكبر عدد من الأهداف قاصدين إحراز السيطرة على الحارات المجاورة، سيطرة تكفل لنا فى المرات القادمة أن نحدد بإرادتنا الحرة وقت ومكان وطريقة اللعب ومعايير احتساب الأهداف، وتتحقق سيطرتنا بالفوز فى المباراة مهما كانت طريقنا فى اللعب، طريقة تمنع دخول الكرة فى مرمانا وتعتمد على سرعة حارس المرمى فى تحريك شواهد المرمى يمنه أو يسرة، تضيقا أو توسيعا للمرمى يعجز معه الخصم عن التسديد، وطريقة تعتمد على الصياح والقسم بأغلظ الأيمان أن الكرة لم تدخل مرمانا وان دخلت، وطريقة التحرش بملابس الفريق المنافس بقصد ضياعها وتحريكها نحو توسيع مرماهم فيسهل على فريقنا تسديد أهداف الفوز، هكذا وصلت نتائج بعض مبارياتنا فى كرة القدم إلى رقم معتاد من الأهداف، عشرين هدفا لنا مقابل ثلاثين هدفا للخصم، وأصبح شائعا أن تنتهى مباريات حارتنا بمعارك يشترك فيها اللاعبون وبعض المتفرجين وأحيانا عابرى السبيل، يتبادلون القذف والإصابة بكرات غير مكتملة من حصى وطوب وطين وجلة ناشفة.

برغم أن مباريات كرة القدم فى قريتنا تمثل مصدر متعة للكثيرين إلا أننى لم أصب ذلك القدر من المتعة حين لعبت دور حارس المرمى، ففى حالات نادرة استكمل فريقنا مبارياته مع المنافسين دون معارك وشجار، ومع نهاية كل مباراة يسرف أولاد حارتنا فى إصابتى بالإحباط وتجرع الأسى، حين نحصد نتائج مبارياتنا ينهال الجميع على رأسى بالشتائم والاستهزاء بإمكانياتى الكروية ويقعون على جسدى بالضرب والركل وتقطيع الهدوم، إذا فزنا يتهمنى الفريق المنافس بأننى عمدت إلى تحريك الهدوم فضاق مرمانا وضلت كراتهم أهدافها، وإذا هزمنا يتهمنى فريقنا بتحريك الهدوم فاتسعت شواهد مرمانا واستقبل كرات المنافسين وأننى فى كل الأحول قصرت فى مهارات المراوغة والجرى عبر الملعب قاصدا توسيع مرمى المنافسين أو شغلهم عن اللعب بتضييع هدومهم.

مع مرور الأيام وانتشار مباريات كرة القدم فى قريتنا كثرت الأورام والتسلخات فى جسدى وانتشرت الرتوق فى هدومى وكثرت حالات رفض فيها أولاد حارتنا أن ألعب دور حارس المرمى، ورأيتنى أواجه الحياة دون مهارات كروية معترف بها، ووجدتنى أمضى وحيدا كارها لكرة القدم، لا أميز خصوصية ألوان ملابس لاعبى كرة القدم، لا أحمل انتماء أى نادى لكرة قدم، لا افهم معنى مسميات كرة القدم، وحين أردت تعويض نقص مهاراتى فى حراسة المرمى بالتفوق الدراسى عاقتنى فكرة أن الحساب العلمى لحجم الكرة له علاقة بنسبة تقريبية هى (ط) منسوبة إلى حرف من كلمة الطوب، و(أربعة على ثلاثة) منسوبة إلى عدد من أطفال حارتنا اشتركت معهم فى مباراة كرة قدم ولا اعلم كيف حشر علماء الرياضة نصف القطر(نق) فى الحسبة ليصبح حجم الكرة، مساويا لقيمة المعادلة (4على3 ) ط ( نق – تربيع).

الآن ومعى كل هذه الخبرة، أرانى صالحا لقيادة قائد فريق لكرة قدم تعبر انتصاراته الأزقة والحارات والشوارع وكل القرى ويصل بسمعتى إلى العالمية؟.

Sunday, November 12, 2006

طبيب نفسانى .. يا جامعة

أعضاء هيئة التدريس فى الجامعات، أناس طيبون، يقضون فترات طويلة من عمرهم فى مواجهة مشاكل التفوق الدراسى وتحصيل الشهادات العلمية، بكالوريوس وليسانس ودبلوم وماجستير ودكتوراه وبحوث ترقية، ويتعرضون كثيرا لمشاكل نظامنا التعليمى، طرق الحصول على الشهادات العلمية وما يشوبها من تركيز على الحفظ دون الفهم، طرق الحصول على الترقيات الوظيفة وما يشوبها من تقدير أهل الثقة فوق أهل الكفاءة.

الاقتراب من طبيعة نظام العمل فى جامعاتنا يضع أيدينا على وقائع مأساوية تثير الأسئلة، كيف يتم التدخل فى نتائج بعض الشهادات العلمية ليحصل البعض على وظائف معيدين فى الجامعات؟ ( خصوصا أبناء أعضاء هيئة التدريس وأصحاب النفوذ)، لماذا لا يتم تطبيق المادة (155) من قانون تنظيم الجامعات؟ وبها يتم تحويل معاون هيئة التدريس إلى وظيفة أخرى غير علمية إذا قضى خمس سنوات دون حصوله على الشهادة العلمية الأعلى، ماجستير أو دكتوراه، كيف يبقى معيد بالجامعة أكثر من خمس سنوات فى إعداد رسالة الماجستير؟ ( طالت المدة مع بعضهم إلى تسع سنوات)، وكيف يبقى مدرس مساعد بالجامعة أكثر من خمسة سنوات فى إعداد رسالة الدكتوراه؟ ( طالت المدة مع بعضهم إلى أربعة عشر سنه)، وكيف يبقى عضو هيئة تدريس بالجامعة أكثر من خمس سنوات لتقديم أبحاث الترقية ( بعضهم أحيل إلى المعاش دون ترقية)، الإجابة على هذه الأسئلة تخلص فى إهمال وتقصير المشرفين على الرسائل والبحوث العلمية، بعض المشرفين يتعرضون لضغوط من نقص أخلاق أو ضعف علم أو فساد أصحاب نفوذ ( بعض أصحاب النفوذ كانوا رؤساء جامعات وكانوا وزراء ).

نظام العمل بجامعاتنا، يضع أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم أمام ضغوط أخلاقية واجتماعية واقتصادية يصبحون معها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، بعضهم يصيبه اكتئاب نفسى أو تبلد ذهني أو تضخم الذات إحساسا بالعظمة أو تصاغر الذات إحساسا بالمهانة، وتكون النتيجة أن تنتج جامعاتنا قيادات مستقبلنا مشوهة علميا ونفسيا وأخلاقيا.

قليل من أهل الجامعة تأكله متاعب المهنة ويدخل فى دائرة مغلقة من الأمراض النفسية، يفشل فى علاقاته الخاصة، يتزوج أكثر من مرة ويفشل فى الزواج كل مرة، يسافر للخارج أكثر من مرة ولا يشعر بالغنى فى كل مرة، ويفشل فى علاقاته العامة، يصبح أستاذا فى علم وعنوانا لفكر ولا يخجل من التمسح بباطل أهل النفوذ.

نحن فى حاجة إلى إعادة النظر فى آليات تعيين وبقاء أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ونحن فى حاجة أشد إلى فحص دورى نجريه عليهم لاكتشاف وعلاج المرضى النفسيين من بينهم، هكذا ننقذ الجامعات من مرضى نفسيين، يحملون حصانه التعامل معهم باعتبارهم حاملين لشهادات علمية معظمها مضروب، ويحملون حصانه عطفنا الأخلاقى عليهم، نرفع التكليف عنهم باعتبارهم مرضى ولكن لا يشعرون.

Tuesday, October 31, 2006

البحث عن دوابنا الثقافية

لأن التاريخ لا يمجد غير الشرفاء ولا يخط غير فعل الأقوياء، شاع بين أهل التاريخ أنهم يحبون الحياة ويملكون إرادة التغيير ويصنعون حضارة الإنسان، ولأن عائلتنا منذ قرون تتسرب من التاريخ، تعانى مشاكل الانقراض وتستمرئ الانحدار الحضارى، لذلك اجتمع أصحاب الأمر من رجالنا مع الحكيمات من أمهاتنا، وقرروا أن تحتل عائلتنا مواقع الفخر فى كل البقاع، كان رجالنا أكثر التحاما بالطبيعة، يدبّون فى الأرض حفاة الأقدام يتدثرون من عرى بأسمال تستر أبدانهم، ويحطبون من جوع فقير الزاد وخشن الطعام، وكانت نساؤنا أكثر امتلاء بالحكمة يملكن قلوبا مليئة بالحب وأيدى ساعية بالخير، وأكف مرفوعة بالدعاء، وجلابيب طويلة يتعلق بها الأطفال، فانعقد أمر تفوّق عائلتنا على امتلاك دابّة للركوب تكفينا مسغبة السفر فى التاريخ حفاة عراة جائعين.
فى القرن الأول، كنّا نرحل فى الوديان وشقوق الجبال وراء الماعز، طلبا للمرعى وسعيا فى الخفاء وراء دواب الآخرين، فكانت الماعز هى دوابنا التى أبدعنا امتلاكها وركوبها، نأكل لحمها ونشرب لبنها ويكسونا شعرها، وحين بلغ صيت عائلتنا كل القفار، انتشرت الأحقاد والدّسائس ضدنا، حتى أن كل ولاة أمورنا أهملوا شكاوانا من هجوم الضباع على دوابنا، فعاد أهلنا حفاة فقراء من جديد، لكن الرّائع أن المأساة لم تكتمل، فقد فرح الكثيرون من فقرائنا بما فعلته الضباع، ذلك بأن الماعز لم يركبها من عائلتنا غير قصار القامة، أولئك الذين أورثونا قدرا كبيرا من حنكة ضرب الأسافين وزرع الشقاق بين البشر.
فى القرون التالية، كنّا نرحل فى الوديان والصحارى وراء الجمال، طلبا للمرعى وسعيا فى الخفاء وراء دواب الآخرين، فكانت الجمال هى دوابنا التى أبدعنا امتلاكها وركوبها، نأكل لحمها ونشرب لبنها ويكسونا وبرها، وحين بلغ صيت عائلتنا كل الفيافى، انتشرت الأحقاد والدّسائس ضدنا، حتى أن كل ولاة أمورنا تناسوا شكاوانا من هجوم الذئاب على دوابنا، فعاد أهلنا حفاة فقراء للمرّة الألف، لكن الرّائع أن المأساة لم تكتمل، فقد فرح الكثيرون من فقرائنا بما فعلته الذئاب، ذلك بأن الجمال لم يركبها من عائلتنا غير طوال القامة، أولئك الذين أورثونا قدراً كبيرا من البلاهة والسّفه.
فى القرن الأخير، وصلنى بعض ما فعله الأجداد فى عائلتنا الكريمة، فبعت كل ما ورثته من ماعز وجمال، واشتريت دابّة من ثقافة تكرس رزق العبيد، وسعيت وراء أكل عيشى فى تجارة المماليك وجلود المضحكين وآبار الزيت، وأقمت كشوف بركة يغشاها الشّحاذون وبعض الفقراء، ونشَرٌتُ مسارح رقص وخطب وصالات دُعاء واستغفار يملأها روّاد المآدب وصانعوا القرار، وحين ذاع صيتى لدى كل البنوك ومخرجى الأزمات، ترصّدنى الحسّاد وقاطعوا الطريق، يدفعوننى مع كل الضعاف من ولاة الأمور فى عائلتنا، نختبئ داخل حفر من موائد طعام وصدقات تنصب فى مواسم الغفران، موائد لا تستحى فيها عيون الجوعى وتموت بها قلوب المفكرين.
صورة الأقوياء فى عائلتنا لم تكتمل بعد، فبرغم أننا نمارس الحجاب والنقاب وستر العورة على عقولنا إلا أن فصيلا من أقويائنا لم ينقرض بعد، ومازال بيننا من يفكّر ويحمل رأيا ويبحث عن دواب ثقافية أكثر تحضرا تحملنا عبر الزمن ولا تنوء بعصبة الجهلاء منا، لكن سلطة القهر فى بلادنا ترى المفكر حاسدا وقاطع طريق، يدعو بالتّلف على ثقافة ورثنا تخلفها، ويتآمر على إيقاظ عقلنا الجمعى، ويشيع بين الحاسدين أن ثقافتنا الحاضرة فقيرة لا تملك غير الخديعة بأننا أقوياء، المفكر القوى فى بلادنا يرى أن ثقافتنا الحاضرة مهيضة لا تطرح غير فكر يحمى ولاة أمورنا من مستصغر الشرر.

Wednesday, October 04, 2006

مصر .. وتوريث الحكم

قضية توريث الحكم فى مصر تشغل كثيرا من وقت ومساحات الصحف وأجهزة الإعلام، بعض الكتاب يعقد مقارنات بين نظم الحكم الجمهورية فى كل من سوريا وكوريا الشمالية وأذربيجان، يذكر دكتاتورية الحزب الحاكم وما تقوم به أجهزة الإعلام من تأليه أو على الأقل تعظيم دور الحاكم الفرد ليكون المواطنون جاهزين لقبول فكرة توريث الحكم فى دولة يفترض أنها جمهورية، هذا البعض من الكتاب لا يرى توفر نفس الظروف فى مصر وبالتالى فلا توريث محتمل لجمال مبارك لحكم مصر وريثا عن أبيه حسنى مبارك رئيس الجمهورية الحالى.

معالجة قضية توريث الحكم فى حاجة إلى تعريفات بسيطة لمصطلحات أولية يسهل معها التنبؤ بمستقبل نظام الحكم فى مصر.

أولا تعريف النظام العسكرى، هو نظام حكم يعتمد فى تنفيذ خططه على الطاعة العمياء للجنود تجاه قياداتهم، الجندى عليه أن ينفذ الأوامر فى البداية ثم يتظلم مما يراه فاسدا من تلك الأوامر فى مرحلة تالية، هذا إذا وجد الجندى داخل النظام العسكرى فرصة أصيلة للتظلم، ثانيا تعريف النظام الأمنى، هو نظام حكم يعتمد فى تنفيذ خططه على معلومات رجال أمن يعملون فى مجال الأسٍرار غير المعلنة للجميع، وفى حالات الفساد الإدارى يغلب على رجل الأمن إلى أن يكون فاسدا مرتشيا، يأخذ رشوة من المواطن كى يغمض عينه عن سوءات المواطن وتجاوزاته (التعامل مع إدارات الحكم المحلي وشرطة المرور وتجار المخدرات، أمثلة) وأن يأخذ رشوة من الحاكم كى يحكم قبضة ذلك الحاكم على المواطنين (دخول بعض القيادات الأمنية المصرية تتجاوز مئة ألف جنيه شهريا فى بلد يعانى فيه أكثر من 40 % من سكانه من الفقر المدقع، مدير بمكتب الوزير كمال الشاذلى حصل بالترهيب أو الترغيب على إعفاءات قدرها مائة وعشرين ألف جنيه حصل كان مقررا أن يدفعها رسوما دراسية لتعليم بناته الثلاث فى مدرسة الليسيه بالهرم - مقال د.سعيد اللاوندى بجريدة الأهرام الاثنين 2/10/2006م ، أمثلة).

إن المراقب لنظام الحكم الحالى فى مصر لا يخطئ الوصول إلى نتيجة أنه نظام عسكرى وأمنى يحمل كثيرا من الصفات المبينة أعلاه، نظام يعتمد فى قراراته على جهود حزب يكاد يكون هو الوحيد المسموح له بالنشاط السياسى ويساعد النظام جهاز أمن متضخم، هكذا نظام الحكم فى مصر يحمل فى بنيته التحية نفس الركائز لأنظمة الحكم فى كوريا وسوريا وليبيا وأذربيجان واليمن، ويزيد فوقها انه نظام مدعوم بأثرياء رجال الأعمال، ومن المعروف أن رجل الأعمال الناجح يعمل بنظام عسكرى وأمنى ليضمن تحقيق أهدافه فى تحقيق المكاسب المادية، أعنى أن نظامنا الحالى فى مصر يملك بجدارة الأساس المشترك والضرورى لتفعيل طريقة التوريث فى الحكم، وإذا نظرنا إلى الخطوات التنفيذية لتوريث الحكم نجد أن البنية الإعلامية للنظام الحاكم فى مصر يحكم بعض آلياتها جهد علمي ومخطط يقصد تلميع الوريث جمال مبارك، نعم فى مصر صحافة معارضة تصيح وتعلن برفض التوريث لجمال مبارك دون أن تمسك هذه المعارضة بأسباب موضوعية توضح أن الرجل غير كفؤ (لم تتعرض صحيفة إلى نقد قرارات أصدرها أو إلى مشروعية ذمته المالية مثلا) ، هذا جانب إعلامى يصنع ضجيجا حول شخص لا تثبت عيوبه، وعلى الجانب الأخر توجد صحف وإعلام حكومى يظهران الرجل على انه صاحب قدرات ومزايا دون عيوب، هكذا مجمل الإعلام المصرى يظهر أن جمال مبارك شخص له مزايا أو على الأقل ليس لديه عيوب، ويحدث الضجيج والزخم الإعلامى تساؤلات تنويرية تحوم حول عقول البسطاء عن الحاكم القادم، هى تساؤلات برقية تحاصرها شيوع حالات الترهيب والترغيب حول كل مواطن، هكذا يتوطن لدى الجمهور الغالب فى مصر، الذى لا يملك قدرات فاعله للاختيار الحر، أن الرئيس القادم هو جمال مبارك، وينتشر بين الناس مقولة شعبية ، هى اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش.

إن مستقبل نظام الحكم فى مصر من حيث الصلاح أو الفساد قرين بمدى ما نحرزه نحن المصريين من إجابات واقعية للأسئلة التالية، هل يمكن تحييد الجيش بعيدا عن السياسة لنتخلص من عيوب النظام العسكرى؟، هل يمكننا تقوية القضاء ورفع قانون الطوارئ وتحسين البنية الإدارية فى مصر لنتخلص من مساوئ النظام الأمنى؟ هل يمكننا أن نروض رجال الأعمال بأدوات موضوعية ليكونوا رجالا أخلاقيين يكسبوا أرباحهم دون الإضرار بمصالح البلاد أو العباد؟ هل يمكننا أن نجد صحافة حرة وإعلام موضوعى تذكر المزايا والعيوب لكل مواطن يشغل منصبا سياسيا، سواء أكان جمال مبارك أو غيره؟، إجابة هذه الأسئلة يحتاج إلى عشرات من المفكرين والساسة ليضعوا الحلول فى متناول المصريين، والإجابة بعيدة المنال.

هذا بعض ما أراه من تحليل موضوعى لحالة الحكم فى مصر، ويقودنى هذا التحليل لنتيجة مفادها أن التوريث قادم إلى مصر، إلا إذا تغيرت الظروف بفعل فاعل، مات هذا أو قتل ذلك أو تنحى الاثنان معا، أو أن يخيب ظنى ويأتى الله بخلق جديد يحبون مصر ويدركون أن مصر لا تستحق التوريث، ويعملون على إرساء الحرية للجميع.

آواه يا مصر يا بلدى، إذا ظلت الأمور فيك كما هى عليه الآن، فانى أعلن تشاؤمى على مستقبل المصريين، وقبل أن يحيق بنا الفساد القادم أعلن رأيى الشخصى انه لو أتيحت لى فرصة حقيقية للانتخاب الحر فلن أوافق على ترشيح جمال مبارك رئيسا لمصر.

Wednesday, September 27, 2006

من كان منكم بلا أمير

مئات من الفتاوى الدينية تصدر كل يوم، بعضها يعد بالجحيم وبعضها الأخر يمنح صكوك الغفران، هى مئات من الفتاوى المتعارضة على نفس الموقف، فوائد البنوك وعمل المرأة أمثلة، والناس فى بلادنا طيبون متآمرون جهلاء، يسعون فى الحياة بلؤم ومداهنة وخبث.

ببساطه، إذا كان القرآن هو الأساس الأول فى التشريع الإسلامى ويأتى صحيح السنة فى المرتبة الثانية، وإذا كان الكثير من الآيات والأحاديث يصعب فهمه أو تناول حيثياته أمام عقل المسلم البسيط، وإذا ظل المسلمون بعيدين عن استخدام العلم فى مواجهة ما يستجد من أمور حياتهم، هكذا فان العقل الإسلامى سيبقى عاريا إلا من أساطير فى مواجهة فتاوى فقهاء السلطان، عقل عار لا يستطيع الفصل بين الغث والثمين، عقل أسطورى لا ينجح فى تجاوز فقهاء السلطان وقدسية فتاواهم، عقل يعانى من ذلك التخلف المريع الذى نحياه فى اوطاننا.

العقلاء يدركون أن الفقيه المعروف فى عصره، وكان هو الأولى بإتباع فتاواه، هو إنسان يحتاج أولا إلى علم ويحتاج ثانيا إلى سلطه إعلاميه تنشر ما توصل إليه من علم، فالناس لا يعرفون العلم إلا من خلال سلطة عقلية تصنعه وسلطة إعلامية تنشره، هكذا ببساطة يصنع العقل الجمعى وتضغط السلطة على فتاوى السلطان، ويسرى بين البسطاء والسذج أن هناك فروقا مقدسة بين فتوى فقيه ورأى عالم.

فى بلادنا بسطاء كثيرون يرون (من جهل أو من مصلحة) أن فقهاء الوهابية فى الحرم المكى أكثر قدسية من فقهاء السنة فى الأزهر، أو يرون أن أهل الأزهر أكثر اقترابا من ولاية الحق عن فقهاء الشيعة فى النجف الأشرف، هؤلاء البسطاء يحارون فى فهم الأسلوب الأجدى إنسانيا لتسيير أمور حياتهم،انهم جهلاء لا يعلمون أن فقهاء الحرم أو الأزهر أو النجف أو قناة التلفزيون أو مجلات الحائط هم علماء دين حبيس لا ينشر دون الاستعانة بسلطة فاعل، سواء كان هذا الفاعل ملكا خادما للحرمين أو رئيسا فى الأزهر أو إماما معصوما فى قم أو مختبئا فى النجف أو وزيرا فى التلفزيون أو مجندا فى مباحث امن الدولة أو مولاى فى المغرب، كل واحد من هذه السلاطين يعطى بركاته وسلطاته لمن يراه فقيها يؤيد بفتاواه جدوى بطش السلطان، هكذا تنتشر فى بلادنا تجارة رائجة بكل دين، ونقف مكتوفى الأيدى دون الأخذ بأسباب العلم لنخرج من تخلفنا، لا نعرف أن ما يبقى صالحا فى الأرض هو الفكر الموضوعى ، فكر يبنى على العقل، ويقبل محنة الجدل، وينسب قدسية الفكرة إلى مدى صلاحيتها لتحقيق تطور الإنسان.

أنا شخصيا أعيش عصر العلم وصناعة المعلومات، أفرق بين نص دينى أومن بثوابته وبين فتاوى حياتية اقضى بها على مشاكلى اليومية، لا تعنينى من أين تصدر الفتاوى الدينية فيما يستجد من معارف ومعارك حياتية، فلا عصمة لإنسان بعد نبى، أنا أتناول ما يستغلق على عقلى من فتاوى وأردها إلى قلبى استفتيه المعرفة، فان أصاب الرضى قلبى فعلت بالفتوى، وان أشاح الرضى عنه رفضتها، ولا يعنينى فى طلب الرضا أن يكون قلبى فظا أو غليظا، سائلا الله فى كل حال أن يرزقنى عبادة كعبادة العوام، عبادة بشر يحتكون بالحياة ولا يصادرون على أنفسهم حرية الفكر أو عشق الجدل، فليس فى عصرنا من هو أعلم أهل عصرنا، ففى عصرور التقدم البشرى ينسب كل فكر إلى مدى صلاحيته فى تحقيق حرية الإنسان، ومن كان لا يدرك أن الفتاوى الدينية يصنعها فقيه تحت إمرة حاكم، ويدرك أن نظريات العلم يصنعها باحث حر فوق سلطة الحاكم، فانه يدرك أهمية النداء إلى حرية العقل، وفى عصرنا من كان منا يحكم بلا أمير متسلط ،فليأتنا بفقيه ناصح.

Thursday, September 21, 2006

فى انتظار بنت الملك

فى طفولتى المبكرة، كنا أولاد الحارة صبيانا وبناتا نلعب الاستغماية، بعضنا يختبئ وراء أكوام السباخ والقش والحطب والزرائب، ولسبب غير مبرر كانت احدى بنات الجيران تفترى علينا أثناء لعبة الاستغماية، سريعة الجرى تطاردنا حول أماكن اختبائنا، حين يأتى دورها فى المطاردة تنجح بسرعة فى الامساك بى، تجرنى من قفاى إلى الأماية مكان تجمعنا، تصيح على مشهد من الجميع هيه مسكت العجل، عند هزيمتى اضرب الأرض واغضب واقسم لفريقنا أن بنت الجيران لم تمسكنى، وكيف تمسكنى اى بنت للجيران وأنا أسرع فى الجرى من كلب خالتى نزهة، وحين يكرر أولاد حارتنا شهادتهم على هزيمتى من بنت الجيران أغضب وأهدد بالانسحاب من كل فرق اللعب الرياضية فى حارتنا وأسرف الوعيد لبنت الجيران بأننى سأغلبها فى المرة القادمة وأننى سأتزوج أفضل منها ألف مره، وفى يوم مشهود أقسمت أمام أولاد حارتنا أننى سأتزوج بنت الملك.
حين أصبحت تلميذا فى الابتدائى اقتصر عالم مبارياتى الرياضية على اللعب مع الأولاد دون البنات وتأكد لأهل قريتنا أن الملك فاروق غادر مصر بعد خلعه عن العرش، وأن قوما آخرين استلموا العرش هكذا انشغل بعض أهلنا فى التعرف على نظام الحكم الجمهورى الجديد، ونسيت أن ابذل جهدا كافيا للتأكد من أن فاروق أنجب بنات صالحات ترضين طموحاتى فى الزواج من بنت الملك.
حين أصبحت طالبا جامعيا انشغلت بالدراسة مع وضع الصورة المناسبة للأميرة بنت الملك التى سأتزوجها، ولأننى لم أعاشر فاروق فى النظام الملكى ولم أكن عضوا فاعلا بالنظام الجمهورى الجديد، وجدتنى لا أحسن التفرقة بين الملك وبين رئيس الجمهورية، وحين حصلت على الشهادة الجامعية وشغلت وظيفة حكومية كان رئيس الجمهورية قد أصبح هو الملك الجديد، عندها اشتركت فى أول جمعية مالية مع زملائى وبعض أولاد حارتنا، هى خمسة جنيهات شهرية يدفعها كل فرد من عشرين فردا لتكون مائة جنية يحصل عليها كل مشترك حسب دوره فى الترتيب، وحين دخلت الجمعية الثالثة وأصبحت على مقربة من الثلاثمائة جنيه وهو مبلغ كاف فى ستينات القرن الماضى لشراء ثلاثة حمير أو بقرة عُشًر أو جاموسة ناصحة أو تجهيز زوجة طيبة، اكتشفت أن الملك رئيس الجمهورية رجل عسكرى، ولأننى فلاح يعانى الأمرين من تعنت العسكريين رأيت أن الملك الرئيس لا بد أن يفضل العسكريين أزواجا لبناته فعزفت مؤقتا عن الزواج من بنت الملك الرئيس، وفى هذه المرة ايضا نسيت الاهتمام بمعرفة بنات الملك الرئيس ولم أضع معاييرا لصلاحيتهن زوجات لى، وحين تأكدت أنى من فصيل غلابة الموظفين ولست من فصيل كبار العسكريين أو المثقفين وجدتنى مواطنا خارج دائرة المؤسسات الحزبية لم أصب منصبا كبيرا هنا ولم يعدنى أحد بمنصب اكبر هناك، قررت أن أعيش عيشة أهلى وأتزوج بنت عادية مرجئا زواجى من بنت الملك الرئيس لحين ميسرة، هكذا سارت بى الدنيا موظفا رقيق الحال وأصبحت مع رقتى أبا وزوجا عاديا أتدرب كل يوم على الصبر والاصطبار على نكد الحكومة والدولة والزوجة والأولاد.
منذ ثلاثة أعوام فقط وبعد تجرع نكد الزواج وغلاسة الأولاد طوال أكثر من ربع قرن، رأيتنى حصانا عزيزا ذل بالزواج، رأيتنى خيلا حكوميا عجوزا يجهزون العدة لاغتياله، لا حرية لى فى اختيار قاتلى ولا رأى ولا قول مسموع، فقررت أن استعيد بعضا من إرادتى واستنفر قدرتى على الرفض وأن أقول للزواج الماسخ لا، أن أقول انا هنا اختار لقاتلى ساحة الأعدام، وقررت أن اترك البيت والزوجة والأولاد أهيم فى ارض الوطن وأسعى جاهدا لتحقيق حلمى القديم فى الزواج من بنت الملك، هذه المرة بنت الملك رئيس الجمهورية، وبدأت افتح أذناى واسمع دبيب النمل ساعيا لجمع المعلومات عن الزوجة المرتقبة، عند محطة بنزين كبيرة قال سائق الأتوبيس هذه محطة بنزين ابن رئيس الجمهورية، وعند أول جلسة تسرية بين أصدقاء عن نكد الزوجات قال احدهم أن ابن رئيس الجمهورية يريد فتح جدار شقته الصغيرة فى أسوان ويصلها بشقته الصغيرة فى الإسكندرية، وان شقتيه الصغيرتين اشتراهما من مصروفه الخاص، وفى جلسة من جلسات النميمة على القيادات الحزبية والمدنية وموظفى المحليات وسياسات الجواز والطلاق والحكم والديمقراطية اجمع الجالسون على أن الملك الرئيس ليس لديه بنات بالمرة، واقسم كثير منهم أن لدية معلومات مؤكدة أنه رغم العمر المديد والصحة الحديد لملكنا الرئيس، أمد الله فى عمره وعافاه، فانه لا يفكر فى إنجاب بنات، وحين قرأت الصحف وفتحت التلفاز وشاهدت الملصقات تدعونى بالتعقل وأن أعود إلى البيت والزوجة والأولاد رجلا نصف متزوج أفضل من عجوز مشرد، رأيت من يؤكد فى الصحف ومجلس الشعب ودواوين الحكومة أن فى مصر ليس هناك ملك، ويؤكد أن فى مصر رئيس جمهورية دستورى ليس منجبا للبنات، هو ليس ملكا ولكنه ملك رئيس، وحين تأكدت بنفسى من هذه الوقائع رأيت بداية انهيار أحلامى، هكذا سأموت دون الزواج من بنت الملك، سأموت مكسور الجناح حانثا فى يمين أقسمته أمام الجموع من أولاد حارتنا، وبدأت الناس تمضغ مأساتى وتلوك سيرتى وتصنع ضجيجا متعمدا مع ابن الملك الرئيس أو ضده ، يصنعون دعاية ضخمة فى كل وسائل الإعلان وكأنه ليس مثل ابن الملك الرئيس أحد ملك رئيس، وان ابن الملك الرئيس إنسان عبقرى جرئ مقدام اتخذ خطوة نحو الزواج وخطب فتاه ليست بنت ملك، هكذا وجدتنى عائلا دون أن أغنى، لا يبقى لى من شأن فى هذه البلاد غير الدعاء لأبن الملك الرئيس أن يتزوج فعلا وأن يكون متخصصا فى إنجاب البنات دون الأولاد، أدعو له بالخصوبة وإنجاب آلاف البنات، ففى بلادنا ابن الرئيس هو ملك رئيس، وبنات الرئيس هن أميرات رئيس، وفى بلادنا فقهاء يفسرون مواد الدستور على أن يكون رئيسنا القادم هو ملك رئيس، هكذا حين يتحقق رجائى ويطيب دعائى بأن ينجب ملكنا الرئيس القادم دون الذكور آلافا من البنات الجميلات، وحين نملك من المؤسسات ما يجعلنا نتمسك بروح دستورنا الحالى بأن يكون ملكنا رجلا رئيس، عندها سيكون ملكنا الرئيس القادم دكتاتورا عظيما يخشى الرجال أن يناسبوه، وستبقى لدية ثلاث أو أربع من بناته أميرات رئيس عانسات تشحذن الاقتران بظل أى رجل، عندها ستأتينى فى آخر العمر أكثر من فرصة مواتية للزواج من بنت الملك الرئيس، وسيجد أولاد حارتنا فرصة حقيقية ينتخبون فيها يملئ إرادتهم رئيس جمهورية لبلادنا، رجلا من أبناء الشعب غير وارث لسلطة أو مورّث لدولة أو متزوجا من بنت ملك.